زاحفون من الصعيد.. 2 مليون محب يشدون الرحال إلى طنطا احتفالا بمولد السيد البدوي
بقلوبٍ معلقة بحب الأولياء والتبرك بأضرحة العارفين، يستعد المريدون للاحتفال بمولد العارف بالله السيد البدوي أحد أقطاب الصوفية الأربعة، ينشدون تقرّبًا إلى شيخ العرب صاحب الكرامات، ففي أكتوبر من كل عام يشد الصوفيون ومحبو الأولياء الترحال إلى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، ليشكلوا واحدة من أكبر الاحتفالات الدينية في مصر، عندما تحتشد الجموع قبالة ضريح السيد البدوي، وسط أهازيج من المدائح والإنشاد الديني.
2 مليون محب يشدون الرحال إلى طنطا احتفالا بمولد السيد البدوي
أنا جاي من الشرقية ورايح السنة دي مولد السيد البدوي.. بتلك الكلمات بدأ أحمد المغربي حديثه مع القاهرة 24، حول احتفاله بمولد السيد البدوي، موضحًا أنه ينتظر المولد كل عام شوقا لزيارة البدوي وسبيلا للترفيه، فيما يحب صغاره تلك الزيارة وينتظرونها من عام إلى الآخر، ولكن زيارته هذا العام تأتي وفاءً بوعده الذي قطعه على نفسه أمام نجله أسامة العام الماضي، ويصطحبه في رحلة إلى السيد البدوي؛ إذ تهفو روحه لزيارة تغسل هموم أيامه، كما يقول.
ويقول إنه وعد نجله أسامة، طالب في الصف الأول الإعدادي، بزيارة للسيد البدوي منذ العام الماضي، لإبداء رغبته في الزيارة كل عام، فيما يقول الأب إن الزيارة تمثل له حالة خاصة، قائلًا: لما بروح أزور سيدنا البدوي بحس بتجديد روحي، كأن روحي بترجع لي تاني، بدعي هناك بكل حاجة بتمناها، بخرج من ضغوط الدنيا ومشاغلها، وروحي بتتعلق في السما.
سيدة خلف، ساقها الشوق لتأتي من صعيد مصر، حيث محافظة سوهاج إلى مدينة طنطا مع مولد السيد البدوي، على رغم من كبر سنها وبعد المسافة، مردفة: جياله من سوهاج وحدي.. مشتاقة مش طالبة منه حاجة، جاية أزور وأسلم على حضرته وعلى آل بيت سيدنا النبي، في ليلة مباركة زي ليلة مولد السيد البدوي.
وتضيف السيدة الستينية: الناس كلها بتيجي في المولد من كل المحافظات، طالبين العون والمدد، اللي عايزة تخلف واللي عايزة ابنها يخلف، واللي عايزة تتجوز، واللي بتدعي لولادها بالهداية، وكلنا جايين ناخد البركة من ريحة سيدنا النبي وحتة منه من سليل آل البيت سيدي أحمد البدوي، متابعة أنها ستمكث خلال أيام المولد الثمانية في خيمة من الخيام التي تنصب بجوار المسجد حتى ترتوي روحها العطشة بالروحانيات والذكر.
وتواصل: لم أحظَ بتعليم ولم تُمحَ أميتي، ولكن حب آل البيت هو بالفطرة ولا يحتاج للعلم أو التعلم، وخلال أيام المولد تعلمني حلقات الذكر اليومية أشياء جديدة، كما أن الدروس تنور بصيرتنا بأمور دينية كنت أجهلها.
توقعات بتخطي الزوار حاجز الـ 2 مليون هذا العام
من جانبه، يتوقع الدكتور نوح العيسوي مدير أوقاف محافظة الغربية، أن يتخطى زوار مولد السيد أحمد البدوي هذا العام أكثر من 2 مليون زائر، وهو عدد صخم، مؤكدًا استعدادات وزارة الأوقاف التامة لهذا الحدث الكبير للخروج به بالشكل الذي يليق بالوزارة، والذي سيبدأ غدًا الجمعة 11 أكتوبر وسيستمر حتى الجمعة المقبلة 18 أكتوبر.
وأوضح الدكتور نوح العيسوي، لـ القاهرة 24، أنهم شكلوا لجنة مختصة للاهتمام بمولد السيد البدوي، قائلًا: اهتممنا بشكل كبير بنظافة المسجد لاستقبال الجمهور وتكثيف الأنشطة الدعوية داخل المسجد، من خلال إقامة الدروس الدينية والثقافية والمدارس العلمية على مدار اليوم الكامل، بداية من صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء لمدة أسبوع متواصل.
وأشار إلى تشكيل مديرية أوقاف الغربية غرفة عمليات بالمسجد لتلاشي الظرف والمشكلات وحلها مباشرة بالتنسيق الكامل مع جميع الهيئات المعنية بهذا الأمر، سواء كانت أمنية أو مع المحافظة نفسها، للحفاظ على الصورة اللائقة بهذا الحدث المهم، متابعًا: إضافة للمتابعة على المساجد المحيطة بمسجد سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه، نظرا لكثرة الزائرين هذا العام.
وحول استعدادات الطرق الصوفية، يقول أحمد قنديل، المتحدث باسم المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن الطرق الصوفية على استعداد تام لاستقبال مولد سيدي أحمد البدوي، لافتًا إلى التجهيزات المسبقة التي اتبعها المجلس الأعلى والتنسيق مع جميع الجهات المعنية بالأمر للخروج بشكل مبهر بهذا الحدث الديني المهم.
ويضيف أحمد قنديل لـ القاهرة 24، أن الأربعاء المقبل سيكون الحفل الختامي للمولد وسيحضره شيخ المشايخ الصوفية الدكتور عبدالهادي القصبي، ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية والشعبية، ومشايخ الطرق وأعضاء المجلس الأعلى، لافتًا إلى أن هذا الحفل تكمن أهميته في أن ملايين المواطنين يشهدوه.
ويوضح المتحدث باسم المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن الهدف من هذا الحفل نشر التصوف بالأدلة العلمية ودور مشيخة الطرق الصوفية يتركز على هذه النقطة، لافتًا إلى أن حياة السيد البدوي كانت مليئة بالعبادة والتقوى، إذ كان يكرس وقته وجهده لخدمة الدين والمجتمع، دون انحياز إلى أي مصالح شخصية أو مادية.
كرامات السيد البدوي
جدير بالذكر، السيد أحمد بن السيد علي البدري، والشهير بالسيد أحمد البدوي، من أولياء التصوف، وهو ثالث أقطاب الولاية الأربعة عند الصوفية، لكنه على عظم مكانته عند الصوفية، يثار هجوم عليه بشكل متكرر من التيارات السلفية.
ولد السيد أحمد البدوي عام 596هـ ثم انتقل إلى مكة، ودخل مصر في أيام الملك الظاهر بيبرس وعظم شأنه في مصر، فانتسب إلى طريقته جمهور كبير، وانتقل إلى الرفيق الأعلى ودفن بطنطا سنة 675هـ، فيما تقام كل عام في الحادي عشر من أكتوبر مولد السيد البدوي ويفيد إليه الناس من جميع أنحاء القطر المصري.
وينتهي نسبه من جهة أبيه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ويُنسب إليه العديد من الكرامات، أشهرها ما يتداوله العامة أنه كان ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم في الحروب الصليبية، ولذلك انتشرت مقولة في التراث الشعبي المصري هي الله الله يا بدوي جاب اليسرى، أي أن البدوي قد جاء بالأسرى.
