المجد للمجتهدين.. كيف اختلط قانون الجذب بكرة القدم في إنجازات 2023؟
رغم بساطة لعبة كرة القدم التي تقتصر متابعتنا لها على مباراة من 90 دقيقة نشاهدها ونتأثر بها وقد تتحكم في مزاجنا العام، بجانب بعض الأشياء المحيطة بها من أخبار وخلافه، ولكن دائما تفاجئنا هذه اللعبة بتعقيد في بعض جوانبها، أو ارتباطها بأشياء وقوانين كونية حولنا دون أن نشعر بذلك، ولكن هذا ما يزيد مكانتها لدينا كلما اكتشفنا أمرا جديدا عنها.
هذه المرة أو الموسم بالتحديد 2022/2023، رأينا لعبة كرة القدم التي تتصف أحيانا بالظلم، ترتدي عباءة العدل وتجوب داخل كل ملعب شهد حدثا مهما، وتنظر للمتواجدين في الملعب لترى من هو الأكثر اجتهادا وتمنحه مكافأته سواء بحصد لقب أو تحقيق رقم قياسي أو حتى إنجاز الصعود من دوري أدنى إلى الدرجة الأعلى منه، ولكن هل فكرنا أن خلف هذه العباءة يتواجد قانون ارتبطت به كرة القدم هذا العام وهو قانون الجذب.
ما علاقة قانون الجذب بكرة القدم؟
قبل أن نكمل حديثنا عن لعبتنا الشعبية وثوبها العادل هذا الموسم، يجب أن نعرف ما هو قانون الجذب هذا الذي اختلط بكرة القدم، ويجب أن نعلم أن هذا القانون موجود منذ بداية الخليقة من حولنا، ولكن أفضل من فسر هذا القانون بشكل مبسط جدا كانت الكاتبة والمنتجة روندا بايرن، حين قامت بتأليف كتاب السر / the secret، ونشره في عام 2006، وكان أبسط وأدق تفسير لهذا القانون، واستعانت فيه بأمثلة مبسطة وآراء واقتباسات لعلماء وفلاسفة مهتمين بالأمر.
وذكر الكتاب أن أبسط تعريف لقانون الجذب هو، أنه كل شيء يحدث في حياتك فأنت من قمت بجذبه إليها، وقد انجذب إليك عن طريق الصور التي احتفظت بها في عقلك، أي ما تفكر فيه، وأيا كان الشيء الذي يدور بعقلك فإنك تجذبه إليك.
وبشكل أبسط بكثير وملخص، أنت من تجذب إلى نفسك تقريبا كل الأشياء التي تحدث حولك –بجانب القدر ومشيئة الله عز وجل بالطبع- ولكن وفقا لقانون الجذب، فإن ما تريده ستجذبه إليك وما تخاف منه بشكل زائد ستجذبه إليك أيضا، فإذا كان تفكيرك كله وما يدور في ذهنك حول جمع ثروة ستفعل ذلك، وإذا جمعت الثروة وسيطر عليك شعور الخوف من فقدانها سيحدث، أنت من جذبت كل شيء إليك.
وبالطبع من يرد معرفة المزيد عن قانون الجذب، عليه اللجوء إلى قراءة الكتاب أو مشاهدة الفيلم السينمائي الذي أنتج عنه، ولكن الأهم بالنسبة لنا هو ظهوره في كرة القدم هذا العام بشكل واضح، فتقريبا لا يوجد إنجاز من الذين سيتم ذكرهم إلا وستشعر تجاهه أن صاحبه هو من جذبه إليه وهو من أضاعه من يده في الأعوام الماضية، ولكن قرر القدر أن يلعب لعبته ويختلط القانون مع اللعبة ويظهر لنا هذا الموسم الكروي المميز مثلما شاهدناه وأنهيناه، لذلك لنلقي نظرة على هذا الاختلاط.
وللحديث عن هذا الخلط سنبرز أهم اللقطات التي ظهر فيها هذا الموسم ويجب أن نبدأ من النهاية أو الأحدث وهو كالآتي:
-الأميرة السمراء تنجذب إلى أميرها
أكبر مثال على قانون الجذب ويمكن أن يكون على قصص العشق غير المفهومة، وهو فوز الأهلي بلقب دوري أبطال إفريقيا للمرة الـ11 في تاريخه، في ليلة سادت فيها الاحتفالات والصخب وهي ليلة الأحد 11 يونيو –لعلك لاحظت التشابه- الجذب ليس في اللقب فقط ولكن في الفوز نفسه على الوداد، الذي هزم الأحمر الموسم الماضي في النهائي وعلى نفس الملعب وأمام نفس المتابعين، ليضع لاعبو المارد في أذهانهم أنهم سيعودون العام المقبل لينتقموا، وما استدعوه انجذب إليهم بالفعل ليصلوا النهائي ويجدوا الوداد منتظرهم بل ولقاء الحسم يكون على نفس الملعب، ويحدث ما شاهدناه.
-جوارديولا وحلم الأبطال
ينص قانون الجذب على أن الشبيه يجذب إليه شبيهه، ويبدو أن جوارديولا كان من ضمن المستفيدين من خلط قانون الجذب وكرة القدم هذا العام، وبدأ الحلم بينه ومانشستر سيتي في 2016 عندما وصل بيب إلى إنجلترا لتدريب العملاق الإنجليزي وسط آمال متبادل بين الطرفين على تحقيق إنجازات عديدة على رأسها حصد دوري الأبطال الذي لم يحصده النادي طوال تاريخه، بينما المدرب الإسباني حصده مرتين من قبل رفقة برشلونة، بل وكل الألقاب الأوروبية رفقة البارسا وبايرن ميونخ، ليتبين أنه الرجل المناسب لهذه المهمة.
ولكن ما حدث عكس كل التوقعات، فقد طور بيب أداء سيتي بشكل كبير وبنى فريقا خياليا سبب ذعرا لأوروبا بأكملها، وبالرغم من حصده لكل البطولات المحلية في إنجلترا ولكن لم يتمكن من حصد دوري أبطال أوروبا طوال 6 سنوات كاملة، وصل فيها إلى الأدوار الإقصائية ورفع آمال الفريق في أوروبا وفي كل مرة يودع البطولة في النفس الأخير إلى أن وصل للدور النهائي ولم يحسمها.
ولكن ظل لديه الإيمان بقدرته وقدرة فريقه على تحقيق اللقب رغم السخرية الكبيرة التي تعرض لها بسبب هذا الأمر ورغم العروض المغرية التي تلقاها، ولكن ظل رفقة إدارة سيتيزن متمسكان بإمكانية تحقيق الحلم، وهو ما حدث بالفعل ليلة السبت 10 يونيو، وتوج النادي السماوي باللقب لأول مرة في تاريخه، بل وحقق بيب الثلاثية هذا الموسم، والباقي نعلمه جميعا.
-مويس وإنجاز ما بعد الستين
يمنحك قانون الجذب أي شيء تريده، السعادة، والصحة، والثروة.. بوب بروكتور الفيلسوف والمؤلف المعروف.
هذه العبارة تنطبق بشكل كبير على دافيد مويس، بعدما حصد دوري المؤتمر الأوروبي مع وست هام، ليكون أول لقب أوروبي له وأول لقب تقريبا في حياته ولكن الملفت أنه حقق هذا الإنجاز وهو في سن الـ60 عاما، بعد مسيرة دامت 25 عاما كمدربا لمختلف الفرق، وصولات وجولات وأرقام قياسية واكتشاف مواهب مثل روني وأرتيتا، وتدريب مانشستر يونايتد بطلب من السير أليكس فيرجسون نفسه، ثم يفشل ويرحل بعد 10 أشهر فقط رغم توقيعه على عقد 6 مواسم، ويبدأ في الاختفاء ولكن يبتسم له القدر ويعطيه الفرصة في ليلة الأربعاء 7 يونيو 2023، ويحقق الإنجاز بعدما جذبه إليه.
-مغرب الركراكي فخر إفريقيا في المونديال
طالما تحدثنا عن هذا الموسم وعن خلط قانون الجذب بكرة القدم، يجب أن نتحدث عن كأس العالم العرس الأكبر في تاريخ اللعبة، وبالتحديد نسخة قطر 2022، وطالما تحدثنا عن هذا الحدث لابد أن نتحدث عن منتخب المغرب تحت قيادة وليد الركراكي، الذي كان واجهة مشرفة للقارة الإفريقية بأكملها فقد اجتهد اللاعبون ومدربهم بشكل كبير ليجذبوا الإنجاز إليهم، فقد قدم المنتخب نتائج مميزة جدا طوال البطولة ووصل إلى الأدوار الإقصائية وناطح الكبار إلى أن وصل لنصف النهائي لتبدأ الأحلام والآمال تتزايد فإن أسود الأطلس قد يحصدوا اللقب، من كان يصدق كل ذلك إلى أن أنهى الحصان الأسود البطولة في المركز الرابع في إنجاز فريد كأول منتخب عربي وإفريقي يصل إلى هذا الإنجاز.
وأيضا حصل الركراكي على مكافآته بعد اجتهاده وجذبه للإنجازات في مونديال قطر، ليكون ثالث أفضل مدرب في العالم لعام 2022، وفاز بجائزة أفضل مدرب عربي، وأصبح أحد أبرز المدربين حول العالم.
-ميسي وأول مونديال
وبذكر المونديال، لابد من ذكر أسطورة الأرجنتين ليونيل ميسي، الذي أخيرا بعد كل هذه السنوات والمحاولات مع منتخب بلاده ووسط العديد من لحظات الفشل وإعلان الاعتزال الدولي ومشكلات عديدة، آمن ليو بنفسه وزملاؤه في محاولته الأخيرة وقد يكون موندياله الأخيرة، وبالفعل جذبوا لهم لقب كأس العالم قطر 2022، الأول للأسطورة والأول لبلاده منذ أخر نسخة فازوا بها في 1986، وأظهر لهم قانون الجذب ابتسامته ليكتب الأسطورة نهاية سعيدة لقصته التي حصد فيها كل شيء.
