سوريا يحكمها ولد| قالها رفيق الحريري.. فهل كررها وليد جنبلاط وهو يغادر دمشق؟
وليد المعلم ورفيق الحريري اتفقا على هذا الأمر
ما هي هدية وليد جنبلاط إلى حاكم سوريا الجديد؟
كيف لا يتدخل الشرع في لبنان وفيها حزب الله؟
قبل أشهر صدر كتاب لبنان في ظلال جهنم.. من اتفاق الطائف إلى اغتيال الحريري، للسياسي اللبناني باسم السبع الذي عمل مستشارًا لرفيق الحريري حتى اغتياله عام 2005، في فصول الكتاب تحضر سوريا التي رفض عام 2024 أن يغادرها دون أن يقلب فيها كل الأمور من الاستقرار إلى النقيض، وينتهي حكم البعث وعائلة الأسد الذي استمر عقودًا طويلة، لا تعبر عنها إلا الصور التي خرجت من سجون نظام الأسدين: حافظ وبشار.
في داخل الكتاب يروي السبع كواليس اللقاء الأول بين بشار ورفيق الحريري في زيارة أجراها الأخير إلى دمشق فارضًا عليها سرية شديدة، وجرت في أواخر عام 1999، قبل أن يصبح بشار رئيسًا، وقال الحريري للسبع: هناك حاجة لفتح صفحة جديدة، الأب يعاني صحيًا والشاب سيصل إلى الحكم، ومطلوب مني مساعدته، إنها المرّة الأولى التي أقصد فيها الشام ولا ألتقي أبو جمال خدّام.
الاجتماع بينهما استمر ساعة ونصف، وبينما كان بشار مرتاحًا في أعقاب اللقاء وودع الحريري بحرارة، لم يكن الأخير كذلك فبعدما استقل السيارة متخذًا طريق العودة إلى بيروت، قال الحريري لمرافقيه: الاجتماع كان ضروريًا وأكيد منيح، لكن بدّك الصراحة؟ أنا بعد هالجلسة منّي خايف على لبنان، فينا نقلّع شوكنا بأيدينا، تعوّدنا نوقع ونرجع نوقف، أنا صرت خايف على سوريا.
ليسأل السبع عن أسباب تلك الصورة ويرد الحريري: بعد حافظ الأسد ح يحكم سوريا ولد، اللَّه يكون بعون سوريا.
ولد.. لم يقلها الحريري وحده، ولكن قالها رجل عائلة الأسد الأول وليد المعلم أيضًا، ففي الحلقة الثانية من حوار طويل أجراه عضوان الأحمري الصحفي السعودي مع رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق والأمين العام لمجلس أمنها الوطني، حيث كشف الرجل عن كواليس نقاش بينه وبين المعلم.
طلب الأسد وقتها من السعوديين ترتيب لقاء مع رئيس فرنسا، لكن الأمور لم تجرِ على النحو المتوقع كما خطط الجانب السعودي؛ بسبب تراجع الأسد عن وعودٍ كان قد قطعها على نفسه، فيروى الأمير بندر: وصلت إلى دمشق، واستقبلني وزير الخارجية وليد المعلم في المطار، وقال لي بهمس، ولم يكن يريد أن يسمعنا السائق: دخيلك هالولد بيدخلنا في المشاكل.
عندما وصل الأسد إلى رأس السلطة في سوريا لم يكن يبلغ من العمر سوى 34 عامًا واضطر إلى طبخ تعديل دستوري عاجل، مرره من خلال مجلس النواب ولا يزيد أحمد الشرع الآن عن هذا العمر سوى ثماني سنوات فهو في العام الثاني من عقده الخامس 42 عامًا إذ ولد عام 1982، ويجلس الآن على المقعد الذي انتزعه على غفلة في أيام معدودة، بعملية ردع العدوان.
كما كان الحريري أول اللبنانيين زيارة إلى بشار قبل وصوله إلى رأس السلطة في سوريا، كذلك أصبح وليد جنبلاط صاحب الزيارة الأولى إلى دمشق من جانب السياسيين اللبنانيين على رأس وفد من الحزب وكتلة اللقاء الديمقراطي، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى.
الشرع خلال اللقاء تعمد إظهار ثبات رسمي شديد في وجه جنبلاط ووفده، ويبدو أن الزعيم اللبناني لم يكن ينتظر هذا الوجه وكان في مخيلته وجه آخر سيستقبله استقبالًا خاصا في سوريا ولما لا؟ وهو العدو الأكثر حدة لبشار الأسد في لبنان، إلى جانب سمير جعجع وهو صاحب الخطاب الأشرس في وجه الأسد، إذ قال: يا قردًا لم تعرفه الطبيعة يا مخلوقًا من أنصاف الرجال.
وحمل جنبلاط هدية إلى الحاكم الجديد في سوريا عبارة عن كتاب تاريخ ابن خلدون، الذي كتبه جده الأمير شكيب أرسلان، بينما حمل إليه الشرع مجموعة من التصريحات التي تختلف عما قاله الأسد عن لبنان خلال توليه الحكم.
ويرى البعض، أن الزيارة ليست من أجل ضمان يرغب جنبلاط في الحصول عليه من الشرع، إذ يرى الباحث اللبناني حسام عيتاني، إن زيارة وليد جنبلاط المحملة بالرموز إلى دمشق، بعد نحو أسبوعين من سقوط نظام الأسد، تستحق أن توضع في إطار العلاقات الطويلة، ليس بين الموحدين الدروز وعاصمة بلاد الشام فحسب، بل أيضا في سياق تصور الدروز في لبنان وسوريا وفلسطين لدورهم في المنطقة، وما يجب أن يكون عليه مستقبلهم، وكيفية تصحيح خلل فرضه النظام السوري السابق على العلاقة.
وعلى نفس الأمر فـ غسان شربل قال: تركيبة الوفد تعكس اهتمامَ جنبلاط الدائم بترسيخ وجود المكوّن الدرزي في العمق العربي والإسلامي، خصوصًا بعد تحركات نتنياهو الأخيرة، إذ يأمل جنبلاط في أن تقومَ بين لبنان وسوريا الجديدة علاقاتٌ طبيعية بين جارين.
الشرع الذي خلع ثياب جبهة النُصرة وتحول إلى بدلة السياسة، التي أضاف عليها رابطة العنق لأول مرة في لقاء جنبلاط، لا بُد أن يكون الملف اللبناني حاضرًا في ذهنه في المستقبل القريب لا سيما أن مكونًا رئيسيًا فيها هو حزب الله، ساعد الأسد على الصمود لسنوات طويلة في وجه الفصائل المعارضة.