فما ظنكم برب العالمين موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم.. نص الخطبة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان "فما ظنكم برب العالمين (صناعة الأمل)"، موضحة أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية جمهور المسجد بضرورة التفاؤل والأمل وأهمية حسن الظن بالله، مع ضرورة الامتثال لأمر الله تعالى بإعطاء المرأة حقها الكامل في الميراث.
وقالت وزارة الأوقاف في بيان، إن موضوع الخطبة الأولى موحد على مستوى الجمهورية، وموضوع خطبة الجمعة الثانية يستهدف معالجة قضية الحق في الميراث وبصفة خاصة حق المرأة في الميراث.
موضوع خطبة الجمعة اليوم
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما تقول، ولك الحمد خيرا مما نقول، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها أحدا فردا صمدا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فهذه رسالة أمل وتفاؤل لكل إنسان في هذه الدنيا مع بداية عام جديد، واستقبال الأشهر الحرم المباركة، أبشر أيها النبيل بأيام خير وبركة تشهد فيها جميل اللطف الإلهي وعجيب التدبير الرباني، وإليك هذه البشريات القرآنية هداية لنفسك وسكينة لروحك: {الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين}، {الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز}، {وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}.
أيها الناس {فما ظنكم برب العالمين} كريم، منعم، بر، لطيف، لا يزداد على كثرة الحوائج إلا جودا وسخاء وإكراما! فكم من بلية كشفها، وكم من دعوة أجابها، وكم من سجدة قبلها، وكم من كربة فرجها، وكم من مسكين أعطاه، وكم من فقير أغناه، وكم من يتيم آواه، وكم من مريض شفاه، فتفاءلوا بالخير تجدوه، وكونوا من أهل هذا الوعد الإلهي الذي لا يتخلف «أنا عند ظن عبدي بي».
أيها السادة،{فما ظنكم برب العالمين} هذه رسالته سبحانه إليكم في ثنايا سورة الشرح {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} وقد اشتملت على المعية بدلا من البعدية، والتأكيد بدلا من الانفراد، تأملوها تنشرح صدوركم، وتسموا أرواحكم، ويعظم يقينكم بكرم ربكم.
ويا أيها الإنسان المكرم، اعلم أن الأمل شمس الحياة، به سكينة القلب وطمأنينة الروح، وراحة الفؤاد، فتقرب إلى الله بالأمل والتفاؤل وحسن الظن، اسجد لربك سجدة، وأثن عليه بصفات الجمال والجلال، وابثث في دعائك آمالك وطموحاتك وأمنياتك؛ فإن ربك على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وانطلق من صلاتك لتحيي الأمل في نفوس الناس جابرا خواطرهم بكلمة طيبة، وابتسامة حانية، ورحمة بالصغير، ومسحة على رأس يتيم، ودعوة لمريض، ورقة لمصاب، ولطف بمحزون؛ ليسري الأمل في تلك النفوس كما يسري الماء في الورد. من هنا تصنع الحضارة، ويبنى الإنسان.
ليكن عنوانك أيها الكريم في هذه الحياة الأمل والتفاؤل واليقين في الجبر والرزق والعافية، فمن المحن تأتي المنح، ومن الشدة يخرج الفرج، ومن الظلمة يشرق النور، فها هو الجناب الأنور -صلوات ربي وسلامه عليه- الذي عاش اليتم بكل مراحله وأطواره، وفقد الأحبة بكل جوارحه وآلامه، وأخرج من وطنه الذي أحبه بكل كيانه، قاده الأمل واليقين في مدد رب العالمين ليدخل مكة فاتحا منتصرا قد تزين بالعفو والمرحمة، ليفتح باب الأمل للبشر وقد حصنت دماؤهم، وأعراضهم، وأموالهم، ليمنح البشرية الأمل والحياة.
وإذا كان شهر رجب الأصب بداية الأشهر الحرم المقدسة فاجعله بداية أمل جديد للتقرب إلى الرحمن الرحيم –سبحانه- بصنوف الخير من الصيام والقيام والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام وجبر الخواطر وسائر الصالحات؛ والبعد عن كل عمل يغضب الله -جل جلاله-، {وما تفعلوا من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا}، وليكن حاديك قول الله -سبحانه-: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم}.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن حق الأنثى في الميراث مقدس مصان، ونصيب مفروض ثابت أصيل، وفريضة تؤدى ولا تضيع {فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما}، إن هذا الحق فريضة محوطة بسياج قول سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها».
إن من أعظم المحرمات أن يموت إنسان ويترك ماله ليقسم تقسيما شرعيا، ثم يأتي إنسان يعتدي على حكم الشريعة وعلى ضعف الأنوثة، ويتحكم في التركة بقصد منع الإناث من الميراث بالكلية، أو يضيق عليها لتبيع له حقها بأبخس وأزهد الأثمان.
ألا يعلم هذا المعتدي أن فعله هذا من أعظم الموبقات؟! ألا يتصور أن جرمه هذا اعتداء على حدود الله -جل جلاله-؟! أيها الناس انتبهوا! إن الله تعالى قال في كتابه العظيم بعد بيان أحكام الميراث: {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين}.
فيا من تمنع حق الأنثى في ميراثها الذي حدده الله: احذر من هذا الظلم؛ فإن عاقبته جهنم وبئس المصير، واحذر أن يكون خصمك يوم القيامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: «اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة».