فجر 8 أكتوبر.. خطة أمريكية تحاول إنقاذ إسرائيل لشل الجبهتين المصرية والسورية
في مثل هذا اليوم 8 أكتوبر عام 1973، ثالث أيام حرب أكتوبر، تمت الخطوة الثانية الأكثر أهمية في المعاونة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، بوصول قائد عسكري أمريكي إلى إسرائيل يحمل معه خطة أمريكية بهدف حرمان مصر وسوريا من استكمال النصر.
خطة أمريكية لإسرائيل في ثالث أيام حرب أكتوبر
ويذكر المشير الراحل محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة أثناء الحرب، ووزير الدفاع فيما بعد، فى مذكراته حرب أكتوبر 1973، أن الجنرال اليعازار رئيس الأركان الإسرائيلي أثناء الحرب، كشف في مذكراته التي كتبها بعد الحرب عن سر يذاع لأول مرة عن خطة عسكرية أمريكية حملها مسئول أمريكي إلى إسرائيل، وكان في رئاسة الأركان فجر يوم 8 أكتوبر، وهو اليوم الذي وجهت فيه القوات الإسرائيلية ضربتها المضادة بالاحتياطي التعبوي الاستراتيجي، بغرض تدمير قواتنا في سيناء لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه صباح 6 أكتوبر.
ويضيف: لم نكن نعلم في مصر طول مدة الحرب، كما لم نعلم بعدها بمدة طويلة، أن أحد المسئولين العسكريين وصل من أمريكا إلى إسرائيل فجر هذا اليوم – 8 أكتوبر – وهو اليوم الثالث للحرب، للاشتراك في التخطيط مع إسرائيل لمواجهة الموقف العسكري الإسرائيلي المتدهور على الجبهتين المصرية والسورية.
ويقول الجمسي: إذا كانت أمريكا قد وضعت تقدير الموقف العسكري يوم 6 أكتوبر، وقدمت النصيحة لإسرائيل في نفس اليوم بما يجب أن تفعله في اليوم التالي، وهو ما نفذته 7 أكتوبر، إلا أن وصول قائد عسكري أمريكي إلى إسرائيل يحمل معه خطة أمريكية، يعتبر الخطوة الثانية الأكثر أهمية في المعاونة العسكرية لإسرائيل، بهدف حرمان مصر وسوريا من استكمال النصر.
تحذير من استمرار الحرب أكثر من ستة أيام
ويشير إلى أنه كانت الساعة تقترب من الثالثة صباح الثامن من أكتوبر، حين وصل إلى مقر رئاسة الأركان المسئول الكبير، وكان أحد العسكريين في البنتاجون – وزارة الدفاع الأمريكية – والمسئول عن منطقة الشرق الأوسط، وكان وصوله إلى مطار بن جوريون في طائرة عسكرية خاصة، ويحمل معه مجموعة من التقارير والصور الخاصة بالمعارك ومواقع القوات كما التقطها القمر الصناعي الأمريكي.
ويتابع الجمسي: استعرض المسئول الأمريكي الموقف، واتفق الرأي على أن القتال لو استمر أكثر من ستة أيام، فإن ذلك سيكون في صالح العرب خاصة إذا طورت القوات المصرية هجومها شرقًا في لتجاه الممرات، وهو أمر غير مستبعد بل هو متوقع، وستكون نتيجة القتال في غير صالح إسرائيل أيضًا إذا استمر القتال على الجبهتين المصرية والسورية كما يجرى حاليًا.
ووصل المسئول الأمريكى، بعد بحث الموقف، إلى استنتاج أن الحل الوحيد هو عزل إحدى الجبهتين عن الأخرى، أو بمعنى أوضح توجيه ضربة مكثفة على إحدى الجبهتين لشل الجبهة السورية أو الجبهة المصرية أولًا، حتى يستقيم لإسرائيل القتال على جبهة واحدة.
8 أكتوبر يوم الفشل العام لإسرائيل.. الجيشان المصري والسوري يصنعان ملحمة تاريخية تشل خطة أمريكا
وأدرك المسئول الأمريكي أن عمق رؤوس الكباري التي أقامتها القوات المصرية في سيناء وصل إلى ثمانية كيلومترات، وأعدادًا كبيرة من الأسلحة والمعدات قد عبرت، وأصبح للمصريين أكثر من خمسين ألف رجل يقاتلون شرق القناة، وكل هذه الأمور جعلته يقرر أنه من المستحيل التفكير في ضرب رؤوس الكباري.
ولذلك فإن الخطة التي يحملها المسئول الأمريكي تتلخص فيما يلي:
1- توجيه ضربة قوية لسلاح المدرعات، وأرتال الدبابات المصرية الموجودة على الضفة الشرقية للقناة لشل فعاليتها، وعمل اختراق بعد ذلك لضرب رؤوس الكباري فيتم عزل هذه القوات.
2– محاولة جذب القوات الجوية المصرية لمعارك بعيدة عن أرض المعركة، أي في العمق المصري باتجاه الكثافة السكانية في مناطق المنزلة والمنصورة، مما يجعل عمل الصواريخ سام 6 مقيدًا ومحدودًا.
والمهم أن تقوم إسرائيل بإنهاك إحدى الجبهتين للانفراد بالجبهة الأخرى وتكثيف الهجوم عليها، وبرغم ظواهر الكارثة - بتعبير اليعازار - كان المسئول الأمريكي مطمئنًا إلى أنه بالإمكان الحد منها حتى اليوم الرابع للقتال 9 أكتوبر.
يوم الفشل الإسرائيلي العام
وبينما كان القائد الأمريكي موجودًا في إسرائيل لتنفيذ المهمة التي وصل من أجلها فجر يوم 8 أكتوبر، كان القتال يسير شديدًا في الجبهتين المصرية والسورية، ولا شك أن هذا اليوم كان يحمل للقيادة الإسرائيلية أنباءً مؤلمة طول اليوم الذي أطلق عليه وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان بيوم الفشل العام.
ونجحت قوات الجيشين الثاني والثالث في إيقاع الهزيمة بقوات الضربة المضادة الإسرائيلية، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق، وقوات الصاعقة تقوم بتدمير الأهداف الإسرائيلية على الساحل الشرق لخليج السويس، وقواتنا الجوية تواصل هجماتها الجوية ضد قوات العدو وتخوض المعارك الجوية، وجعلت مطاري المليز وتماده غير صالحين للاستخدام بواسطة العدو.
وأصبح مطار العريش هو الوحيد الذي يمكن استخدامه بواسطة العدو، وقواتنا البحرية تقصف الأهداف الإسرائيلية، وقوات الدفاع الجوى تتصدى للطيران الإسرائيلي بكفاءة، وكان القتال يدور شديدًا في الجولان نتيجة للدفاع العنيد الذي تقوم به القوات الإسرائيلية لصد الهجمات السورية.
وتحولت إسرائيل لقصف أول مدينة مصرية بالطائرات، ودارت معركة الدفاع الجوى عن بورسعيد اعتبارًا من يوم 8 أكتوبر.