الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الشرق الأوسط على حافة الخيار شمشون

الأربعاء 02/أكتوبر/2024 - 10:42 ص

المكان: موقع الاختبار النووي بصحراء الجزائر على بعد 100 كيلومتر من مدينة الجزائر العاصمة.
الزمان: الساعة 4:7 من عصر يوم السبت 13 فبراير 1960.
الحدث: نجاح إجراء أول انفجار نووي فرنسي، وإعلان امتلاك فرنسا بمفردها وعبر وسائلها الخاصة للقنبلة الذرية، ودخولها إلى النادي النووي.

وفي قلب هذا المشهد الدرامي وخلفه يقف الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول 1890-1970 مهندس المشروع النووي الفرنسي، وهو يشعر بالزهو والفخر؛ لأنه قدم لفرنسا قوة لا مثيل لها، ولهذا يقول لزوجته آيفون بعد تلقيه خبر نجاح الاختبار النووي: تلك القنبلة يا عزيزتي هي استقلال فرنسا الحقيقي، هذا يوم عظيم لفرنسا؛ لا أحد سيتمكن من اجتياحنا مرة أخرى، وسوف يتم أخذنا بعين الاعتبار إلى الأبد. 

أظن أن هذا المشهد التاريخي المبني على وقائع وأحداث وحوارات حقيقية، هو أفضل مدخل لمحاولة قراءة المشهد الدراماتيكي الراهن في الشرق الأوسط بعد التطورات الأخيرة في غزة وإسرائيل ولبنان وإيران منذ بداية عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023، وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل انتقامًا، كما يُقال، لاغتيال إسرائيل رئيس الجناح السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، واغتيالها للأمين العام لحزب الله اللبناني في بيروت، وهي التطورات السريعة والخطيرة، التي جعلت الجميع يتخوف من مآلات الأحداث في الشرق الأوسط، ويسأل بقلقِ: ماذا بعد؟

وأظن أن أكثر المحللين السياسيين والعسكريين براعة في المنطقة والعالم لا يملكون إجابة حاسمة وافية عن هذا السؤال، لكن المؤكد أن هذا أصحاب هذا السؤال يجب أن يُدركوا أن جوهر كل الأحداث والتطورات الأخيرة وقلب الصراع الحقيقي في الشرق الأوسط والمنطقة العربية اليوم، هو المشروع النووي الإيراني، الذي يدرك حكام إيران أن فيه استقلالهم الحقيقي، وضمان أمنهم ووجودهم، وضمان حماية نفوذهم ومصالحهم وأخذهم بعين الاعتبار في المنطقة والعالم، كما كان يعتقد الرئيس الفرنسي شارل ديجول حول مشروع فرنسا النووي.

وهو المشروع الذي ترفض إسرائيل أن تتغافل أو تسكت عنه، كما ترفض قبول فكرة وجود شرق أوسط تملك فيه إيران قنبلة نووية تهدد مصالحها ووجودها، وتجعل الخيار شمشون في يد إيران كما كان دائمًا في يد إسرائيل وحدها، وهو الخيار المرتبط بنظرية الردع الإسرائيلية الافتراضية والمتضمن القيام بعمليات انتقام واسعة النطاق بالأسلحة النووية، باعتبارها آخر الحلول ضد الجماعات التي تشكل تهديدًا عسكريًا على وجود دولة إسرائيل، كما فعل شمشون البطل التوراتي عندما قال: علي وعلى أعدائي.

وفي ضوء هذه القراءة أرى أن الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل لم يكن - كما قالوا - انتقامًا لاغتيال إسماعيل هنية والسيد حسن نصر الله، لكن أظن أن إيران تيقنت - بما لا يدع مجالا للشك - أن الهجوم على مشروعها النووي وتدميره أصبح وشيكًا في ذروة انتشاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتصاراته الأخيرة في لبنان، ولهذا بادرت بقلب التوقعات والموازين والتحذير من لجوئها هي بدورها إلى الخيار شمشون في حالة استهداف مشروعها النووي الوجودي. 

وفي ضوء كل تلك المعطيات، يجب أن نجعل سؤال: ماذا بعد؟ سؤلًا مصريًا وطنيًا عقلانيًا خالصًا بعيدًا عن العواطف، ويرتبط بثوابت أمن مصر القومي ومصالح الدولة الوطنية المصرية. كما يجب وضع عدد من التصورات والسيناريوهات المتوقعة لحماية وجودنا وحدودنا ومصالحنا وشعبنا في حالة قيام هذه الحرب الإقليمية المُدمرة، التي تقودنا إليها مُخططات إيران وحلمها بامتلاك القنبلة النووية، ومُخططات إسرائيل ورئيس وزرائها الذي يُريد أن يصبح موسى الجديد في تاريخ بني إسرائيل بتدمير المشروع النووي الإيراني، وتأمين وجود إسرائيل إلى الأبد بالقوة كما يقول.

تابع مواقعنا