ممثل الأرثوذكسية عن مشروع قانون الأسرة المسيحية: سنتوسع في أسباب بطلان الزواج وكل غش سيبطله.. وهذا موقفنا من التبني والوصية والميراث| حوار
انتهينا من أول مشروع قانون للأحوال الشخصية للأسرة المسيحية
سنتوسع في بطلان الزواج لـ الأرثوذكس.. وكل غش سيُبطله
المثلية والهجران وشبهة الزنا لـ 3 سنوات تبطل الزواج
تشكيل لجنة للمصالحات قبل الحكم ببطلان الزواج والمخطئ لن يُزوَّج مرة أخرى
لن نسمح بالتبني ولن نُشرّع قانونًا يؤذي جيراننا المسلمين
الرؤية والحضانة والنفقة والولاية التعليمية ستسير وفقًا للأحوال الشخصية للمسلمين
قد نكون على بعد أيام قليلة من ظهور أول قانون لتنظيم الأحوال الشخصية لـ الأسرة المسيحية في مصر بجميع طوائفهم، فجميع المؤشرات تدل على ذلك، فاللجنة المشكلة بقرار رئاسي انتهت بالفعل من عملها، وتم أخذ موافقات الطوائف المسيحية عليه، لذلك الآن وفقًا لـ حديث المستشار منصف نجيب، ممثل الكنيسة الأرثوذكسية في لجنة إعداد مشروع القانون، الكرة في ملعب مجلس الوزراء، بل وأصبح مشروع القانون جاهزًا لـ إرساله للبرلمان.
حوار المستشار منصف نجيب مع القاهرة 24، امتد لكشف أبرز ملامح مشروع قانون الأحوال الشخصية للأسرة المسيحية، وكيف سيتم وضع ضوابط عند إقرار التوسع في بطلان الزواج، وماذا عن التبني، والوصية والإرث إذا لم يكن هناك توافق بين الورثة؟
فإلى نص الحوار:
في البداية.. لماذا بقيت مصر دون تشريع للأحوال الشخصية للأسرة المسيحية؟
هذا الأمر له حكاية ليس فقط مجرد سبب، فعندما دخل الإسلام إلى مصر التزم الولاة المسلمون بأحكام القرءان، وبذلك تركوا للكهنة الحكم في قضايا الأحوال الشخصية بين المسيحيين، وظل الأمر هكذا بعد إنشاء المجلس المِلّي في القرن الثامن عشر، وأُسند إليه اختصاص القضاء في الأحوال الشخصية للمسيحيين.
ومرت الأيام إلى أن تم إعادة تشكيل المجلس المِلي، حيث ضم قامات في القانون المصري، فوجدوا أن المجالس الملية كثيرة توجد في كل محافظة، وكلهم لم يسيروا على قواعد أو أسلوب واحد، وذلك نظرًا لغياب وجود قواعد مكتوبة تحكم الأحوال الشخصية، لذلك تم إنشاء ما سمي بلائحة 38 والتي رفضتها الكنيسة بسبب توسعها في أسباب الطلاق، فكُرهت هذه اللائحة وحوربت كثيرًا، إلى أن ألغيت المحاكم المِلية في عام 55، وبالتالي أصبحت المحاكم المدنية تحكم وفقًا للعرف.
وبالتالي هناك بعض المحاكم المدنية التزمت بلائحة 38 وأخرى لم تلتزم بل امتنعت عن التطبيق، لذلك نشأ ما سمي بتجارة الأديان، وأصبح تغيير الملة أو الدين تجارة، “إنت عاوز تطلق غيّر ملتك”، وبالتالي تنطبق عليك أحكام الشريعة الإسلامية، وظهرت مأساة ما زالت مستمرة حتى اليوم.
وماذا عن الدور الذي لعبته الكنيسة في صياغة القانون؟
في عام 77 قداسة البابا شنودة اجتمع مع رؤساء الطوائف، وفكر في عمل قانون موحد، حيث أصرّ على وجود نهاية لما سُمى بتجارة الأديان، ومن هنا أكد أنه لا حل إلا بوجود قانون موحد يسير عليه الكل، لكن كان التحدي في مواجهة الخلافات بين الطوائف في خصوصية الزواج وبطلان الزواج، لكن تم التوافق على الاحتفاظ بخصوصية كل طائفة، وبالفعل تم إعداد قانون، ووُقع عليه من قبل الطوائف المختلفة، وقُدم من قبل وزارة العدل، لكنه اختفى دون سبب.
