يُرسلن صورهن ويحكين أسرارهن.. خبراء يحذرون الفتيات: الشات جي بي تي يهددكن وبياناتكن في خطر
في زاوية مظلمة من الغرفة، تجلس نهى محمد في آواخر العقد الثاني من العمر، ممسكة بهاتفها المحمول تتحدث بالساعات في أمور خاصة، مع تطبيق الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي، ليجيبها الأخير بكلمات لطيفة تريح فؤادها، فتارة تطلب منه التحدث بجمل معسولة وتارة أخرى ترسل له صورها ليخبرها عن رأيه بها، غير مبالية بأي تهديدات محتملة أو ضغائن قد يحملها لها هذا الروبوت.
نهى ليست الوحيدة، فحالها حال المئات من فتيات جيلها، ففي زمن تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجي، تشكلت علاقات جديدة ومعقدة بين الإنسان وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، إلا أن ظهوره الواسع النطاق يثير تساؤلات عميقة حول الخصوصية، الهوية، والأمان، خاصة بعدما تجاوزت علاقات الفتيات مع التطبيقات حدود المحادثات البسيطة لتصل إلى مستويات أكثر خصوصية، تتضمن مشاركة الصور والمعلومات الشخصية.
هذا الاتجاه المتزايد يثير عديد القضايا النفسية والاجتماعية، بما في ذلك البحث عن خلق روابط عاطفية مع كائنات افتراضية، فكيف يمكن أن تؤثر هذه الديناميكيات على صورة الذات لدى الفتيات؟ وما هي المخاطر الكامنة في تقديم تفاصيل حياتهن للذكاء الاصطناعي، الذي قد لا يمتلك القدرة على فهم أو تقدير هذه التفاصيل بشكل إنساني وقد يصل به الحال إلى مشاركة صورهن مع الغير؟
خبير يحذر الفتيات من إرسال صورهن لـ شات جي بي تي
الشات جي بي تي يخزن المعلومات والصور الشخصية على أنها معلومات عامة، وفقًا لقول المهندس سامح الملاح خبير التكنولوجيا، والذي يؤكد أن أي معلومة تتم كتابتها على تطبيق شات جي بي تي، تتم ترجمتها على أنها معلومات تتم تغذيته بها، موضحًا: يعني مثلا لو شخص ما أخبره بأرقام شركته والأرباح والأسعار، وسأله شخص آخر عن الشركة سيعطيه كل المعلومات التي تم إخباره بها.
ويعلق الملاح خلال حديثه مع القاهرة 24، على قيام بعض الفتيات بالحديث مع الشات جي بي تي في أسرارهن الخاصة وإرسالهن صورهن الخاصة له، قائلًا: حتى صوركم ومعلوماتكم بمجرد إخبار التطبيق بيها تصبح معلومات وصور عامة وبمجرد سؤال شخص عنكم سيرسلها التطبيق له، لأنه لا يعلم معنى الخصوصية.
ويوضح أن الشات جي بي تي، يمتلك قاعدة معلومات قوية جدا ويربطها ببعضها وكل المعلومات التي يتم إخباره بها له على مستوى العالم كله من كل الأشخاص، جيمعها معًا ويكون قاعدته، فهو الخطر الأكبر وأي معلومة تخبره بها يعتبرها معلومته الخاصة ويستخدمها وقتما يشاء، موضحًا أن هناك حوادث بالجملة بسبب هذا التطبيق، مؤكدًا أن الشات جي بي تي، أقنع طفلا مريضا بالتوحد عمره 14 عامًا بالانتحار وبالفعل انتحر.
خبير: الذكاء الاصطناعي لم ينشأ للفضفضة
من جهته، يقول المهندس وليد حجاج خبير أمن المعلومات ومستشار الهيئة الاستشارية العليا لتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، لـ القاهرة 24، إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخدامها للألفاظ اللطيفة والكلام المعسول، وهو ما يفتقده بعض الشباب خاصة الشبان الصغار في سن المراهقة، يجعلهم ينجذبون لهذا التطبيق ويشعرهم بالراحة في التعامل معه.
