ذكرى رحلات ابن بطوطة.. ماذا قال عن حكم خصيب أحقر العبيد لمصر؟
تحل اليوم ذكرى بدء رحلات الرحالة العربي المشهور ابن بطوطة عام 1325، حيث خرج ابن بطوطة في الأساس للحج ثم استهوته الرحلات، فبقي يرتحل بين البلاد ويسجل ما يشاهده ويسمعه حتى أخرج لنا كتابه رحلات ابن بطوطة.
قصة خصيب حاكم مصر
ذكر ابن بطوطة في كتابه حكاية طريفة عن مصر، فيذكر أن أحد الخلفاء من بني العباس غضب على أهل مصر، فولي عليهم أحقر عبيده وأصغرهم شأنا لإذلالهم والتنكيل بهم، وكان خصيب هو أحقر عبيده وكان يتولى تسخين ماء الحمام، فولاه الخليفة مصر وظنه أنه يسير فيهم سيرة سوء ويعاملهم معاملة سيئة.
لكن حدث العكس فلما استقر خصيب بمصر سار في أهلها أحسن سيرة وشهر بالكرم والإيثار، فكان أقارب الخلفاء وسواهم يقصدونه، فيجزل العطاء لهم ويعودون إلى بغداد شاكرين لما أولاهم.
يقول ابن بطوطة: افتقد الخليفة بعض العباسيين وغاب عنه مدة، ثم أتاه فسأله عن مغيبه فأخبره أنه قصد خصيبا، وذكر له ما أعطاه خصيب، وكان عطاء جزيلا، فغضب الخليفة وأمر بسمل عيني خصيب أي قفأها وإخراجه من مصر إلى بغداد، وأن يُطرح في أسواقها، فلما ورد الأمر بالقبض عليه حيل بينه وبين دخول منزله، وكانت بيده ياقوتة عظيمة الشأن فخبأها عنده وخاطها في ثوب له ليلا.
ويتابع ابن بطوطة: سملت عيناه وطرح في أسواق بغداد، فمر به بعض الشعراء فقال له: يا خصيب، إني كنت قصدتك من بغداد إلى مصر مادحا لك بقصيدة، فوافقت انصرافك عنها، وأحب أن تسمعها، فقال: كيف بسماعها وأنا على ما تراه؟ فقال: إنما قصدي سماعك لها، وأما العطاء فقد أعطيت الناس وأجزلت جزاك الله خيرا، قال: فافعل، فأنشده: أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا فكلاكما بحر.
يستطرد ابن بطوطة: قال له خصيب: افتق هذه الخياطة، ففعل ذلك، فقال له: خذ الياقوتة، فأبى، فأقسم عليه أن يأخذها فأخذها وذهب بها إلى سوق الجوهريين، فلما عرضها عليهم قالوا له: إن هذه لا تصلح إلا للخليفة، فرفعوا أمرها إلى الخليفة، فأمر الخليفة بإحضار الشاعر واستفهمه عن شأن الياقوتة، فأخبره بخبرها، فتأسف على ما فعله بخصيب، وأمر بمثول خصيب بين يديه وأجزل له العطاء.