وبعد 10 سنوات تم تنقيح القانون مرة أخرى، وبإمضاء الطوائف جميعًا، لكنه اختفى مرة أخرى، إلى أن صدر حكم المحكمة الإدارية العليا، في عام 2010، بإلزام الكنيسة بتزويج المطلق الأمر الذي كانت ترفضه الكنيسة، لذلك تم الطعن في هذا الحكم وأوقف تنفيذه من قبل المحكمة الدستورية، ولكن المشكلة ظلت قائمة.
وجاءت توجيهات الرئيس حسني مبارك، بتشكيل لجنة لإعداد قانون متوازن للأحوال الشخصية للمسيحيين، وبالفعل حدث وتم إرسال القانون إليه للتوقيع عليه، الأمر الذي لم يحدث لعدم عرضه على البرلمان، إلى أن قامت ثورة 2011.
وبدأنا من أول السطر مرة أخرى بد توجيهات رئاسية، منذ 6 سنوات، ونجحنا في الحصول على موافقات الطوائف المختلفة، وإن كان الأمر اقتضى وقتا استمر لـ 3 سنوات، لأن الكاثوليك رئاستهم في الفاتيكان، إلى أن تم الانتهاء من مشروع القانون، بعد الحصول على موافقة وزارة العدل عليه، والتي أرسلته إلى المجالس القومية المتخصصة، فقد كان لها بعض الملاحظات الصياغية، وما جد منذ قرابة 15 يومًا اجتمعنا مرة أخرى، وتم التصديق على النسخة النهائية لمشروع القانون.
بصفتك ممثل الكنيسة القبطية في اللجنة المشكلة لإعداد القانون، حدثنا عن أبرز النقاط التي تم التوافق عليها بين الكنائس؟
أول نجاح هو الاتفاق على تطبيق قانون العقد، الأمر الذي سيقضي على الإتجار في الأديان، حيث احتفظ هذا الاتفاق لكل طائفة بعاداتها وتقاليدها الخاصة، فكل طائفة لها قواعدها معترف بها، فالكاثوليك أجازوا الطلاق بإذن مباشر من البابا في روما، الأمر الذي سينص عليه مشروع القانون، بالإضافة إلى أنه تم التوافق بين الطوائف على أن كل غش سيبطل الزواج، فلا يزال هناك شرط وحيد لإبطال الزواج، هو "الغش في بكورية الزوجة"، فبموجب مشروع القانون فإنه كل غش في حكم القانون المدني “غش سيبطل الزواج”، وهو الأمر الذي له أمثلة كثيرة.
وكيف جرى التوسع في ذلك؟
النص الإنجيلي في التفسير الضيق له أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا، لذلك نحن توسعنا في بطلان الزواج، “زمان محدش اتكلم عن المثلية الجنسية، اليوم وفقًا لمشروع القانون فإنها تترتب على بطلان الزواج”، إضافة إلى حالة التأكد من إصابة أحد الزوجين بالعقم أو مرض معدٍ، وكذلك بطلان الزواج بسبب هجران أحد الزوجين للآخر بغير سبب معلوم لمدة تتجاوز 3 سنوات، فيجوز بطلان الزواج، وهو الأمر الذي وافقت عليه المجامع المقدسة للكنائس، بالإضافة إلى وجود شبهة قوية على ارتكاب جريمة الزنا، فأجيز ما سمي بالزنا الحكمي، وهو ما استحدثه مشروع قانون الأحوال الشخصية.
فالحالات الموجودة في المهجر حالات مؤلمة، أعرف حالة على المستوى الشخصي، زوجها تركها وذهب إلى إحدى الدول العربية، وقرر عدم الرجوع مرة أخرى، والآن هي معلقة منذ قرابة الـ 6 سنوات، لذلك القانون سيعالج هذا الأمر، فتلك معاناة يومية لا يتخيلها أحد.
كما سيعمق القانون معنى المواطنة، فأنت لا تتخيل الفراغ التشريعي الرهيب، إذ إن هناك الكثير من المسيحيين هاجروا، وطبقا للقانون الكندي مثلا لا يتم كتابة أسباب الطلاق، وعندما تعود إلى مصر سيدة مسيحية طلقها زوجها في كندا، ترفض المحكمة طلاقها بسبب أن الحكم غير مسبب، وهي -المحكمة المصرية- تشترط إثبات سبب الطلاق.
وهل تعتقد أن ذلك كافٍ لحل جميع المشكلات الأسرية بين المسيحيين؟
لا أزعم أن القانون الجديد سيحل جميع مشكلات الأزواج المصريين، لأن كل مشكلة قائمة بذاتها ويصعب التماثل، لكن أقول إنه سيحل قرابة 80% من هذه المشكلات، خصوصا تجارة الأديان، حيث تم الاستناد إلى أن كل طائفة قائمة بذاتها في هذا الأمر، مثلا، الأرثوذكس يتزوج من أرثوذوكس تطبق عليه أحكام الأرثوذكسية، ويستوي في ذلك حتى ولو غير ملته لـ أي ملة أخرى، بل حتى ولو أشهر إسلامه، فهو محكوم بنصوص القانون المتعلقة بالأرثوذكس، لذلك أعتقد أن هذا أكبر خطوة للقضاء على تجارة الأديان، فقد رأينا من يلجأ إلى وسطاء لجلب شهادات بتغيير الملة أو الطائفة من خارج مصر، مثل لبنان من أجل الطلاق، وتكون في النهاية مزورة.
ما الضوابط الجديدة التي وضعها القانون بخصوص الزواج مرة أخرى للمطلقين؟
المطلق ويريد الزواج، سيذهب إلى رئاسته الدينية لأخذ إذن زواج، لكن قبل المحكمة، سيتم تشكيل لجان مصالحات، تفحص الحالات، وتحدد سبب الخطأ، إما بالصلح أو الإحالة إلى المحكمة، ومن ثم إرسال ملف الحالة إلى الكنيسة مرة أخرى، فالبريء يتزوج مرة أخرى، بينما الزوج المخطئ لن يُزوَّج مرة أخرى ولن يتم السماح له بذلك.
كيف يعالج القانون قضية الميراث وهل هناك توجه لإعطاء المرأة المسيحية حقوقًا مساوية للرجل في الميراث؟
فيما يتعلق بالميراث تم اعتماد أنه للأنثى مثل حظ الذكر، وأن كل طبقة تحجب ما بعدها، مثلا بنتي تحجب أولاد عمها، فالأبناء طبقة وبالتالي تحجب طبقة أولاد العم.. بينما الوصية فكل شخص له الحق في الوصاية كما يشاء
كيف يعالج القانون قضية التبني؟
في مشروع قانون 2010، تم وضع باب للتبني، بناء على طلب الكاثوليك والبروتستانت، لكن عندما عرضنا الأمر على قداسة البابا شنودة رفض بشدة، وقال: لا تبنّي في الإسلام وأنا لا أعمل قانون يؤذي جاري المسلم، فالتبني هيعمل مشاكل كثيرة، ورفض تمامًا، لذلك التزمنا بهذا ولن نضمّن مشروع القانون الحالي، أي ذكر للتبنّي، وسجلنا ذلك في مضابط الجلسات.
حدثنا عن الإطار الزمني المتوقع للانتهاء من مناقشة مشروع القانون وإقراره؟
مشروع القانون مكون من 180 مادة، منها 80 مادة مشتركة مع مشروع قانون الأسرة المسلمة، مثل الأحكام الخاصة بالرؤية والحضانة والنفقة، والولاية التعليمية، فنأمل أن يخرج القانونان سويًا، وأتمنى أن ينتهيا معا، مشروع القانون أصبح جاهزًا لإرساله إلى مجلس النواب، لكن لن يتم ذلك إلا من خلال قرار حكومي من مجلس الوزراء، وأتوقع أن يكون ذلك قريبًا، بل أتمنى أن يكون في دور الانعقاد الجاري، ويسري القانون من تاريخ صدوره، وليس على الحالات السابقة.
ما الرسالة التي تود توجيهها للمواطنين المسيحيين بشأن القانون؟ وكيف ترى تأثيره على المجتمع ككل؟
الفرج قريب، مرت أزمة كبيرة وأستطيع القول لجميع المسيحيين في مصر: عندنا حكومة لديها إرادة لإعمال أحكام الدستور في المواطنة، مثل قانون بناء الكنائس الذي حل مشكلات لا تخطر على بال أحد، في ظل توجيهات رئاسية لوزارة العدل لإنجاز الخير، فمصر بلد يعيش فينا.. ووطن بل كنائس خير من كنائس بلا وطن، مثلما يقول البابا تواضروس.
أمس القريب، كان هناك جدل دائر في قانون الضمان الاجتماعي، خصوصا فيما يتعلق بالمرأة المسيحية المطلقة أو المنفصلة، هل يتم تركها بلا كفالة اجتماعية، لذلك بعد التشاور مع قداسة الباباـ تم التواصل إلى صيغة توافقية، أن المسيحية المطلقة أو المنفصلة، تستحق كفالة اجتماعية، ويثبت ذلك إما بحكم محكمة، أو بشهادة الشهود.