الأحد 27 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

نص القلب

الجمعة 25/أكتوبر/2024 - 03:58 م

عمري ما فهمت إن أخوات يخسروا بعض عشان ميراث أو بسبب خلافات.. اللي هو إزاي يعني!.. ما تغور الفلوس، والمشاكل، وتصغير الدماغ، والموقعاتية لو في المقابل هيكون المكسب إن الأخوات يفضلوا إخوات، دايما بشوف إن الأخ أو الأخت وبصرف النظر هما اللي أكبر ولا أصغر منك بيكونوا الأب أو الأم التانيين ليك.

فكرة إن أحلامك وعمرك يعدوا ويكبروا قدام شخص تاني بتقضي معاه معظم يومك وبالتالي أنت كمان بتشوف أحلامه وعمره بيكبروا قدامك فكرة بتخلّي الرابط اللي بين الاتنين أقوى من الزمن والأيام.. بس ده لو إيه؟.. لو الاتنين متربيين تربية سوية، محترمة، ودايبة وسطها أي فروق.

مدام "عفاف زين العشري" واحدة جارتنا في المنطقة متجوزة وعندها طفلين، عُمرها 30 سنة وبتشتغل موظفة حكومية، شغلها مدته 6 ساعات في اليوم، من 8 لـ 2، بتكون محضرة الأكل من اليوم اللي قبله، ترجع تحط الأكل لجوزها وعيالها وتنام ساعتين، تصحى 5 تنزل تروح لأختها عشان تشوف طلباتها في الشقة اللي في العمارة اللي جنبهم، تقعد معاها 3 ساعات، ترجع بيتها على الساعة 9 بالليل، تذاكر لعيالها وتقعد معاهم وتشوف طلبات جوزها وبيتها وتحضر أكل اليوم اللي بعده.. وهكذا كل يوم بين البيت ده والبيت ده، ليه السحلة دي؟

الفكرة إن هي وأختها ملهمش غير بعض بعد وفاة أبوهم وأمهم، أختها عندها 20 سنة ومصابة بمشكلة جسدية من وقت ولادتها مش بتخلّيها تقدر تتحرك بسهولة فبتكون محتاجة حد معاها حتى ولو ساعتين في اليوم (تحميها، تطبخ لها، تتكلم معاها بدل قعدتها لوحدها).

الغريب إن "عفاف" كانت قادرة تعمل التوازن ده والجميل إن جوزها كان مثالي في تقبل الموضوع ده وفكرة إن فيه حد مشاركه في مراته حتى لو كانت أختها، أمي بتقول لها في مرة: جوزك ابن حلال والله وكويس إنه مزمزأش، ردت: (يقدر! دي أختي!، لحمي ودمي وآخر ريحة باقية من أبويا وأمي؛ لو ماليش خير فيها مش هيبقالي خير لا فيه ولا في عياله).

وإحنا أطفال أنا وأخويا "هيثم" عندنا 8 و6 سنين على التوالي في إجازة الصيف، كنا بنلعب كورة في الشقة وبنحاول على قد ما نقدر نحافظ على تعليمات أمي، (حاسبوا بلاش تشوطوا الكورة جامد عشان الإزاز ما يتكسرش)، في مرة الحمية خدتنا واللعب سخن وهوب بمنتهى القوة غير المبررة، الحقيقة شوطت الكورة شوطة شالت إزاز النيش كله.

لحظة صمت أنا وهيثم وقعدنا نفكر في حل المصيبة دي، قبلها بيومين كنت متفرج على حلقة في مسلسل قديم اسمه (عائلة شلش)، واحد من أبطال المسلسل كان تلميذ وعايز يهرب من عقاب أبوه عشان سقط في الامتحان فواحد زميله نصحه إنه ياكل ساندوتش حلاوة طحينية بالشطة.. ليه؟، حرارته هترتفع، مفهتمش إيه العلاقة وقتها بس هما قالوها كده!.

لما اتقالت اتلزقت في دماغي وشيلتها لوقت عوزة، ويشاء ربنا إن وقت العوزة يكون بسرعة بعدها بيومين، سألته: هنعمل إيه يا هيثم؟، رد: قول أنت.. بصراحة طيبة الواد خلّتني اتشجعت وحطيت الخطة، هخلّي هيثم يضرب حلاوة بالشطة فحرارته ترتفع وهنقول إن هو اللي شاط الكورة وكسر النيش، بالتالي ولأنه هو الصغير المتدلع أكيد مش هينضرب، لكن لو أنا هيسلخوني، في الأول إديته نصف رغيف فينو ممسوح جواه معلقة حلاوة وندعة شطة، ماسخنش!، نصف رغيف كمان، ولا الهوا، رغيفين، ميعاد رجوع أمي وأبويا اللي يرحمه من الشغل عمال يقرب وهيثم مش عايز يسخن!.

الواد يا عيني وبسبب ضغطي عليه أكل علبة حلاوة طحينية بحالها ونصف برطمان الشطة لما خلاص وشه بقى طمطماية، وسخن لدرجة إنك لو حطيت بيضة على راسه ممكن تتقلي، جت أمي وشافته كدة طبعًا فصرخت (ابني، حبيبي، مالك، إيه اللي حصل)، وطبعًا ماشافتش الإزاز المتكسر واتلخمت في ابنها، الحلو إن "هيثم" ورغم اللي كان فيه وجزعة أمي وخضتها عليه كان بيردد بعدم وعي بسبب السخونة: (ماما أنا اللي كسرت النيش مش تامر)، فكانت هي بترد: (نيش إيه وزفت إيه بس، في ستين داهية النيش)، الموقف يبان عيالي وطفولي وفيه شر كدة، بس فعلًا والله ومن الوقت ده و"هيثم" له معزة كبيرة عندي يمكن تصنيفها عدّى مرحلة الأخوة بشوية، ويمكن ولحد الآن عمره ما سابني في أي زنقة إلا ووقف جنبي وعمره ما خذلني.. "هيثم" أخويا الصغير بس أنا ابنه. 

لما بتيجي تختار صديق ولما بتتأكد من صحة اختيارك، وعشان تدلل على قوة ومتانة علاقتكم وإنك لقيت فيه كل اللي كان ناقصك بمعايير الصداقة النقية المحترمة بتقول عنه (ده مش صاحبي ده زى أخويا)، ده بالنسبة للصديق اللي أنت بتختاره بنفسك وبتعتبره أخ، ما بالك بقى باختيار ربنا ليك؟.. أخوك ابن أمك وأبوك، تفرقكم بلاد أو كل واحد تبقى له حياته الخاصة برضه بتفضلوا لبعض حاجة من ريحة أبوكم وأمكم، يفضل الدم اللي أغلى من أي حاجة هو اللي رابطكم.

آه هتلاقي أخوات واكلين حقوق وبايعين العِشرة ومطلقين المحبة بالتلاتة، بس الأغلب لأ، فيه إخوات بيكونوا هما الأب والأم، أخوك هو الستر، وهو الغطا في عز برد الظروف والتكتكة لما سقعوية ندالة الناس تضرب وشك، الحيطة العدلة اللي ممكن تميّل عليها وإنت متطمن إنها هتردك تقف على رجليك تاني، الأخ ضلع، ونص قلب، وسند كامل.

الشاعر الكبير الراحل "عبد الرحمن الأبنودي" قال: (كان لي أخ.. كل ما الأحوال عصرتنا بقوة.. كل ما زادت أخوتنا أخوة).

تابع مواقعنا