قصائد عالمية.. «بيَاتريس» للفرنسي شارل بودلير
فيما كُنت أشكو ذات يومٍ إلى الطبيعة
في أرضٍ من رمادٍ، مُحترقة، بلا خُضرة
وإذ كنت أشحذُ، بلا هدى، ولا بصيرة
خنجر فكري ببطءٍ على قلبي
رأيت في وضح النهار غيمة قاتمة
حُبلى بِعاصفةٍ، تَحُطُّ على رأسي
وهيّ تحمل قطيعًا من الشياطين الفاجرين
شبيهين بأقزامٍ قاسين، غريبين
يتملّون وهم يتأملونني ببرود
ومثل مارةٍ على شخصٍ أبله يدهشهم
أسمعهم يضحكون!
ويتهامسون فيما بينهُم
مُتبادلين الإشارات وغمزات الأعين:
- فلتتأمّلوا على مهلٍ هذه الصورة الهزلية
طيف هملت الذي يقلد هيئته
النظرة حائرةٌ والشّعرُ في الريح
أليس مؤسفًا أن نرى هذا الشخص المرح!
هذا الصُعلوك، هذا البهلوان المُتَبطل، هذا المُضحك
لأنهُ يُجيد بصورة فنّية أداء دوره
يريد بِغناء آلامه أن يُسلّي النسور، والجداجد، والينابيع، والزهور
بل حتّى لنا، نحن مؤلفي هذه الخدع القديمة
يُرتل عاويًا خطبه اللعينة المُسهَبَة؟
كان بمقدوري «وكبريائي بارتفاع الجبال يُشرفُ على الغيمة وصُراخ الشياطين»
أن أدير رأسي السّامية ببساطة
لو لم أرَ وسط قطيعهم الفاجر
جريمةً لم تدفع الشمس إلى التّهاوي!
فملكية قلبي ذات النظرة الفريدة
كانت تضحك معهم من ضيقي الكئيب
وتنثُر عليهم أحيانًاَ
بضع مُداعباتٍ قذرة.
من هو شارل بودلير؟
شارل بودلير هو شاعر فرنسي، عاش في الفترة بين 1821و1867، ويعد من أهم الشعراء الفرنسيين عبر التاريخ ورائدًا للمذهب الرمزي، أشهر أعماله ديوان أزهار الشر، لم يفهم شعره أثناء حياته ولم ينل التقدير المطلوب إلا بعد وفاته، حوكم بتهمة إهانة الدين المسيحي والانحلال الأخلاقي في قصائده بديوان أزهار الشر، وطُلب منه حذف 10 قصائد من هذا الديوان.
