مستمدة من الحضارة الفرعونية والإسلامية.. عمارة القصر الجمهوري بالعاصمة الإدارية تبهر زعماء دول الثماني النامية
نحن لا نعتدي أو نهاجم أو نغزو أي دولة إنما نحمي بلادنا وشعبنا.. تلك المقولة التي تعبر عن الهوية الوطنية والشخصية المصرية؛ نُقشت هي وغيرها أعلى إيوان قاعة الاجتماعات الرئيسية بالقصر الرئاسي بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي استقبل صباح اليوم الخميس، افتتاح أعمال القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية لـ التعاون الاقتصادي، بحضور زعماء وقادة الدول الأعضاء ومن بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي.
القصر الجمهوري بالعاصمة الإدارية الجديدة
للوهلة الأولى، دٌهش الكثيرون وعبروا عن إعجابهم من جمال العمارة وعظمة البناء عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، معربين عن إعجابهم من رونق وجمال تصميم القصر الرئاسي بالعاصمة الإدارية الجديدة، من خلال المشاهد الجوية التي سجلت وصول الزعماء إليه، خاصة وأنه استمدت من الحضارة المصرية القديمة في المعابد والقصور الفرعونية، وهو ما يؤكد على دلالت ترسيخ الهوية الوطنية المصرية وعمق تأثيرها منذ آلاف السنين وإسهاماتها الفكرية والحضارية.
البداية مع بوابة القصر الرئيسية والتي استلمهت من قرص الشمس المجنح والذي كان مصدرا للقوة والحماية عند المصريين القدماء، مرورا بالبحيرة المقدسة والتي تمثل شريانا للحياة ومصدرا للتنمية والسلام، وتلك الأسود التي تقف في وسطها رمزا على القوة والعزة، ثم تسير بالضيوف "زهرة اللوتس" رمز العطاء عبر طريق تم تمهيده بالجرانيت الأحمر والأسود والذي بنيت بهما المسلات والمعابد والتماثيل والتي عاشت حتى اليوم شامخة رغم عواصف الزمان والأحداث.
وفي داخل القصر الجمهوري بالعاصمة الإدارية، نقشت على بهوه الرئيسي “الفيسيفساء الإسلامية” وآيات الذكر الحكيم وقد خطت بخطوط عربية وفيها ذكر مصر في القرآن الكريم، بينما باقي قاعته الممتدة رسمت صورا من فنون فلكورية بديعة ومنها تلك الفتاة الشابة التي ترتدي الجلباب البلدي وتنثر حبوب القمح وكأنها مصر المعطاءة على امتداد تاريخها، وكيف لا وهي التي كانت مهبط السائلين وخزائن الغلال لشعوب الأرض.
القصر الجمهوري بالعاصمة الإدارية الجديدة يبهر الزعماء والمشاركين
العين فاضحة.. هكذا يقول المثل الشعبي وهو ما دلل عليه نظرات الإعجاب التي ظهرت من الرؤساء وزعماء العالم ومرافقهم الذي شاركوا في افتتاح أعمال القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية لـ التعاون الاقتصادي، ووثقتها الصور ومقاطع الفيديو فهذا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب التوقيع في سجل التشريفات وانتقاله من قاعة لأخرى، يرافقه أحد معاونيه والذي لم يخفي انبهاره بعظمة هذا الصرح وتلك الرسومات التي تدلل على الجمهورية الجديدة.
ولم يكتفي البعض بالنظرات بل أكدوا ذلك بكلمات تحدث بها رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي رئيس الحكومة، مهنئا الرئيس السيسي في بداية كلمته بقوله: “أهنئكم على التحفة الفنية التي تحتضن هذا المؤتمر.. وأدعو الله العزيز القدير أن يجعل هذه الواحة خير واستقرار وازدهار لمصر الحبيبة”.
دلالات انبهار الحضور بقمة الدول الثمانية التي احتضنها القصر الجمهوري بالعاصمة الإدارية الجديدة، تجلت في كلمات الرئيس السيسي التي رحب بها بالضيوف قائلا: “ارحب بكم جميعا في مصر وبالتحديد في العاصمة الإدارية الجديدة بما تحمله من أبعاد ثقافية وحضارية وتنموية.. وبالتأكيد لكل دولة من دولنا تاريخ وحضارة وثقافة”.
مناقشات جادة لأوضاع المنطقة وقضايا الدول المشاركة
الجلسات الذي شهدها القصر الرئاسي، تناولت استضافة مصر القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي D - 8، والتي شاركت بها قادة تركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا، بجانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يحضر القمة بدعوة مصرية، كما ناقشت الأحداث الدائرة بمنطقة الشرق الأوسط وإعادة الإعمار في غزة ولبنان، والأوضاع في فلسطين وضرورة وقف إطلاق النار واستعادة الاستقرار في المنطقة.
العاصمة الإدارية الجديدة
القصر الرئاسي جزء من تشييدات العاصمة الإدارية الجديدة، إحدى مدن الجيل الرابع الذي بدأت الدولة إنشائها منذ سنوات، وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة نحو 170 ألف فدان، وتعد أكبر من مساحة سنغافورة وأكبر أربعة أضعاف من مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المخطط أن تستوعب ما يقرب من 6.5 مليون نسمة عند الانتهاء من مراحلها الإنشائية بالكامل.
التكاملية التي برزت في منشآت العاصمة الإدارية، جعلتها محط أنظار واهتمام دول وزعماء، فها هو رئيس وزراء تنزانيا - خلال جولة بالعاصمة الإدارية - طلب بنقل تجربة العاصمة الإدارية، نظرا لأن بلاده بصدد إنشاء عاصمة إدارية جديدة تدعى بدوما، على مسافة 450 كليو متر، كذلك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هو الآخر في زيارته الأخيرة لمصر كشف عن إمكانية نقل تلك التجرية والاستفادة من خبرات الشركات المصرية المنفذة للعاصمة الإدارية الجديدة.
هذا الصرح الذي بني من الخارج على هيئة صرح من صروح الحضارة المصرية القديمة، هو دليل ملموس على امتداد قدرة المصريين على السير على درب الأجداد وأنهم قادرون على إيجاد حلول للتحديات التي تواجههم في حاضرهم ومستقبلهم.