السبت 30 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أصحاب الأمراض المزمنة: الانتظار يقتلنا مثل كورونا (تفاعلي)

القاهرة 24
صحة وطب
الأحد 05/يوليو/2020 - 06:36 م

آلام شديدة لم يعتاد عليها رغم تكرارها المستمر، لا مفر منها سوى الذهاب للمستشفى لإجراء جلسة غسيل كلوي عاجلة، في أحد المستشفيات الحكومية في محافظة بني سويف، أكثر من 5 ساعات مستمرة حاول فيها عشري عبدالعظيم محمد عبد السلام البالغ من العمر 65 عاما، برفقة أسرته، إجراء جلسة غسيل كلوي لمواجهة هذا الألم الذي أفقده الوعي، لكن انتهت هذه الرحلة الطويلة والتنقل من مستشفى لأخرى  بانتهاء حياته.

يسرد أحد أقاربه تفاصيل وفاة عشري الذي يقطن قرية الحلبية بمركز بني سويف جنوب مصر، بعد الفشل حسب قوله في إجراء جلسة غسيل كلوي بسبب تخصيص مستشفيات بني سويف ومنها التأمين الصحي للغسيل الكلوي إلى مستشفيات عزل لمرضى فيروس كورونا المستجد.

ويعاني الكثير من أصحاب الأمراض المزمنة من نقص خدمات الرعاية الطبية لهم بسبب تحويل العديد من المستشفيات كعزل صحى لمرضى فيروس كورونا، وهو ما يزيد من مخاطر فقدان حياتهم وتدهور الحالة الصحية، وذلك بالمخالفة للمادة 18 من الدستور والمتعلقة بتقديم الخدمة الطبية للمواطنين بدون تمييز.

يقول ربيع عبد العزيز، إن والد زوجته كان مريضا بالفشل الكلوي وتعرض لهبوط حاد دفعهم للتوجه به إلى مستشفى التأمين الصحي باعتباره أحد منتفعيها، موضحا أن التأمين الصحي حول الحالة إلى أحد مراكز الغسيل الكلوي الخاصة المتعاقد معها لكنه كان مغلقا لأن اليوم كان الجمعة.

ويوضح أنهم عادوا مرة أخرى للطبيب المعالج بمستشفى التأمين الصحي والذي حولهم إلى مستشفى بني سويف النموذجي، لكنهم صدموا لانغلاق وحدة الغسيل الكلوي بها بسبب تحويلها لمستشفى عزل صحي لمرضى كورونا المستجد، ثم تم تحويله إلى مستشفى ناصر العام بالمحافظة، والذي أيضا لم يجري الجلسة لعدم وجود طبيب وحدة الغسيل الكلوي.

عاد “عشري” وأسرته مرة أخرى إلى المنزل وهو في حالة إعياء شديدة بسبب عدم إجراء الجلسة بعد 5 ساعات من التردد على المستشفيات المختلفة، ليبدأ رحلة جديدة اليوم التالي بذهابه إلى المركز المتخصص المتعاقد مع التأمين الصحي، لتدخل الحالة في تدهور شديدة تنتهي بفقدان الحياة “حمايا فقد حياته بسبب حالة الإعياء الشديد، وملحقناش نعمل له جلسة غسيل كلوي”.

وحسب بيانات وزارة الصحة المصرية، فقد تحولت جميع مستشفيات الحميات البالغة 47 مستشفى، ومستشفيات التأمين الصحي بالكامل التي تصل إلى حوالي ٦٧٥ مستشفى على مستوى الجمهورية، والمعاهد القومية، الكبد، القلب، السكر، إلى مستشفيات عزل لمرضى فيروس كورونا المستجد، الذي بلغت إصاباته 74035 حالة، و3280 وفاة حتى يوم السبت الموافق 4 يوليو الجاري. اضغط هنا

مستشفيات العزل في مصر

وقال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الكبد ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، إن ذلك تسبب في عدم تمكن أصحاب الأمراض المزمنة في العلاج خاصة الذين يعانون من أوضاع اجتماعية صعبة من العلاج أو الوصول للرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية، مضيفا أنهم يفشلون أيضا في الذهاب لمستشفيات خاصة لعدم امتلاك المال.

“عشري” ليس الوحيد الذي تعرض لأزمة بسبب عدم توافر أي فرص لعلاجه، لكن هناك عشرات آخرين عانوا وما زالوا بسبب عدم توافر فرص العلاج، كان منهم فتوح الجندي الذي تجاوز الـ 60 عاما، ويعاني من أمراض سرطان الدم والسكر.

وزيرة الصحة تكشف نسب أصحاب الأمراض المزمنة بين إصابات فيروس كورونا

تقول ابنته ياسمين، إن والدها فتوح الجندي عانى لمدة 3 أيام لعدم توافر أماكن للرعاية الطبية، موضحة أنه يتلقى العلاج في المعهد القومي للسكر والغدد الصماء الذي تحول كمستشفى عزل لمرضى فيروس كورونا.

وأضافت ياسمين، أنه بعد 3 أيام من الذهاب للمستشفيات تم إثارة الواقعة على مواقع السوشيال ميديا خاصة “فيس بوك”، وهو ما دفع الجهات المسئولة لحجزه في أحد المستشفيات الحكومية لتلقى العلاج بعد تدهور حالته.

