الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

خطيب الجامع الأزهر: الصدق ضمان لأمان المجتمعات

الدكتور محمود الهواري
دين وفتوى
الدكتور محمود الهواري
الجمعة 20/أغسطس/2021 - 04:19 م

ألقى الدكتور محمود الهواري، الباحث الشرعي بهيئة كبار العلماء بالأزهر، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، ‏التي دار موضوعها حول الصدق.

قال الهواري إن الإسلام قد رغب في الصدق وحثّ عليه، ليشمل مجالات الحياة كلها وأهمية الصدق أكثر القرآن والسنة من ذكره، والحث على التحلي به؛ فقد ورد لفظ الصدق في القرآن الكريم في ثلاثة وخمسين ومئة موضعًا.

تابع: «الأنبياء عليهم السلام كلهم على كثرة ما وصلوا به من صفات وأخلاق جعلتهم يستقبلون وحي السماء موصوفون بالصدق، ومنهم سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وكذلك سيدنا إدريس عليه السلام، قال سبحانه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا».

كما وُصِفَ يوسف عليه السلام بالصدق حينما جاءه الرجل يستفتيه فقال: «يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ»، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - مشهورًا بالصدق قبل البعثة وبعدها؛ فكان يُلقّب قبل البعثة بالصادق الأمين؛ وبعد البعثة المُباركة كان تصديق الوحي له مُدعاة لأن يطلق عليه أصحابه: الصّادق المصدوق، وأمر الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم في القرآن أن يدعو بدعوات خاصة، منها أن يدخله الله مدخل صدق، وأن يخرجه مخرج صدق.

أوضح الباحث الشرعي بهيئة كبار العلماء بالأزهر أن كثيرًا من الناس يختصر فضيلة الصدق، ولا يفطن إلى أن الصدق يشمل كل حركة في الحياة، ومن أنواع الصدق صدق اللسان، وهو الصدق في الأقوال؛ وهو أشهر أنواع الصدق وأظهرها؛ وصدق اللسان لا يكون إلا في الإخبار، وحقٌّ على كلِّ عبد أن يحفظ ألفاظه، فلا يتكلم إلا بالصدق؛ وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم الصمت، إذا كان الكلام يجلب شرًا - شعبة من شعب الإيمان؛  فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ.

أكد ضرورة أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فإن السنة هي الإمساك عنه، لأن الكلام المباح قد ينجر إلى حرامٍ أو مكروهٍ؛ وذلك كثيرٌ في العادة، والسلامة لا يعدلها شيئا، ثانيًا: صدق النية والإرادة، ويرجع ذلك إلى الإخلاص، وهو أن لا يكون للإنسان باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجّه شوب من حظوظ النفس، بطل صدق النية، وصاحبه يجوز أن يسمى كاذبًا.. يقول الله عز وجل: فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ، ثالثًا: الصدق في المعاملات، لأنه يورث الثقة بين المتعاملين؛ كما أنه سبيل إلى بركة البيع والشراء؛ فَعَن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا، وهو ما يُحقق المنفعة للجميع ويعد ضمانة لأمان المجتمعات.

نوه الهواري بأن ما يعين المرء على الصدق أن يستشعر مُراقبة الله تعالى، فإن إيمان المرء بأن الله عز وجل معه، يُبصره ويسمعه؛ يدفعه للخشية والتحفظ، قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.. وعندما يستحضر العبد أن كلماته وخطراته، وحركاته وسكناته كلها محصاة ومكتوبة: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ، فإن ذلك يقوده إلى رياض الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال.

تابع مواقعنا