كنز معماري في الكرنك..مبنى طهارقة بجانب البحيرة المقدسة بالأقصر شاهد على العلاقة بين المعمار والدين
يقع مبنى طهارقة، والذي زارة السفير الفرنسي بالقاهرة، ايريك شوفاليية، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد اسماعيل،لمتابعة أعمال تطويرة، بجانب البحيرة المقدسة في الجزء الشمالي من مجمع معابد الكرنك، وهو أحد المعالم المميزة التي تُبرز عظمة الحضارة المصرية القديمة خلال حكم الأسرة ال25.
مبنى طهارقة بجانب البحيرة المقدسة بالأقصر شاهد على العلاقة بين المعمار والدين
وقالت دكتورة أميرة فوزى على ابراهيم، مفتش اثار الكرنك، وعضو المركز المصرى الفرنسى بالكرنك،نائب مدير مشروع طهرقا للقاهرة 24: انة تم تشييد المبنى خلال عهد الملك طهارقة، الذي يُعد واحدًا من أعظم ملوك الأسرة الكوشية الذين حكموا مصر في فترة استثنائية من تاريخها.
واضافت أميرة: يتميز هذا المبنى بتصميم معماري فريد من نوعه، يتألف من مستويين يُظهران إبداع المصريين القدماء في الدمج بين الطقوس الدينية والعمارة الجنائزية.
و أكملت: على الرغم من أن المبنى تعرض لدمار كبير في القرن الرابع الميلادي، عندما تم تدمير جزء كبير من هيكله لإفساح الطريق لنقل المسلة الشرقية إلى روما، إلا أن المستوى السفلي من المبنى لا يزال قائمًا، حيث يضم العديد من الغرف المزينة بنقوش تصور مشاهد دينية، بما في ذلك طقوس تطهير الملك طهارقة واستعداده لمقابلة الآلهة.
مشروع الحفاظ والترميم (2024-2027)
وقالت أميرة: أطلق المركز المصرى الفرنسى لدراسة معابد الكرنك برنامجًا طموحًا لترميم وحفظ ما تبقى من مبنى طهارقة، حيث يمتد هذا المشروع حتى عام 2027، ويهدف إلى الحفاظ على الهياكل المتبقية للمبنى، بما في ذلك الدرج الداخلي وسلسلة من أربع غرف مزينة بنقوش استثنائية تسجل رحلة الإله آمون اليومية في صورته الشمسية، إلى جانب ارتباطه بطقوس دينية استمرت لعشرة أيام في منطقة تل جيمة بهابو
وأشارت أميرة: أنه بجانب الترميم، يهدف المشروع إلى استئناف الدراسات الأثرية حول المبنى. فبعد مشروع بدأ منذ عام 2016، سيتم توثيق الكتل المتناثرة من الطابق العلوي المدمر للمبنى، بهدف إعادة بناء الزخارف التي كانت تزين الفناء المحيط بالأعمدة والغرف الداخلية
و أضافت: سيتم إجراء دراسة جديدة لبقايا مبنى شاباكا، الذي استُخدمت عناصره المعمارية في بناء مبنى طهارقة. هذه الدراسة ستساعد في الكشف عن أسرار هذا المبنى الذي تم تفكيكه من قبل خليفة شاباكا وهو الملك طهرقه، ربما لاستبداله بالمبنى الحالي.
أهمية معمارية ودينية فريدة
و نوهت أميرة: أن تصميم مبنى طهارقة يعكس تأثيرات من العمارة الجنائزية المصرية، وخاصة تلك الموجودة في مقابر الأسرات القديمة. على سبيل المثال، يُظهر الفناء المفتوح للمبنى تشابهًا مع معابد الشمس في منطقة أبو غروب ومجمعات المقابر الملكية والخاصة من الأسرة الخامسة والسادسة. ويعد هذا المبنى شاهدًا على تطور طقوس العبادة والعمارة الدينية في مصر القديمة، حيث أُعيد إحياء الطقوس المرتبطة بالإله رع وإعادة ميلاد الشمس.
وتابعت أميرة: يتمتع المبنى بالعديد من النقوش التي تُظهر مشاهد معقدة من الطقوس الدينية. سيتم توثيق هذه الكتل المتناثرة، التي تم العثور عليها مخزنة على منصات في الكرنك، بهدف تقديم دراسة شاملة لبرنامج الزخارف الذي كان يزين المبنى، بما في ذلك النقوش التي تتعلق بطقوس الشمس وعبادة الإله رع.
وأوضحت أميرة: أنه يتم التركيز الحالي على ترميم الغرف السفلية، وسيتم تنفيذ عملية أثرية في المرحلة الثانية من المشروع، ستكشف عن الجدران المتبقية من المبنى، التي تم بناؤها باستخدام العديد من الكتل المعاد استخدامها من مبنى شاباكا.
واكملت: هذه الدراسة ستمكننا من فهم مراحل الاحتلال المختلفة لهذه المنطقة شمال البحيرة المقدسة، وستقدم رؤى جديدة حول تطور المعمار المصري في الكرنك.
نقوش طهارقة والطقوس الجنائزية
واضافت أميرة: يحتوي مبنى طهارقة على العديد من النقوش التي تمثل طقوس الشمس، بما في ذلك مشاهد تُظهر الملك وهو يقوم بتقديم القرابين للآلهة ويستعد للقاء آمون، والنقوش داخل الغرف السفلية تصف مشاهد من إعادة ميلاد الشمس، مع مشاهد طقوس الحماية ومهرجانات دينية تهدف إلى تعزيز النظام الطبيعي وحماية المعابد.
وقالت أميرة: إن إعادة ترميم وحفظ مبنى طهارقة في الكرنك يعد خطوة هامة في الحفاظ على التراث المصري القديم، حيث يعكس المبنى ببنيته ونقوشه الطقسية مدى تعقيد وتطور الفكر الديني والعمارة في تلك الفترة، بالإضافة إلى ذلك، تسلط الأبحاث المستمرة حول المبنى الضوء على تأثير الطقوس الشمسية والجنائزية على العمارة الدينية في مصر القديمة، مما يعزز من أهمية هذا الصرح كجزء من تراث حضاري عالمي.
واكملت: يمثل مبنى طهارقة بجانب البحيرة المقدسة في الكرنك أحد أهم المعالم الأثرية التي تعكس قوة الفكر الديني والعمارة الجنائزية في مصر القديمة، ومع استمرار جهود الترميم والدراسة، سيتم استعادة هذا المبنى إلى مجده السابق، مما سيساهم في تعزيز فهمنا للعلاقة بين المعمار والدين في واحدة من أقدم الحضارات في التاريخ.