وردت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة المصرية على استغاثات أصحاب الأمراض المزمنة، بمطالبة المواطنين الراغبين في صرف أدوية الأمراض المزمنة وأدوية غير القادرين وألبان الأطفال التوجه إلى المنشآت التي سيتم الإعلان عنها، وذلك لمدة 3 أشهر، مشيرة إلى انه سيتم توجيه رسالة نصية للمواطنين من أصحاب الأمراض المزمنة للتوجه لصرف العلاج من الوحدة أو المركز الأقرب لهم وذلك لمدة 3 أشهر.

وزيرة الصحة مع أصحاب الامراض المزمنة

وأضافت الوزيرة، في بيان رسمي، أنه بالنسبة للمنتفعين من قرارات العلاج على نفقة الدولة، سيتم توفير قوافل طبية محددة بالأحياء والقرى لصرف الأدوية لهم، وإتاحة اللجان الثلاثية بالقوافل الطبية المحددة لتوقيع الكشف الطبي، وسيتم تجديد قرارات العلاج على نفقة الدولة تلقائيا طبقا للحالة المرضية.

وعلى الرغم من تصريحات وزيرة الصحة، إلا أن الرجل الأربعيني محمد مرعي حسن الذي يسكن محافظة الجيزة، يعاني منذ أيام من آلام شديدة بعد فشله في إجراء عملية قسطرة في القدم منذ 9 يونيو الجاري، على الرغم من تحديد ميعاد العملية على نفقة الدولة.

يقول مرعي إنه يعاني كل يوم وطلب إجراء عملية قسطرة في القدم على نفقة الدولة، في معهد السكر والغدد الصماء، مؤكدا أنه على الرغم من مرور أيام لم يتم التواصل معه حتى الآن، مع تدهور كبير في حالته الصحية وفق ما ذكر.

المصدر: وزارة الصحة والسكان

الدكتور علي محروس نائب مدير التأمين الصحي بوزارة الصحة والسكان، أشار بدوره إلى أن هناك ممرات آمنة متوفرة بالفعل داخل مستشفيات التأمين الصحي والتي تتخطى الـ600 مستشفى على مستوى الجمهورية تسير الهيئة معها بنظام التعاقد، إذ يسهم ذلك في علاج الملايين سنويا، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة والذين يعتبرون التأمين الملاذ الآمن الأكثر توفيرا في الصرف على العمليات والعلاج.

لكن مشكلة 4 أطفال أكبرهم في سن الحادية عشرة، ووالدتهم المعلمة بأحد مدارس الغربية كانت أصعب مع وجود الأب “43 عاما” على قوائم انتظار زراعة كبد بعد سنوات من المعاناة متوقفة بسبب تحويل المعهد القومي للكبد في الجيزة والتابع للهيئة العامة للمستشفيات التعليمية لعزل مصابي فيروس كورونا المستجد، ومن ثم أصبح نصيبه التأجيل إلى جانب آخرين، وتحولت الأم إلى أب وأصبح الأب قعيد المنزل مع تدهور حالته الصحية بسبب عدم تمكنه من تنفيذ العملية.

رحلة حازم مع المرض المزمن “فيروس سي” بدأت عام 2011 حينها اكتشف بالصدفة إصابته أثناء تبرعه بالدم، وكان لزاما عليه أن يدخل الدائرة ويتلقى العلاج من البداية وبعد 3 سنوات يعلن الأطباء شفاءه، لكن في 2015 ينتكس حازم مرة آخرى ليبدأ رحلة جديدة مع فيروس سي، ومع مرور السنوات يصبح على قائمة الانتظار أخيرا في المعهد القومي للكبد بعد فشل حجز مكان في 5 مستشفيات بـ3 محافظات، وينتهي من كافة الترتيبات ومنها إيجاد متبرع، لكن كل هذا ذهب أدراج الرياح وتحول المعهد إلى عزل، لتزداد نسبة التليف في الشهرين الأخيرين إلى 75 %، ولا يزال موقفه من العملية “غامضًا”.

الدكتور محمود طلعت منسق فريق زراعة الكبد بالمعهد أوضح بدوره أن 15 مريضا كانوا على قائمة الانتظار النهائية، أي مجهزين لدخول العملية مباشرة، لكنهم توقفوا جميعا بسبب استقبال المعهد لحالات الإصابة بفيروس كورونا، ومع الوقت توفى اثنين وبقى 13 ينتظرون مصير غير معروف.

تليف الكبد قد يصبج الأسوأ للمريض بعد مرور شهرين أو ثلاثة من عدم تنفيذ العملية، هكذا يصرح الدكتور طلعت في حديثه لـ”القاهرة 24″، إذ تتدهور الحالة الصحية للموجودين على قائمة الانتظار ويتوفى البعض منهم بالفعل، مع الوقت سيصبح الأمر أكثر صعوبة، مرضى الكبد في مصر رقم في معادلة تمكنت الدولة من تنفيذ أهم مبادرة في تاريخها “100 مليون صحة” لكن مع كورونا أصبحت “السيارة ترجع إلى الخلف”.

“100 مليون صحة” تعد أمل جديد في نظر الدكتور علي محروس، حيث تعد المبادرة التي تتكأ عليها منظومة الصحة المصرية في السنوات الأخيرة أملا في مواجهة أزمة الأمراض المزمنة، خاصة مع إطلاقها من قبل رئيس الجمهورية خلال الأسبوعيين الماضيين، ويسهم ذلك في تخفيف كثير من الآلام التي سببها فيروس كورونا.

تابع مواقعنا