مصنع الرجال وعرين الأبطال
“نفر قليل من المؤمنين من أبطالنا ضحوا إلى آخر نسمة من أرواحهم فى سبيل الوطن أمام قوات تفوقهم قوة و عتادًا وعددًا، إنهم قد فنوا عن بكرة أبيهم و فى هذا أقصى درجات المجد وكفاهم فخرا أن واحدا منهم لم يتزحزح عن مكانه.. أو يتخلى عن موقعه.. فعلينا ألا ننسى شهداءنا،”، هذه الكلمات قالها الرئيس الراحل محمد نجيب في عيد الشرطة أثناء الاحتفال بذكرى التضحية الوطنية لأبطال البوليس البواسل دفاعًا عن مبنى المحافظة في معركة الإسماعيلية ضد جيش الاحتلال الإنجليزي. على مر العصور، جاد أبطال الشرطة بأروحهم وذادوا عن الوطن والمواطن في أماكن ومعارك عدة، وصارت أعدادهم بالآلاف، إنها العزيمة والقوة والاستبسال والشجاعة التي تعلموها في مصنع الرجال “كلية الشرطة” بالأكاديمية العظيمة.
أكاديمية الشرطة مصنع الرجال ومهد الأبطال صرح علمي أمني شامخ حملت على مر التاريخ مشعل العلم فى خدمة الأمن، فهي ملحمة الوطنية ومصنع الرجال.
“هنا مصنع الرجال”.. هكذا توصف أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، الأعلام ترفرف على واجهة المبنى، يسير الطلاب في صفوف يتغنون بالنشيد الوطني كل صباح، هم في طريقهم إلى قاعات المحاضرات.. وفصيل آخر إلى ساحة التدريب.. وفصيل آخر يعد الدراسات والبحوث للتطوير.. والكل منهمك في عمله يسابق الزمان من بزوغ الفجر حتى غروب الشمس، يسطرون ملحمة في “خدمة الوطن”.
على مساحة تتجاوز سبعمائة وتسعين فدانا بالقوس الشرقى للطريق الدائرى بالتجمع الأول، شيدت أكاديمية الشرطة مبانى جديدة السنوات الماضية لتليق بالسمعة العلمية العريقة التي تتمتع بها عبر تاريخها الطويل الذي امتد قرنًا من الزمان، ويتسم التصميم المعمارى بالطابع الفرعونى الذي يشير إلى العراقة والأصالة المصرية.
أبدًا لم تتوقف أكاديمية الشرطة، عن الوفاء برسالتها فى إعداد وتأهيل رجال الشرطة المؤهلين على أعلى مستوى تعليمياً وتدريبياً وبحثياً، فهي من أقدم أكبر أكاديميات الشرطة فى العالم، وهي الأولى على المستوى الإقليمي، صاحبة الريادة والقيادة على كافة المستويات والأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.
لا يتوقف دور أكاديمية الشرطة عند حد الإعداد والتدريب والتأهيل، إنما يتخطى إلى أبعد من ذلك، فتستقبل الوفود الإفريقية والعربية والمحلية، لتؤهل وتدرب كوادرهم الأمنية، ومن ثم ليس غريباً أن تعد أول مؤسسة تعليمية فى المنطقة تمنح درجتي الماجستير والدكتوراة فى علوم الشرطة.
إدراج مواد حقوق الإنسان والاهتمام بالعنصر البشري، وتطويع التكنولوجيا الحديثة لصالح العمل الأمني، مبادئ أساسية بات الصرح العلمي الأمني الكبير، في الاعتماد عليها في إعداد جيل واع مثقف، ضباط متميزون قادرون على التعاطي مع وسائل التكنولوجيا وتطور الجريمة.
تطورت كلية الشرطة على مر تاريخها شكلا ومضمونًا وتشمل مناهج الدراسة بها، دراسات متعلقة بحقوق الإنسان، وإعداد الكوادر العلمية المناط بها تدريسها، باعتبارها أساسا دستوريًا وشرعيا لعمل جهاز الأمن وشملت كذلك نواح فنية وعلمية متعمقة في مجالات إدارة وتنظيم الشرطة وعملياتها والتحقيق والبحث الجنائي، والطب الشرعي والمرور ومكافحة المخدرات والدفاع المدني والمفرقعات وجرائم الاتجار في البشر ونقل الأعضاء والجريمة المعلوماتية والجرائم غير الوطنية وغيرها.
رجال الشرطة هم الذين يحمون الوطن ويسهرون على أمنه ويحافظون على سلامته، فقد اختصهم الله تعالى حماية لنا في أرضه، يسهرون على خدمتنا ورعايتنا وحمايتنا من اللصوص والقتلة، وممن يريدون أذيتنا أو أذية الوطن من المجرمين، فهم يضحون بأرواحهم من أجل محاربة الفساد، ومكافحة الإرهاب، يؤدون واجبهم بكل أمانٍة، وشرف، بعيدًا عن الخيانة، فلا يبيعون ضمائرهم لأحد لنتمتع بالأمن والأمان.. حفظهم الله وثبتهم.