“القاهرة السينمائي” يكرم وحيد حامد بـ”الهرم الذهبي التقديرية” لإنجاز العمر
يكرم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في افتتاح دورته الـ42، الكاتب والسيناريست المصري الكبير وحيد حامد، بجائزة “الهرم الذهبي التقديرية” لإنجاز العمر، وذلك تقديرًا لمسيرته المهنية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، قدم خلالها للجمهور المصري والعربي، أكثر من 40 فيلمًا، وحوالي 30 مسلسلًا تلفزيونيًا وإذاعيًا، استطاع معظمها أن يجمع بين النجاح الجماهيري والنقدي، فحصدت الجوائز في أبرز المهرجانات محليا ودوليا، واختير منها فيلمان في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية بالقرن العشرين هما؛ “اللعب مع الكبار” إخراج شريف عرفة، و”البريء” إخراج عاطف الطيب.
وجاء ذلك في استفتاء شارك فيه العديد من النقاد المصريين، تحت إشراف الكاتب الراحل سعد الدين وهبة، الرئيس الأسبق لـ”القاهرة السينمائي”، خلال الدورة 20 من تاريخ المهرجان.
محمد حفظي: مهنة “السيناريست” اكتسبت بفضله قيمة وأهمية أكبر.. ونفخر بتكريمه في افتتاح الدورة 42
عن التكريم، يقول رئيس المهرجان المنتج والسيناريست محمد حفظي، إن الأستاذ وحيد حامد استطاع من خلال مشواره في الكتابة أن يضيف قيمة كبيرة إلى لقب “السيناريست”، فاكتسبت المهنة بفضله رونقا وأهمية أكبر، مشيرا إلى أن وحيد حامد أيضا منتج عظيم، استطاع أن يحافظ علي أصول المهنة، وبالرغم من كونه كاتبا ومنتجا فإنه كان دائما يحترم مخرجي أفلامه، ويعطيهم كامل الحرية.
وأكد “حفظي”، على أن “القاهرة السينمائي” يفخر بمنح وحيد حامد التكريم الأكبر والأهم في افتتاح الدورة 42 نوفمبر المقبل.
كانت اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائي، استقرت، بدءًا من الدورة 42، على تغيير اسم جائزة فاتن حمامة التقديرية، التي تُمنح لكبار السينمائيين عن مجمل أعمالهم، ليكون “الهرم الذهبي التقديرية”، باعتباره أكثر وضوحا وتعبيرا عن معنى التكريم، ولأن “الهرم الذهبي” هو أيقونة المهرجان منذ انطلاقه، واختارت “الاستشارية العليا” بالإجماع، أن يكون السيناريست وحيد حامد هو أول من يكرم بهذه الجائزة المستحدثة، تقديرا لمشواره الكبير مؤلفا ومنتجا يجب أن يحتذى به، ولتأثيره الإيجابي، في صناعة السينما، والسينمائيين، والجمهور أيضا.
كما حرصت “اللجنة الاستشارية”، على أن يظل اسم الفنانة العظيمة والخالدة فاتن حمامة حاضرا في تكريمات المهرجان، من خلال “جائزة فاتن حمامة للتميز”.
“أفضل تكريم هو ما ينبع من القلب، ودائما ما كان يكفيني جدا حب وتقدير الأصدقاء والزملاء وكل من وجد في أعمالي شيئا أحبه” بهذه الكلمات بدأ الكاتب الكبير وحيد حامد الحديث عن اختياره للتكريم بجائزة الهرم الذهبي التقديرية، في الدورة 42، متوجها بالشكر لمهرجان القاهرة: “شكرا لكم لأنكم قدّرتم مشواري الطويل والمرهق فى حب الوطن وحب الكتابة”.
وحيد حامد: أشكر المهرجان لتقدير مشواري الطويل.. وأفضل تكريم هو ما ينبع من القلب
وعن هذا المشوار يقول وحيد حامد: “كنت ولا أزال ابنا مخلصا للشارع المصري، أعرفه جيدا ولست بغريب عنه، فعلى مدار رحلتي مع الكتابة، كنت أحصل على أفكاري من الناس، ثم أعيد تصديرها إليهم في أعمالي، لذلك سعادتي تكون كبيرة عندما يقابلني أشخاص تجاوزوا الخمسين من عمرهم، ويقولون؛ إنهم تربوا على أعمالي، حينها فقط أشعر أنني لم أقصر، وقدمت شيئا طيبا للناس”.
وتابع: “منحت الكتابة كل الإخلاص، فلم أكتب حرفا إلا وكنت مقتنعا به تماما، وأيقنت منذ اللحظة الأولى أن شفرة التعامل مع الناس هي أن تكون صادقا معهم، فلم أخدعهم قط، واخترت أن تكون قضية العدالة هي التيمة الأساسية لأعمالي”.
