معلومات الوزراء: أسواق الكربون العالمية تغطي نحو 24% من الانبعاثات الدفيئة
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرًا استعرض من خلاله الأرقام والمؤشرات المتعلقة بـ أسواق الكربون، حيث أوضح أن مصطلح أسواق الكربون يُعبر عن الآليات والتدابير التي يتم تبنيها لمساعدة الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في مختلف الدول على تداول شهادات انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك بهدف دعم إجراءات العمل المناخي، هذا وقد عرَّفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP بأنه نظام تجاري يتم من خلاله تقديم حوافز مالية للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري وذلك لتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية، ويتم التعامل بأسواق الكربون عبر تحديد حجم الخفض أو الإزالة لانبعاثات الغازات الدفيئة في شكل وحدات خفض انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وتسمى تلك الوحدات بـ "شهادات الكربون" ويمكن تداول هذه الشهادات من خلال عمليات البيع أو الشراء.
وعلى مدار الأعوام الماضية كان ينظر إلى "أسواق الكربون" باعتبارها أحد الحلول الفاعلة لمواجهة أزمة تغير المناخ، وأنها السبيل إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المُسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، فسابقًا كانت أسواق الكربون تقتصر على القطاع الخاص وحسب، لكن الأمر تغير في الآونة الأخيرة، حيث تدخلت حكومات الدول عبر الأسواق الممتثلة والطوعية ليتم تداول الكربون من خلالها سواء كان بالبيع أو الشراء.
وتناول مركز المعلومات من خلال التقرير أهمية أسواق الكربون في تخفيف تأثيرات تغير المناخ حيث تنبع أهميتها من كونها تُسهم في تعبئة الموارد والإمكانات والقدرات لتوجيهها إلى دعم الأنشطة منخفضة الانبعاثات وبرامج إزالة الكربون العالمية مع إمكانية التحول باتجاه الاقتصاد الأخضر المستدام منخفض الكربون، كما أنها ستساعد الدول على خفض تكاليف تنفيذ مساهماتها الوطنية لمجابهة تأثيرات تغير المناخ، بما يزيد على النصف أو ما يقدر ب 250 مليار دولار بحلول عام 2030، فضلًا عن كونها تمثل خيارًا فاعلًا للتعويض عن تكاليف الانتقال العادل للطاقة من استخدامات الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر وأخيرًا تساعد الدول على إقامة المشروعات التي تدعم أهداف التنمية المستدامة، مثل مشروعات الطاقة المتجددة والبرامج التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة وحماية التنوع البيولوجي وتعزيز قدرة الدول على الصمود أمام الحوادث المناخية المتطرفة.
معلومات الوزراء: أسواق الكربون العالمية تغطى نحو 24% من الانبعاثات الدفيئة
أوضح المركز أن أكثر من ثُلثي دول العالم بدأ في التفكير مليًا في استخدام أسواق الكربون لاستيفاء مساهماتها الوطنية المرتبطة بتخفيف تأثيرات تغير المناخ عقب اتفاق باريس عام 2015، وتشير نحو 83% من المساهمات المحددة وطنيًا للدول إلى نية الاستفادة من آليات السوق الدولية لخفض الانبعاثات الدفيئة عبر أسواق الكربون، وتغطي أسواق الكربون العالمية وفقًا لتقرير البنك الدولي السنوي لعام 2024 نحو 24% من الانبعاثات الدفيئة في العالم، أي ما يعادل 12.8 جيجا طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وتوجد نحو 110 أدوات لتسعير وتداول الكربون في العالم منها 39 أداة مرتبطة بضريبة الكربون ونحو 35 أداة ضمن آليات الاعتماد الحكومي و36 أداة لخدمات تبادل المعلومات التجارية، وبلغت قيمة سوق الكربون العالمية نحو 881 مليار يورو أي ما يعادل 949 مليار دولار أمريكي عام 2023 وهو المستوى الأعلى لها منذ إنشائها، كما يعد نظام تداول الانبعاثات الأوروبي "EU-ETS"، هو السوق الأعلى من حيث القيمة السوقية في العالم لعام 2023، إذ تبلغ حصتها من إجمالي السوق العالمية نحو 87%، وتليها سوق تداول الانبعاثات البريطانية في المركز الثاني من حيث القيمة السوقية بنسبة 4%، وبلغت عائدات تسعير الكربون في عام 2023، وفقًا لتقرير البنك الدولي السنوي نحو 104 مليارات دولار وقد تم استخدام نصف الإيرادات المجمعة لتمويل البرامج الداعمة لملف البيئة والمناخ.
