“غلابة تحت الأرض”.. الرواية الأخرى للتحرش بطفلة مصابة بـ”متلازمة داون” في الشرقية (فيديو)

لم تكن تدري الطفلة “زهرة” ذات الخمسة عشر عامًا، أن إصابتها بـ”متلازمة داون” والتي حجزت لها مكانًا ضمن طابور طويل من وصف “أصحاب الاحتياجات الخاصة”، لن تجد سوى التربص والتحرش من جانب شاب غلبت الغريزة الحيوانية وشهواته على آدميته.

على بُعد أمتار من مدخل القرية المترامية الأطراف بمدينة الزقازيق، وسط محافظة الشرقية، وبينما تتوسط الشمس كبد سماء في الجمعة الأخيرة من العام المُقضي، كانت الصغيرة كعادتها تلهو في الشارع ولا تنتظر سوى عطف وإحسان اعتادته من أهل بلدتها “كفر الحصر”، لكن ما حدث كان فاجعة كبيرة لم يتوقعها عقل الطفلة “الطيبة الغلبانة”، وفق ما توضحه والدتها.

الأم “عزة إسماعيل سليمان” تحدثت باستفاضة لـ”القاهرة 24″، حول الواقعة وتفاصيلها، مؤكدةً على أن الجاني استدرج ابنتها مستغلًا طيبتها ومرضها الذي يمنعها من استيعاب الأمور أو إدراكها.

الجاني، والذي كان يستقل دراجته البخارية ذات الثلاث عجلات “توك توك” آنذاك، أوقف مركبته ونادى على الطفلة بعدما سال لعابه لشهوته فيها، قبل أن تقترب الصغيرة منه وكل ما يُشغل بالها أنه كغيره من أهل البلدة إما أن يُعطيها جنيه أو اثنين، أو يجلب لها حلوى كما اعتادت من أبناء القرية، لكن السائق جذبها عنوة ودلف بها إلى إحدى البنايات المتهدمة وأخذ في حسر ملابسها عنها كي يفعل فعلته الخسيسة، لكن القدر حمل معه الخلاص والنجدة للطفلة.

صرخات لم تنقطع للصغيرة كانت ضمن أسباب نجدتها؛ إذ سمعتها إحدى السيدات وانتبهت لها، وما إن أطلت من شرفة منزلها حتى أخذت في الصراخ والاستغاثة بأهل البلدة واخذت في توجيه السباب والعنات للمُعتدي، ليترك الأخير الصغيرة ويلوذ بالفرار مستقلًا التوك توك.

“من آخر البلد”.. وصف مُقتضب ذكرتها والدة زهرة وهي تروي ما تعرفه عن الجاني وقتها، لكن كاميرات المراقبة الموجودة بالمنطقة لعبت دور المُنقذ في الإيقاع بالجاني وتحديد هويته.

انتهت الأم من سرد الواقعة وتفاصيلها، لكنها انتبهت لسؤال مراسل “القاهرة 24″، حول تواضع المنزل وظروف المعيشة، لتبدأ في الحديث عن أحوال الأسرة البسيطة، وكيف للفقر أن يحجب النور عن الكثيرين ويتسبب في خروجهم من الحسابات.

“أسرة في مهب الريح”.. ربما كانت الكلمات شائعة بصورة أو بأخرى، لكنها هنا بالكاد تصف جزءً من الواقع المرير لأسرة ” زهرة”، والتي تضُم إلى جوارها ووالدتها ثلاث أشقاء، أكبرهما “محمد” 33 سنة، وهو الوحيد الحاصل على تعليم في الأسرة بشهادة “دبلوم”، لكنه كذلك طريح الفراش لا يقوى على العمل بعدما منعته إصابته المزمنة بـ”الربو” من ذلك.

حبس سائق “توك توك” متهم بهتك عرض طفلة مصابة بـ”متلازمة داون” في الشرقية

ثاني الأخوة يُدعى “السيد” 30 سنة، يتلخص دوره وعمله في “جوال” يحمله ويطوف الشوارع بحثًا عن الخُردة، عله يبيعها ويحصد نقودًا تُعين البيت وأفراده على الحياة، وتُشكل نواه تسند ما يجلبه شقيقه الثالث “حسين” من عمله في “سايبر” بعدما فشل في الاستمرار بالتعليم هو الأخر لأبعد من الصف الثالث الابتدائي.

باقي تفاصيل الحياة تتلخص في شقة متواضعة تهدمت بعض حوائطها، لا يوجد ما يسمح بترميمها، فيما لا تجد الأم وأطفالها الأربعة معاشًا أو نفقات تُعينهم على الحياة سوى نقود “السايبر” وبيع الخُردة، وفق ما أوضحه “حسين” شقيق الطفلة، والذي أكد على أنهم سعوا للحصول على معاش للصغيرة قبل ثلاث سنوات، لكن ما حدث أن إدارة المعاشات التابعة لقرية “بنايوس” القريبة منهم، أخذت الورق دون أي استجابة حتى الآن.

البداية كانت بتلقي اللواء عاطف مهران، مدير أمن الشرقية، إخطارًا من اللواء عمرو رؤوف، مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ من أسرة الطفلة “زهرة ر م” 16 سنة، من ذوي الاحتياجات الخاصة، مُقيمة بقرية “كفر الحصر”، التابعة لدائرة مركز شرطة الزقازيق، يتهمون فيه المدعو “مصطفى.و.م” 19 سنة، سائق “توك توك”، مُقيم بقرية “كفر الزقازيق”، بالتعدي على نجلتهم الطفلة وهتك عرضها مستغلًا إصابتها بـ”متلازمة داون” والشروع في التعدي عليها جنسيًا.

وتبين أنه أثناء تواجد إحدى ربات المنازل الموجودة بالمنطقة في شرفة مسكنها، لاحظت المتهم يراود الطفلة (المجني عليها) عن نفسها، إذ حسر عنها ملابسها وشرعَّ في هتك عرضها محاولًا مواقعتها جنسيًا، فيما كانت الصغيرة تُجاهد لإعادة ترتيب ملابسها، لكن ربة المنزل أخذت في الصراخ بقوة وهي تنهره على فعلته هذه، الأمر الذي كان له بالغ الآثر في أن إنقاذ الطفلة وترك السائق لها بعدما قفز في دراجته صاحبة الثلاث عجلات “توك توك” ولاذ بالفرار”، لكن إحدى كاميرات المراقبة الموجودة بالمنطقة وثقت ما جرى وسهلت فرص اتعرف على هويته.

وفور تفريغ الكاميرات الموجودة بالمنطقة، أمكن التوصل إلى هوية المتهم، وألقى رجال مباحث مركز شرطة الزقازيق، بقيادة الرائد أحمد متولي، رئيس مباحث المركز، القبض عليه، وبمواجتهته أقر بفعلته وما أسفرت عنه التحريات وأقوال اسرة المجني عليها وجارتهم، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 62281 إداري الزقازيق لسنة 2020، وبالعرض على النيابة العامة، برئاسة المستشار عبدالسلام عابدين، وإشراف المستشار الدكتور أحمد التهامي، المحامي العام لنيابات جنوب الشرقية، أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات.