دعاء استفتاح الصلاة بـ 7 صيغ.. إحداها تنافس عليها 12 ملكًا
يقصد من دعاء استفتاح الصلاة، ابتداء وافتتاح الصلاة، وهو دعاء جميل له فضل عظيم، ويعد من سنن الصلاة التي لا يأثم تاركها ويثاب فاعلها، ويُسمى لدى العلماء من هيئات الصلاة، فما هي صيغ دعاء استفتاح الصلاة وأيسرها ووقتها وما الصيغة التي تنافس عليها 12 ملكًا لكتابتها وراء صحابي؟، هذا ما نناقشه عبر القاهرة 24.
دعاء استفتاح الصلاة
ورد في دعاء استفتاح الصلاة العديد من الصيغ التي يخشع لها القلب، ولعل الفائدة الأكبر لدعاء الاستفتاح هو الحصول على الخشوع المطلوب للدخول في الصلاة، كما يكون الدعاء فيها أقرب للاستجابة، لأن دعاء استفتاح الصلاة يشتمل على ثناء لله تعالى ويقال قبل قراءة الفاتحة.
وفي فتوى رسمية لها، قالت دار الإفتاء المصرية إن دعاء استفتاح الصلاة اصطلاحًا، هو الذكر المشروع بين تكبيرة الإحرام والاستعاذة للقراءة، من نحو: "سبحانك اللهم" أو "وجهتُ وجهي"، سمي بذلك؛ لأنَّه شُرِعَ ليستفتح به الصلاة.
وحول أسهل وأقصر صيغ دعاء استفتاح الصلاة، أكدت أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيغ متعددة لدعاء الاستفتاح في الصلاة؛ منها ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ".
ومنها ما ورد عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ قَالَ: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك".
دعاء استفتاح قيام الليل
وضمن صيغ دعاء استفتاح الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما جاء من دعاء استفتاح قيام الليل، وهو دعاء طويل كان يحرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة القيام قبل بعد تكبيرة الإحرام وقبل الفاتحة، ويختلف تمامًا عن دعاء القنوت الذي يقال بعد الرفع من الركوع.
وجاء في صحيح مسلم، عنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وشرح الدكتور محمد حسان، الداعية الإسلامي، في فيديو مصور له، صيغ دعاء استفتاح الصلاة وهو سُنة من سنن الصلاة، ليس ركنًا ولا واجبًا، وقد ورد فيه 7 صيغ مختلفة، اثنتين منهم وردت عن صحابة صدّق النبي صلى الله عليه وسلم على دعائهما وأثنى عليهما.
وإضافة للصيغ الثلاثة السابقة، أضاف الدكتور محمد حسان صيغة رابعة فقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كبَّر في الصَّلاةِ سكَت هُنَيهةً قبْلَ أنْ يقرَأَ فقُلْتُ يا رسولَ اللهِ بأبي وأُمِّي أرأَيْتَ سكوتَكَ بَيْنَ التَّكبيرِ والقراءةِ ما هو ؟ قال: "أقولُ: اللَّهمَّ باعِدْ بَيْني وبَيْن خَطايايَ كما باعَدْتَ بَيْنَ المشرِقِ والمغرِبِ اللَّهمَّ نقِّني مِن الخَطايا كما يُنقَّى الثَّوبُ الأبيضُ مِن الدَّنَسِ اللَّهمَّ اغسِلْني مِن خَطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ".
وأوضح حسان أنه من الخطأ أن يظن البعض أن الصيغة السابقة دعاء للموتى فقط، بل هو دعاء استفتاح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ووردت رواية خامسة في صحيح مسلم، أن رجلا جاء وأدرك النبي وهو يصلي مسرعًا فدخل الصلاة وقد حبسه النفس "أنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ قالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكَلِمَاتِ؟ فأرَمَّ القَوْمُ، فَقالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بهَا؟ فإنَّه لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُهَا، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا".
وتابع حسان أنه في رواية سادسة، قال عبد الله بن عمر: بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ.
ونصح الداعية الإسلامي، أن يحرص المسلم على التنويع بين صيغ دعاء استفتاح الصلاة الواردة في السنة النبوية، فيردد إحداها في صلاة والأخرى في صلاة أخرى حتى يستشعر الخشوع في كل مرة يردد فيها دعاء الاستفتاح. منوهًا إلى أن الاعتماد على صيغة واحد قد يحول دعاء استفتاح الصلاة إلى روتين لا يتحصل منه المسلم الخشوع في كل مرة.
ووردت صيغة سابعة اختلف حول صحتها العلماء وصنف ابن جابر الحديث التي وردت فيه بأنه لا يصح، وهي: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا افتتح الصَّلاة كبَّر، ثمَّ قال: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} اللَّهُمَّ اهْدِني لأيسَرِ الأعمالِ وأحسَنِ الأخلاقِ؛ فإنَّه لا يهدي لأحسَنِها إلَّا أنت، وقِنِي شَرَّ الأخلاقِ؛ فإنَّه لا يقي شَرَّها إلَّا أنت.