كما تناول التقرير آليات تسعير الكربون حيث تهدف أسواق الكربون بالأساس إلى تحفيز الدول على الحد من انبعاثاتها الكربونية من أجل الحد من ارتفاع حرارة الأرض، ومن أجل تدشين أسواق الكربون استلزم الأمر تحديد سعر طن الكربون الذي يتم إزالته أو احتجازه أو تخزينه، الذي يحصل بموجبه البائع على شهادة الكربون، أو على العكس يشتريه الملوث لتعويض الانبعاثات المتولدة عن نشاطه المتمثل في إنتاج وشحن السلع، فهذه العملية تبدأ برصد الحكومات ما يسمى بتكاليف انبعاثات الكربون تلك التكاليف التي يتكبدها المواطنون بطرق أخرى نتيجة الأضرار التي تلحق بصحتهم ومحاصيلهم وأراضيهم الزراعية وممتلكاتهم الأخرى جراء التغيرات المناخية المتمثلة في موجات الحر أو الجفاف وموجات الصقيع والبرد والفيضانات والسيول وارتفاع مستوى سطح البحر وربط كل ظاهرة من تلك الظواهر بتبعاتها وأضرارها، ومن ثمَّ يُحدد سعر الكربون في كل دولة، حيث يساعد هذا التسعير على تحويل مسؤولية الأضرار الناتجة عن تأثير التغيرات المناخية إلى أولئك الذين يسهمون في تلويث الهواء من حولنا وعليه يعطي سعر طن الكربون مدلولًا اقتصاديًا لهؤلاء الملوثين وعليهم في النهاية اتخاذ القرار إما الاستمرار في إطلاق الانبعاثات ودفع المقابل وإما الحد من انبعاثاتهم وفقًا للمستوى المسموح وبذلك يتم تحفيز تلك الهيئات على الامتثال لأهداف المناخ والتنمية المستدامة.
هناك نوعان من تسعير الكربون الذي يهدف إلى تحفيز المنتجين على الحد من انبعاثات صناعاتهم، الأول مباشر والآخر غير مباشر بالنسبة للنوع الأخير فيتمثل في إجراءات تعزز استخدام الطاقة المتجددة والإنتاج الأنظف، مثل رفع الدعم وزيادة الضرائب المفروضة على مصادر الطاقة التقليدية كالوقود الأحفوري، بالإضافة إلى الإجراءات التحفيزية مثل تقديم الدعم لمشروعات الوقود الأنظف والطاقة المتجددة، أما التسعير المباشر فيتمثل في الدفع المباشر كضريبة أو المقايضة المباشرة مقابل حجم ما تم إزالته أو إصداره من انبعاثات مكافئة لثاني أكسيد الكربون، ومن أمثلته نظام الاتجار بالانبعاثات الخاص بالاتحاد الأوروبي EU-ETS وضريبة الكربون Carbon taxes أو أسواق الكربون الطوعية، وقد تراوح مدى تسعير الكربون في أسواق الكربون العالمية سالفة الذكر ما بين (0.46 -167) دولار/طن مكافئ لثاني أكسيد الكربون، في حين أن 1% من الانبعاثات العالمية يتم تسعيرها في نطاق أكبر من المدى المقترح للتسعير، وجدير بالملاحظة أن هنالك نحو 40 دولة وأكثر من 20 مدينة وولاية وإقليمًا يتبعون آليات تسعير الكربون، كما تغطي خطط تسعير الكربون المعمول بها حاليًا قرابة 13% من انبعاثات الغازات الدفيئة المتولدة سنويًا.