معهد الأورام وخلية الكويت و”مدين”.. ما سر وراء انتماء أغلب العناصر الإرهابية لمحافظتي الفيوم والشرقية؟
تصدرت محافظتي الفيوم والشرقية، قائمة ترتيب المحافظات التي تفرز عناصر إرهابية، مطلوبة على ذمة قضايا، أو تم قتلها في اشتباكات مع قوات الأمن.
كانت محافظة الفيوم حاضرة بقوة في حادث تفجير سيارة مفخخة بالقرب من معهد الأورام ، إذ كشفت وزارة الداخلية أن غالبية المتورطين في الحادث وقائد السيارة المفخخة من المنتمين لجماعة “حسم” الإرهابية”، من محافظة الفيوم.
وبحسب صحيفة “القبس” الكويتية، فإن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على 80 شخصًا من محافظة الفيوم، متورطين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”خلية الكويت”.
على صعيد آخر، كشفت أقوال الشهود في محاكمة 11 متهمًا بينهم بعض قيادات الإخوان الهاربة في تركيا، في القضية المعروفة إعلاميًا بمحاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية.
من هو مؤسس حركة حسم المتهم بتفجير معهد الأورام
وأوضح شاهد، أن حركتي حسم ولواء الثورة الإرهابيتين، أسسهما الإخواني يحيى موسى، ابن محافظة الشرقية الهارب إلى تركيا، والصادر ضده حكم بالإعدام غيابيًا لتورطه في قضية اغتيال النائب العام، ومحاولة اغتيال النائب العام المساعد ومدير أمن الإسكندرية.
محافظة الشرقية أيضًا كانت حاضرة بقوة في مشهد آخر، فالساعات الأخيرة شهدت أنباء عن نية السودان تسليم الإرهابي مدين إبراهيم محمد حسانين، أحد أقطاب جماعة “أنصار الشريعة”، المتورطة في استهداف ضباط وأمناء الشرطة بمحافظة الشرقية ومناطق أخرى.
“الشيخ مدين” كما يلقبه أنصاره، أحد مؤسسي جماعة أنصار الشريعة في الفترة التي تلت فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، واتخذ من محافظة الشرقية مقرًا للجماعة، وتولى قيادة الجماعة، السيد عطا الملقب بـ”أبو عمر” أحد أنصار مدين وتلامذته.
على صعيد العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة، بات اسم محافظتي الفيوم والشرقية مطروحًا بقوة على الساحة، مما فتح باب التساؤل حول السبب وراء إفراز المحافظتين هذا العدد من الإرهابيين والمتطرفين.
من جانبه، كشف عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن جماعة الإخوان والتيار السلفي، ركزوا في محاولة اختراقهم للجتمع المصري على مناطق الأقاليم وبعض المحافظات التي تمثل حاضنة جغرافية لافكارهم المتطرفة.
3 محافظات هم محور الأفكار المتطرفة
وأضاف فاروق، أن هناك 3 محافظات يمثلوا محور للأفكار المتطرفة، في مقدمتهم محافظة دمياط التي يتمركز بها فكر جماعة التكفر والهجرة وفلول التيار القطبي الذين تربوا وتشبعوا الفكر التكفيري على يد تلاميذ سيد قطب.
وأوضح، أن دمياط بها عدد كبير من العناصر التكفيرية التي تستخدم مبدأ “التقية”، تهربًا من الملاحقات الأمنية والضغوط التي تمارسها قوات الأمن على التنظيمات والجماعات الجهادية، وأن هذه العناصر تعتمد على كتب سيد قطب، التي ترسخ لفكر الجاهلية والحاكمية، وكتب حلمي هاشم المرجع الشرعي الأول لتنظيم “داعش” حاليًا، وكتب الدكتور سيد فضل منظر الجهاد المصري، مثل “العمدة في إعداد العدة”، و”الفريضة الغائبة” لمحمد عبد السلام فرج، وكتب أبو الأعلى المودودي.
ولفت، إلى أن قرية السواحل بدمياط، يتمركز بها عائلة الشيخ عبد الفتاح إسماعيل، أحد قيادات تنظيم 65 الإخواني، حيث أن ابنه نجيب عبد الفتاح إسماعيل، الشهير بـ”أبو عمار”، كان يدير من داخل قرية السواحل خلايا تكفيرية مسلحة.
وأكد فاروق، أن نجيب عبد الفتاح إسماعيل، تم إلقاء القبض عليه في أكتوبر 2014، مع ثمانية آخرين بتهمة تكوين خلية تكفيرية تسعى لنشر فكر التكفير والهجرة، داخل البلاد، ووجد بحوزنهم وثائق عن طرق عمل متفجرات وأجهزة كمبيوتر محمولة وبعض خرائط الأماكن الحيوية لمدارس ودور عبادة وعناوين لمحلات مملوكة لأقباط وخرائط لبعض أكمنة الشرطة والجيش.