-نابولي يا سلام
كان موسم استثنائي وأداء غير متوقع من جانب فريق نابولي بقيادة مدربه الموهوب لوتشانو سباليتي ولاعبيه المثابرين، تغنى به جميع متابعي الكرة هذا الموسم وبالأداء الذي يقدمه حتى أن جملة المعلق فارس عوض التي قالها في أحد المباريات للفريق "نابولي يا سلام" ظلت عالقة بأذهان الجميع طوال الموسم، وبدون أن يدخل بلاعبين هم الأفضل في العالم أو صفقات بالملايين حصد نابولي لقب الكالتشيو بعد غياب 33 عاما وللمرة الثالثة في تاريخه، فقط كل ما احتاجوا له لاعبين ومدرب اجتهدوا وجذبوا حلمهم إلى معقلهم.
-تشافي أسطورة منسية
عندما طلبه ناديه في وقت صعب جاء دون خوف أو تردد، تولى تدريب الفريق رغم أن تجربته السابقة والأولى في عالم التدريب رغم نجاحها ولكنها ليست المقياس الذي يحكم بإمكانيته في قيادة واحد من عمالقة العالم، جاء تشافي هيرنانديز وتسلم مقاليد الإدارة الفنية لبرشلونة بيته القديم، في واحد من أصعب الأوقات على النادي والتي مر فيها بالأزمة الأكبر بالطبع وهي رحيل ليونيل ميسي، ولكن لم يلتفت مدرب البارسا إلى كل هذه الأمور وظل يضع عينه على العمل والمستطيل الأخضر فقط، رغم تعرضه إلى موجات عارمة من السخرية وأخبار كثيرة عن اقتراب إقالته ولكنه ظل يجذب حلمه إليه ويضع ذهنه فيه، ولقد انجذب بالفعل وفاز مع الفريق بلقب الدوري الإسباني بعد غياب دام ثلاثة سنوات بل وحسم اللقب قبل 4 جولات من نهاية المسابقة، ومن قبله فاز بكأس ملك إسبانيا، ويكون سبب فرحة الجماهير ويظل مدربا للفريق الذي ظل يحلم بأن يتواجد في هذا المنصب بداخله.
ليست نهاية الخلط ولكنها نهاية الموسم
وليست هذه فقط الأمثلة على الخلط بين قانون الجذب وكرة القدم وحصول المجتهدين على نتيجة جهدهم هذا العام، فهناك الكثير مثل اتحاد جدة وحصده الدوري السعودي بعد غياب 13 عاما، وفوز خوسيه مينديليبار بلقب الدوري الأوروبي مع إشبيلية وهو في الـ62 من عمره كأول لقب له على الإطلاق في مسيرته، وتأهل فينسنت كومباني بفريقه بيرنلي إلى البريميرليج في موسم تأريخي في أول مراحله التدريبية عقب اعتزاله اللعب، وصعود كالياري إلى الكالتشيو مرة أخرى بقيادة أسطورة التدريب كلاوديو رانيري، وفوز اتحاد العاصمة الجزائري بلقب الكونفدرالية الإفريقية لأول مرة في تاريخه على الإطلاق، وهذه هي كل الأحداث التي ظهر فيها الخلط والمكافأة على الاجتهاد.
وأخيرا انتهى الموسم الكروي الحافل ليتركنا نضع عنوانا رئيسي له: لكل مجتهد نصيب، وأيضا كل ما تفكر فيه تجذبه إليك، لتظهر لنا كرة القدم جانبا آخر من ارتباطها بعلوم وأفرع وقوانين معقدة لا نعلم عنها شيء، وأيضا لترينا عباءة العدل الخاصة بها، لتمتعنا جميعا في موسم حافل كهذا وتتركنا ننتظر بترقب ما سنراه الموسم المقبل.
- كرة القدم
- قانون الجذب
- السر
- the secret
- الأميرة السمراء
- الاهلى
- دوري أبطال إفريقيا
- فوز الأهلي بلقب دوري أبطال إفريقيا
- الوداد
- جوارديولا
- مانشستر سيتي
- برشلونة
- دوري الأبطال
- مويس
- دافيد مويس
- دوري المؤتمر الأوروبي
- مانشستر يونايتد
- وست هام
- فيرجسون
- كأس العالم
- منتخب المغرب
- الركراكي
- وليد الركراكي
- ميسي
- ليونيل ميسي
- كأس العالم قطر 2022
- اتحاد جدة
- الدوري السعودي
- اشبيليه
- خوسيه مينديليبار
- فينسنت كومباني
- البريميرليج
- بيرنلي
- رانيري
- اتحاد العاصمة
- الكونفدرالية