مسلم بن عقيل أشبه الناس بالنبي.. كيف غدر أهل الكوفة برسول الحسين؟
مسلم بن عقيل الهاشمي، ابن عم الحسين بن علي، المعروف بسفير الحسين، قال عنه أبو هريرة: ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم من مسلم بن عقيل، والذي قتل في مثل هذا اليوم 10 سبتمبر من العام 680، بعدما أُخذ غدرًا على يد الأمويين، الذين ألقوا به من أعلى قصر عبيد الله بن زياد.
كان مسلم بن عقيل من خيار شباب بيت أبي طالب، زوجه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته رقية، ولد في المدينة المنورة عام 632، ونشأ بين آل بيت رسول الله، وتعلم الفروسية، وكان شجاعًا لا يهاب شيء منذ صغره، وفي شبابه صار محاربًا تهابه الأعداء، لما اتصف به من القوة المفرطة، التي جعلت البعض يصفه بأنه كالأسد، يقال عنه أنه كان يأخذ الرجل بيديه يلقي به فوق البيت.
شارك مسلم بن عقيل مع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في موقعة صفين، حيث كان من قادة الميمنة ومعه الحسن والحسين، قال عنه محمد بن عمر الواقدي: لله در مسلم بن عقيل وأخويه لقد قاتلوا حتى صارت الدماء على دروعهم كقطع أكباد الإبل.
مسلم بن عقيل الشهيد الأول وأولى حلقات واقعة كربلاء
كان مسلم بن عقيل هو الشهيد الأول، وإنذار الخطر في الوقائع التي حلت بالحسين وآل البيت النبوي الشريف، فبعد تنصيب يزيد بن معاوية، وصار هو أول خليفة يتولى السلطة بالوراثة، رفض الحسين بن علي مبايعته، ونقم على توليه الحكم، في تلك الأوقات، كان أهل الكوفة يناصرون الحسين، وأرسلوا له الرسائل بأنهم يبايعونه، وأنهم سيقفوا معه، وطالبوه بالقدوم إليهم عاجلًا ليكون بينهم، ويكونوا له عونًا وعصبة.
قام الحسين بن علي رضي الله عنه، بتكليف مسلم بن عقيل بمهمة السفر إلى الكوفة، من أجل أن يستطلع أحوالهم، ويرى الأجواء هناك عن قرب، وكان هذا التكليف لابن عقيل على وجه الخصوص، لما يعرف عنه من شجاعة وإقدام، وعقل، ورزانة، وتبصر.
أعطى الحسين رسالة مع مسلم بن عقيل، يقرأها على أهل الكوفة عند وصوله، وصل بن عقيل للكوفة بصعوبة بالغة، بعدما تاه في الصحراء هو والدليلين اللذان رافقاه، وماتا من العطش، وعند وصوله استقبله أهل الكوفة بالكثير من الحفاوة والترحيب، وكان من شدة التفاف الناس حوله وكثرتهم، يخشى والي الكوفة أن يمسه بسوء، حتى وصل الأمر إلى يزيد بن معاوية.
قام يزيد بن معاوية بعزل والي الكوفة الذي رآه ضعيفًا، وعين مكانه عبيد الله، وكان أول ما قام به، أن خطب في الناس، آمرًا إياهم بالابتعاد عن الحسين ورفاقه، وهددهم بالسجن والموت، ثم أرسل أحد جواسيسه، فأعطى مسلم المال، وقال له أنه من أنصار الحسين، وكان مسلم في بيت هانئ بن عروة، فحدد مكانه، وذهب ليخبر عبيد الله عنه، لكن مسلم استشعر بفطنته الخطر، فغادر بيت هانئ، وعندما جاءت جنود عبيد الله لم يجدوه في البيت.
أهل الكوفة والتخلي عن مسلم بن عقيل
هدد عُبيد الله أهل الكوفة، بأنه سيأتي عليهم بجيش جرار، يمعن القتل فيهم، إن لم يتركوا هذا الأمر، ويبتعدوا عن فكرة مبايعة الحسين، فأصبح أهل الكوفة بين يوم وليلة ضد مسلم بن عقيل، ولم يستقبله أحد يحميه في منزله، وقد شعر بن عقيل بالخذلان وفقدان الأمل، حتى وصل إلى دار كانت لامرأة تدعى طوعة، كان فقط يريد منها الماء، الذي ضَنّ به أهل الكوفة عليه، ولما عرفت أنه مسلم بن عقيل، استقبلته في بيتها، وقررت حمياته والتستر على أمره، لكن ابنها كان من أتباع يزيد، فأبلغ عن مكانه.
وصلت جنود الأمويين إلى مكان بن عقيل، الذي لم يهابهم وخرج بشجاعة يقاتلهم، ولكنه كان فردًا يواجه جيشًا، ففي النهاية عرض عليه قائدهم محمد بن الأشعث الأمان، مقابل التسليم، ووافق مسلم مضطرًا، وسيق إلى قصر الإمارة، وهناك غدر به عبيد الله بن زياد والي الكوفة، وأمر بأن يلقى من فوق القصر.