بين الماضي والحاضر.. كيف أصبحت حلوى المولد عادة متوارثة ومصدر رزق ينتظره الجميع؟ | خاص
تتزين الأسواق والشوارع المصرية بالألوان والأنوار، مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، وتنتشر شوادر ومعارض بيع حلوى المولد بجميع أشكالها وأنواعها، على الرغم من التحديات الاقتصادية والارتفاع المستمر في الأسعار، فإن هذه المناسبة الدينية العزيزة لا تزال تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين، الذين يحرصون على الاحتفال بها كل عام.
معارض حلوى المولد والاستعداد بذكرى المولد النبوي الشريف
وفي إحدى الأسواق الشعبية بمحافظة الجيزة التي تشتهر ببيع حلوى المولد، قال الحاج محمود محمد والذي يبلغ من العمر 65 عاما، صاحب معرض بيع حلوى المولد، والذي يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 30 عامًا، في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، إن حلوى المولد النبوي الشريف هي تقليد عائلي ورثه عن جده منذ عام 1950، وهذا الموسم ننتظره كل عام بفارغ الصبر، ويبدأ التحضير له قبل شهر على الأقل لضمان توفر كل أنواع الحلوى التي يحبها الناس، وهذا العام كانت التحديات أكبر بسبب ارتفاع الأسعار، ولكن نحاول أن نراعي ذلك في التسعير حتى لا يفقد الناس قدرتهم على الشراء.
وأضاف الحاج محمود محمد، أنه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية، لا يزال الإقبال جيدًا، فالمولد النبوي مناسبة دينية مهمة في مصر، والناس يعتبرون شراء الحلاوة تقليدًا لا يمكن الاستغناء عنه.
تأثير الأوضاع الاقتصادية على التجار والعمال
ومع الحديث مع بعض العمال الذين يعملون في الشوادر، أشار محمد عادل الذي يبلغ من العمر 27 عامًا، أحد العاملين في بيع حلوى المولد النبوي، إلى أن هناك تغييرات واضحة في الموسم هذا العام، وبالفعل الأسعار ارتفعت مقارنة بالسنوات السابقة، ولكن الناس ما زالوا يشترون، ربما الكميات التي يشتريها البعض أقل، ولكن الشراء لا يتوقف، كما أن هناك أيضًا طلب على الأنواع الأرخص من الحلاوة مثل السمسمية والفولية.
وأضاف أسامة عامر، عامل آخر والذي يبلغ من العمر 35 عامًا، أعمل في هذا المعرض منذ سنوات، ورغم التحديات، نرى نفس الحماس من الزبائن، كما أن الناس تحب هذه المناسبة ويريدون أن يستمروا في الاحتفال بها، حتى لو بتقليل الكميات أو شراء أنواع أرخص.
وأوضح عامل آخر يدعي حازم السيد، أن موسم العودة إلى المدارس يتزامن هذا العام مع موسم حلوى المولد، ما يزيد من التحديات أمام المواطنين الذين يضطرون للاختيار بين شراء مستلزمات الدراسة وحلويات المولد مثل، مضيفًا أن الطلب يتركز على السمسمية والفولية والحمصية، تليها جميع أنواع الحلوى الأخرى، وأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة جعلت حلوى المولد تعتبر من الكماليات، بينما تعد مصاريف المدارس أولوية.
آراء المستهلكين وتأثير الأسعار على قراراتهم
ومع الحديث مع سيدة تدعى أم ياسين، وهي تشتري الحلوى المولد لأطفالها، قالت اعتدت كل عام أن أشتري الحلوى، فهي عادة توارثناها من أجدادنا، ولا أستطيع أن أتخيل موسم المولد النبوي بدونها، وهذا العام، لاحظت أن الأسعار مرتفعة، ولكني قررت أن أشتري كميات أقل من المعتاد حتى أتمكن من إسعاد أطفالي.
وفي حديث مع سيدة أخرى تدعى هدى بدوي، والتي كانت تتسوق مع ابنها الصغير، أكدت أن حلوى المولد النبوي الشريف لها طابع خاص في هذه المناسبة، حيث قالت النسبة لي، شراء حلوى المولد ليس مجرد عادة بل هو جزء من الاحتفال بهذه المناسبة الدينية العزيزة، والأسعار أثرت علينا بعض الشيء، ولكني أحاول دائمًا أن أجد طريقة لتلبية رغبات أطفالي دون التأثير الكبير على ميزانية الأسرة.
الشوادر والمعارض بين الماضي والحاضر
وعلى الرغم من أن فكرة شوادر ومعارض حلوى المولد تعود لسنوات طويلة، إلا أن هناك اختلافًا في طريقة العرض والتسويق عبر السنين، حيث أشار الحاج عبد الله عبد الرحمن، أحد التجار القدامى والذي يبلغ من العمر 75 عامًا، في الماضي، كانت حلاوة المولد تباع بطريقة بسيطة، وكانت الخيارات محدودة، لكن اليوم نرى تنوعًا كبيرًا في الأنواع والأشكال، كما أن الناس الآن يبحثون عن الحلويات المزخرفة والأكثر تميزًا، ما جعلنا ندخل تحسينات على منتجاتنا.
الأطفال وسعادة الحلوى
وكان من الملفت للنظر تواجد العديد من الأمهات مع أطفالهن وهم يشترون الحلاوة، وجد طفل صغير يدعى ياسين أحمد، وعندما سألناه عن أكثر نوع من الحلاوة يحبه، أجاب بكل حماس، أحب الحصان المصنوع من السكر، ماما تشتري لي كل سنة واحد جديد، فيما أكدت والدته على أن شراء حلاوة المولد هو طقس سنوي لا يمكن الاستغناء عنه، وينتظرون هذا الموسم بفارغ الصبر، واعتبروا جزءًا من تربيتهم على الحفاظ على التراث.
حلوى المولد النبوي والاحتفالات الشعبية
ويظل المولد النبوي مناسبة تحمل في طياتها البهجة والتقاليد التي لا يمكن الاستغناء عنها، والاحتفال بالمولد النبوي الشريف لا يزال ينبض بالحياة في الأسواق والشوادر المصرية، رغم التحديات الاقتصادية، وغلاء الأسعار التي تواجهها الأسر، سواء كان الاحتفال بكمية صغيرة أو كبيرة، ومن الواضح أن حب المصريين لهذه المناسبة يفوق أي صعوبات اقتصادية، ويظل الشراء والتوزيع جزءًا أصيلًا من فرحة المولد النبوي.