الشرقية هي ثاني محافظة تضم بؤر إرهابية لجماعة الإخوان
وأشار فاروق، إلى أن ثاني تلك المحافظات، هي محافظة الشرقية التي تعتبر أهم بؤر جماعة الإخوان، وتمثل مركز ثقل كبير للتنظيم الإخواني، وخرج منها عدد كبير من القيادات التنظيمية، كما أنها من المحافظات التي دعمت محمد مرسي والإخوان في الانتخابات الرئاسية وانتخابات البرلمان عقب ثورة يناير 2011.
وذكر، أن محاظفة الشرقية، تمثل امتداد واضح للتيار السلفي، وخرج منها تنظيم انصار الشريعة الذي أسسه مدين ابراهيم، وسيد عطا، كما خرج منها عدد كبير من عناصر تنظيم الجهاد، وعناصر تنظيم القاعدة خلال تسعينات القرن الماضي.
وتابع عمرو فاروق، أن محافظة الفيوم، تعتبر بيئة نشر الفكر التكفيري، منذ ستينات القرن الماضي، لاسيما في ظل تورط عدد من ابنائها في أعمال العنف المسلح الممنهج، خلال المرحلة الراهنة، وذلك لأسباب كثيرة منها انتشار أنصار تيار السلفية الجهادية والتيار التكفيري، الذين أصبحوا مصدرًا كامنًا لنشر سموم وخبث الفكر التكفيري بين أوساط الشباب والأجيال الجديدة.
وألمح، إلى أن جماعة الإخوان استطاعت التغلغل والهيمنة على بعض العائلات داخل قرى محافظة الفيوم على مدار سنوات طوال، مكنتها من تفريخ عدد كبير من الأجيال العمرية المخلتفة داخل جدرانها التنظيمية، ما دفعهم إلى أن يكونوا وقودًا للعمليات الإرهابية التي ينفذها الجناح المسلح للإخوان ضد الدولة المصرية ومؤسساتها ورموزها، فانضم بعضهم لحركة حسم، وحركة لواء الثورة، وحركة العقاب الثوري.
واستكمل: “محافظة الفيوم كانت بمثابة المقر الرسمي لمفتي الإرهاب والأب الروحي لجماعات العنف المسلح، الشيخ عمر عبدالرحمن، بعد أن تزوج منها وأقام فيها، وعمل خطيبًا وإمامًا لأحد مساجدها عقب تخرجه في كلية أصول الدين، في ستينات القرن الماضي، ومن على منبرها أفتى بتحريم صلاة الجنازة على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتكفير الرئيس الراحل أنور السادات”.
وزاد: “محافظة الفيوم كانت أيضًا مقرا لأفكار جماعة الشوقيون، التي أسسها شوقي الشيخ، الذي تنقل قبل دخوله السجن، بين عدد من الجماعات مثل جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي انضم إليها وهو طالب في كلية الزراعة بجامعة حلوان في السبعينيات، مرورًا بجماعة الجهاد، ثم الجماعة الإسلامية، ثم تنظيم الفرقة الناجية لأميرها مجدي الصفتي، وختاماً بجماعة التوقّف والتبيّن، المشهورة إعلاميًا بجماعة التكفير والهجرة”.
ولفت الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن فكر التنظيم ارتكز على تكفير الحاكم والمجتمع والدعوة إلى إقامة الخلافة الإسلامية بالقوة، وفق استراتيجية التغيير من أعلى، واعتبر “الشوقيون” أنفسهم في حالة حرب مع أهالي القرية الذين اتهموهم بالكفر، فالذي لا يتوافق معاهم، من وجهة نظرهم هو “كافر مسالم” والذي يشتبك معهم هو “كافر محارب”.
واختتم الباحث عمرو فاروق، أن شوقي الشيخ، استطاع تحويل قرية “كحك”، إحدى قرى مركز يوسف الصديق، مقرًا لتجنيد الكثير من الشباب، وتدريبهم على حمل السلاح، والتغلغل والسيطرة على عدد كبير من قرى محافظة الفيوم. كاشفًا أن الفيوم كانت مقرًا لعمليات تنظيم “الوعد”، الذي نشط سرًا منذ عام 1996، واتخذ من إحدى المزارع الكائنة مقر لتدريب عناصره على العمل المسلح، وتم القبض على قياداته في 2001، ويعتبر أول تنظيم يعبر بشكل صريح عن تيار السلفية الجهادية.