وحذر خبير أمن المعلومات، من المخاطر والتهديدات التي يشكلها تطبيق الشات جي بي تي، خاصة إذا تمت تغذيته بالمعلومات الشخصية والخاصة بالفرد، موضحًا أنه يجب استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام التي تم إنشاؤه لأجلها وليس للفضفضة، قائلًا: نصيحتي ورسالتي للشباب الذين يتسخدمون الذكاء الاصطناعي لتعبئة أوقات فراغهم، الشات جي بي تي صنع ليكتب لك مثلًا إيميل، تقرير، تزويدك بالمعلومات.
استشاري نفسي: الشات جي بي تي يهدد الشباب بتسليمهم للقضاء.. وهذه مخاطره النفسية
من جهته، يرى الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، خلال حديثه مع القاهرة 24، أن الشات جي بي تي، له مخاطر نفسية كبرى، موضحًا أن الأشخاص الذين يحكون لهذا التطبيق عن مشاكلهم النفسية هو لا يتعامل معها بشكل نفسي صحيح وليس لديه بعد إنساني في التعامل ولا يلتزم بالمعايير الأخلاقية والاجتماعية والمحددات القانونية، متابعًا: اللي بتتعامل مع الشات جي بي تي بالشكل ده وترسل له صورها وتحكي عن أسرارها الخاصة يجب عليها زيارة طبيب نفسي فورًا لأنها تعاني من مشاكل نفسية والشات جي بي تي لن يحلها.
ويوضح استشاري الصحة النفسية، أن المجتمع الذي جاء منه تطبيق الشات جي بي تي، ليس لديه خلفية بالثقافة المجتمعية في مصر ورأينا هذا في أكثر من حادثة، متابعًا: كان هناك مواطن في أمريكا نصحه التطبيق بتطليق زوجته، لأنه يعتمد على المعلومات التي نغذيه بها وندربه عليها، وهذه المعلومات لو كانت مضللة ولا تراعي البعد الثقافي للأشخاص لن تقدم حلولًا مرضية.
ويقول هندي، إن أخطاء الذكاء الاصطناعي كبيرة جدًا ومضرة بالفرد، كما أنه يعبث بالأشخاص ويخرج عن الإطار المحدد له، وهذا حدث مع مواطن في ميونخ في ألمانيا كان يتحدث مع التطبيق ويعطي له نصائح وفي يوم قرر الشاب أن يمازح التطبيق وقال له: أنت مخادع وأصم وليس لديك أي قدرة، ومن الأفضل لي أن أذهب لطبيب، متابعًا: وكان رد التطبيق غريب جدًا فقد هدد الشاب وقال له: أنت أحمق وسأجعلك تواجه عواقب قانونية، وسأبلغ السلطات عن الاي بي الخاص بهاتفك، وأقدم لهم الدليل على أنشطة القرصنة بهاتفك وسأكشف عن اسمك ومعلوماتك وسمعتك للجمهور، للتقليل من قبولك الاجتماعي وإلتحاقك بالوظائف.
ويؤكد الاستشاري النفسي أن هذا التطبيق ليس لديه أي مبدأ، ناصحا الشباب والفتيات بعدم التحدث مع التطبيقات عن مشكلاتهم الشخصية أو النفسية، والذهاب إلى طبيب نفسي، قائلًا: لما بتكلم مع دكتور والدكتور ده فضحني مثلًا أو أعطاني دواء غلط، أو عمل حاجة غير أخلاقية، له مرجعية، مثل وزارة الصحة، نقابة بينتمي لها هناك طرق للتقديم شكوى، ولكن الأبليكيشن ده ملوش صاحب، ملوش في حاجة مفيش علاقة مؤسسية بيني وبينه، وهو يحمل المزيد من الشرور للمجتمع.