وحيد حامد الذي كرمته الدولة المصرية بأرفع جوائزها، وهي “النيل”، بالإضافة إلى جائزة الدولة التقديرية، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون، ولد في الأول من يوليو 1944، بمحافظة الشرقية، وتخرج من قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس عام 1967، ليبدأ بالتوازي رحلة البحث عن تحقيق حلمه في كتابة القصة القصيرة، فكانت أول إصداراته مجموعة قصصية بعنوان “القمر يقتل عاشقه”، ولكن فجأة تغير المسار، وتحول الاهتمام لكتابة الدراما بنصيحة من الكاتب الكبير يوسف إدريس، لتنطلق رحلة السيناريست وحيد حامد بين جدران ماسبيرو مطلع السبعينيات، بكتابة الدراما الإذاعية والتلفزيونية، قبل أن ينطلق في مجال الكتابة للسينما نهاية السبعينيات، بفيلم “طائر الليل الحزين”، إخراج يحيى العلمي، الذي كرر معه التعاون عام 1981 في فيلم “فتوات بولاق” عن قصة لنجيب محفوظ.
ورغم أن مسلسل “أحلام الفتى الطائر” إخراج محمد فاضل، كان بداية سطوع نجم وحيد حامد ككاتب عام 1978، فإن هذه النجومية تأكدت في رحلته السينمائية التي تعاون خلالها مع مجموعة من أبرز مخرجي السينما المصرية، كان صاحب النصيب الأكبر فيها المخرج سمير سيف، الذي قدم 9 أفلام من تأليف وحيد حامد، بدأت بـ”غريب في بيتي” عام 1982، وتواصلت بمجموعة من أهم أفلام “حامد” مثل “الغول” و”الهلفوت”، و”الراقصة والسياسي”، و”آخر الرجال المحترمين”، و”معالي الوزير”.
وكان لوحيد حامد تجربة خاصة مع المخرج عاطف الطيب، امتدت لـ 5 أفلام، يزينها؛ “البريء” و”التخشيبة”، و”الدنيا على جناح يمامة”، كما أخرج له حسين كمال “كل هذا الحب”، و”المساطيل” و”نور العيون”، وكتب “حد السيف” للمخرج عاطف سالم.
ورغم تكرار وحيد حامد التعاون مع عدد من المخرجين شكل معهم ثنائيا خلال رحلته في السينما، فإن كتاباته لم تكن حكرا عليهم، فتعاون مع نادر جلال، وخيري بشارة، وعلي عبد الخالق، وسيمون صالح، ومحمد نبيه، ثم انتقل للتعاون مع جيل الوسط من المخرجين، ليقدم واحدة من أكثر تجاربه جماهيرية وتأثيرا مع المخرج شريف عرفة، عبر 6 أفلام، 5 منها بطولة الفنان عادل إمام، هي “اللعب مع الكبار”، و”الإرهاب والكباب”، و”المنسي”، و”طيور الظلام”، و”النوم في العسل”، أما الفيلم السادس فكان “اضحك الصورة تطلع حلوة” بطولة أحمد زكي.
مطلع الألفية الثالثة، كان بداية تجربة جديدة لوحيد حامد مع جيل جديد من المخرجين، فكتب ثلاثة أفلام أخرجها محمد ياسين، هي؛ “محامي خلع”، و”دم الغزال”، و”الوعد”، وكتب “عمارة يعقوبيان” عن قصة تحمل الاسم نفسه للروائي علاء الأسواني وإخراج نجله مروان حامد، كما كتب “الأولة في الغرام” للمخرج محمد علي، و”قط وفار” للمخرج تامر محسن، وكان الاستثناء في هذه المحطة تعاونه مع المخرج يسري نصر الله في فيلم “احكي ياشهرزاد” عام 2009.
مسيرة وحيد حامد الناجحة لا تتوقف عند السينما، فقد قدم عددا من المسلسلات التلفزيونية المؤثرة، منها؛ “العائلة” إخراج اسماعيل عبد الحافظ، والذي يعد أول مسلسل ناقش قضية الإرهاب على شاشة التلفزيون عام 1992، وكذلك مسلسل “أوان الورد” الذي تعرض لقضية الوحدة الوطنية لأول مرة عام 2000، وعلى مدار جزئين عمل على كشف خداع جماعة الإخوان، من خلال مسلسل “الجماعة”، الذي أخرج جزأه الأول محمد ياسين عام ٢٠١٠، وأخرج جزأه الثاني شريف البنداري عام 2017، كما أبدع وحيد حامد في رصد التحول الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع المصري، ونمو التيارات الإسلامية في فترة الثمانينيات، من خلال مسلسله “بدون ذكر أسماء”، إخراج تامر محسن.