عصر المماليك بدأ بقتل أقطاي وأنهى الحروب الصليبية وأحدث نهضة كبيرة
في مثل هذا اليوم 18 سبتمبر من العام 1254، تآمر عز الدين أيبك مع المماليك على قتل فارس الدين أقطاي، زعيم المماليك البحرية، خوفًا من أن يغدر به هو وشجر الدر، ويسلب منهما حكم مصر.
بداية حكم المماليك الفعلية لمصر مع تولي شجر الدر الحكم بعد زوجها، وقيامها بالزواج من عز الدين أيبك، واستمرت الدولة المملوكية في حكم مصر وعدد من البلاد الإسلامية من عام 1250، حتى عام 1517، وشهدت مصر تقلبات عديدة في هذا العصر، فمرت بفترات ازدهار، وفترات أخرى سيطر فيها الانحطاط.
أهم الإنجازات التي شهدها عصر المماليك، إنهاء الحروب الصليبية، والقضاء على الطموح الأوروبي في السيطرة على الشرق، وأُجلي كل الوافدين مع الحملات الصليبية تمامًا من بلاد الشرق، وأُنهي تواجدهم، بعد سلاسل من الحروب الضارية، بدأت بالهزيمة الكبرى والأولى عالميًا للتتار عندما فكروا في دخول مصر بعد سلسلة هزائم لحقت بالعديد من البلدان الإسلامية، وسقوط الخلافة العباسية على يدهم بعد دخولهم بغداد، وتدميرهم أحد أهم مراكز العلم والثقافة العربية والعالمية، بحرق مكتبة بغداد.
أصبحت مصر في عهد المماليك، طريقًا ومركزًا عالميًا للتجارة بين العرب وأوروبا، وازدادت مظاهر البذخ والغنى في تلك الفترة، كما شكلت مصر قوة كبيرة في العالم الإسلامي، جعلتها الدولة الأولى على مدى قرون، وكما كان عصر المماليك عصر نهضة وثقافة وأدب، كان عصر انحطاط، بسبب آثار الحروب الصليبية، وإحراق مكتبة بغداد، التي ذهب معها أهم وأكبر الكتب والأفكار لكبار المفكرين الإسلاميين على مدار تاريخهم حتى وقوع الكارثة.
أهم العلماء في عصر المماليك
شهد عصر المماليك ظهور العديد من العلماء الكبار، المؤثرين في التاريخ الإسلامي، منهم الإمام العز بن عبد السلام، الذي شارك في تشجيع الجيش وأمراء المماليك للحرب على التتار، وأصدر فتواه الشهيرة لتمكين المماليك من جمع ضرائب من الشعب لتمويل الجيش، وقد برع هذا العالم الجليل في علم الفقه حتى وصل إلى إنشاء باب جديد في الفقه، أسماه باب المقاصد، في كتابه القواعد الكبرى.
وكان من علماء عصر المماليك ابن قيم الجوزية، عالم التفسير والحديث والعربية والفقه، وهو أحد أشهر علماء التاريخ الإسلامي، وظهر في العصر المملوكي أيضًا الإمام القرطبي، أحد أهم أشهر من فسر القرآن الكريم، والإمام الزركشي، كما ازدهرت الصوفية وانتشرت بشكل كبير في هذا العصر، خاصة بمصر الغنية بشواهد الأولياء، وكانت ترافق المساجد الكبيرة والمدارس وبيوت الأمراء ما يعرف بـ «الخانقاه» وهي أماكن ينقطع فيها الصوفيين للعبادة.
وفي اللغة العربية كان عصر المماليك شاهدًا على وجود ابن مالك، صاحب الألفية الشهيرة في النحو العربي، وابن عقيل، الملقب برئيس العلماء، وابن حيان، وابن هشام، وغيرهم من كبار علماء اللغة العربية على مدى تاريخها، ومن المؤرخين ظهر في أيام المماليك، ابن خلكان، صاحب وفيات الأعيان، وأبي أصبعية، صاحب عيون الأنباء في طبقات الأطباء، والسبكي، واضع طبقات الشافعية الكبرى، وغيرهم من العلماء الكبار، والعلوم الواسعة التي تطورت في عصر المماليك، وتركوا لنا تراث كبير من العلوم والمعارف لم ننتهي إلّا من دراسة القليل منه حتى الآن.
