بطولة أبدية.. صراع 6 سنوات لأنيسة حسونة مع المرض اللعين وتكريم مستحق | معايشة
كل شيء كان يسير في حياتها طبيعيًّا، ويُوحي بالخير والأحداث السعيدة، نجاح على المستوى الأُسري والعملي، مع تفوق لافت في إدارة واحدة من أهم وأكبر المؤسسات الخيرية العاملة في مصر، إلى أن تُوج ذلك باختيارها من رئاسة الجمهورية، نائبة في مجلس النواب، لكن تلك الصورة الجميلة التي رسمتها الراحلة أنيسة عصام حسونة بقلمها في كتابها "بدون سابق إنذار" لم تكتمل، حتى قرر مجلس أمناء المؤسسة الخيرية التي تعمل به رحيلها.
وكان ذلك مع مطلع عام 2016، فضًلا عن اكتشاف إصابتها بالسرطان بعدها بأيام قليلة، رغمًا عن إجراءها للفحوصات الدورية بشكل مستمر، لتبدأ معه رحلة صراع امتدت 6 سنوات، بل استمرت حتى فارقت الحياة في 13 مارس من العام الحالي.
من هي أنيسة حسونة؟
ولدت أنيسة عصام حسونة في عام 1953، أي بعد عام واحد من ثورة 52 التي غيرت العديد من ملامح الحياة في المجتمع المصري، بعد احتلال استعماري دام لأكثر من 70 عامًا، تبدلت بعده طبقات الشعب المصري، وأصبح أهل الطبقة الوسطى منهم القضاة وأساتذة جامعة، بل وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري بأكمله.
ومن هنا نشأت الراحلة أنيسة حسونة لأم طبيبة أطفال، وأب قاضٍ في أحد أعرق وأهم مؤسسات الدولة، أسرة كانت تؤمن بالمرأة وحقوقها، انعكست مستقبًلا على حياتها وبخاصة في عملها الخيري، أو وجودها في مجلس النواب عام 2016، مرورًا بمقاومتها للسرطان وتغلبها عليه بروحها وقلبها النقي العامر بالخير، أكثر من مرة، حتى فارقت الحياة على إثره في 13 مارس من العام الجاري.
وتقول الراحلة عن أسرتها في أحد اللقاءات السابقة: أنتمي إلى بيت، استند على أعمدة من الحب والوئام، وقد غمرني هذا الحب المتدفق، أنا وإخوتي البنات، زينب ومها ومنال، وانعكس ذلك على حياتي الشخصية، منذ ارتباطي بزوجي شريف ناجي رجل الأعمال، ونقلنا ذلك الحب معًا إلى ابنتيّ سلمى ومها.
القاهرة 24 داخل منزل الراحلة أنيسة حسونة
وقبل بدايات عام 2016 لم يكن يتخيل شريف ناجي، أرمل الراحلة أنيسة حسونة، أنه ينتظرهم ضيف ثقيل، يخبئ لهم العديد من المفاجآت، وبإمكانه تغيير حياتهم التي تسير على وتيرة واحدة.
وقال ناجي، في حديثه مع القاهرة 24: عرفنا بخبر الإصابة بالصدفة، كنا نجري فحوصات دورية بشكل عام، وبعدها قررت السفر إلى أن اتصل بي المعمل وأكد وجود تغيير في أرقام دلالات الأورام، ومن ثم أخذت الأمر في الاعتبار، لإجراء تحليل آخر في معمل آخر بعد رجوعها من سفرها، وهو ما حدث، ولم نخبرها بالأمر، إلى أن تأكدنا من إصابتها بالمرض، والدخول إلى تشخيصات أكثر دقة.
وأضاف ناجي: تلقت خبر إصابتها بالسرطان بشكل صادم، ولوم لي، لأني كنت أعلم به وأخفيه عنها، وكانت تتخيل أن أحدا سيدخل ويخبرها ويقول لها إن هذه الإشاعات والنتائج خطأ، وتخص شخصًا آخر.
ولكن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا فالسرطان أصبح منتشرًا في المعدة، والجهاز التناسلي، ومن هنا بدأت رحلة جلسات العلاج الكيماوي، ومن ثم إجراء العملية الجراحية خارج مصر.
نبوءة طبية وموت بعد 5 سنوات
وأضاف شريف: لم نترك سبيلا أو بابا يمكن طرقه، لم نطرقه من أجل علاجها، سواءً كان هنا في مصر أو خارجها، ومع ذلك كانت أصعب الأوقات علينا، عندما أخبرها أحد الأطباء البريطانيين بنبوءة طبية أنها ستموت بعد 5 سنوات، وأخبرها تحديدًا بأنها ستأخذ جلسات الكيماوي، ومن ثم ستجري جراحة من أجل إزالة الورم، وخلال عامين سيرتدّ المرض إليها مرة أخرى، إلى أن تموت بعد 5 أعوام.
وأكمل: وهنا وقعت صدمة ثقيلة علينا، ورغم ذلك أخبرناها، بأنه رجل لا يفهم، رغم أنه كان يتحدث وفقًا لأبحاث دقيقة إلى حد ما، وهو السيناريو الأقرب لما حدث لها.
وأضاف ناجي: كان آخر شهر قبل وفاتها أصعب وقت مر عليها، بعد اكتشافنا أن هناك ورما في المخ، فكان ذلك بمثابة إنهاك لها تمامًا، وهو ما تسبب في عدم تحركها بسهولة، لدرجة أن يوم تكريمها من قرينة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أخبرتني بأنها لا تستطيع الذهاب، لذلك خرجت وأتيت لها بكرسي متحرك، من أجل تسهيل خروجها من المنزل، وذهابها إلى التكريم.
واختتم أرمل أنيسة حسونة: دار بينها وبين قرينة الرئيس عبد الفتاح السيسي حديث، وصل لبضعة دقائق، وأخبرتها قرينة الرئيس بأنها تستحق ذلك التكريم وأكثر، وهو ما أثر عليها كثيرًا بشكل إيجابي، لدرجة أن الجميع لاحظ أن وجهها نَوّر من تلك الكلمات، وبعد هذا اللقاء.