بدع التيجاني والكركري.. رحلات للروح أم طريقة للثراء والرغبة
ولدت الصوفية في فترة مبكرة من تاريخ الإسلام، وتطورت عبر الزمن حتى أصبحت ثقافة وطقوسًا لها أتباع في جميع أنحاء العالم الإسلامي. لكن بين الزهد والتأمل، ظهرت أيضًا بعض الممارسات التي أثارت جدلًا كبيرًا عبر التاريخ.
نشأت الصوفية في القرن الثاني الهجري كرد فعل على انغماس الناس في حياة الرفاهية والترف، خصوصًا بعد توسع الفتوحات الإسلامية وتزايد الثروات.
الصوفيون الأوائل كانوا مجموعة من الزهاد الذين أرادوا العودة إلى "البساطة" والزهد في الدنيا، مع التركيز على تعميق العلاقة الروحية بالله.
يُعتبر الحسن البصري (642-728م) من أوائل الشخصيات التي ارتبطت بنهج الزهد، حيث دعا إلى البساطة والتركيز على العبادة، ومن هذا الزهد، نشأت الصوفية كتجربة روحية تبحث عن الحب الإلهي والاتصال المباشر بالله، بعيدًا عن المظاهر الدينية التقليدية.
تطور الطرق الصوفية
مع مرور الزمن، تحولت الصوفية من ممارسة فردية إلى تنظيمات وجماعات تُعرف باسم "الطرق الصوفية"، وكل طريقة لها شيوخها وطقوسها وأساليبها الخاصة في العبادة.
ونسبت كل طريقة إلي شيخها ومؤسسها مثل القادرية: نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشاذلية: نسبة إلى الشيخ أبو الحسن الشاذلي، والنقشبندية: نسبة إلى الشيخ بهاء الدين النقشبندي.
الطرق الصوفية تعتمد بشكل كبير على الذكر الجماعي، والخلوة والتواصل الروحي بين الشيخ والمريد، وفي هذا السياق، يُصبح الشيخ هو المرشد الروحي الذي يرشد المريد في رحلته نحو "الكشف" والوصول إلى الله.
العلاقة بين الشيخ والمريد: جوهر الصوفية
فالشيخ يُمثل القائد الروحي الذي يُعين المريد على تطهير نفسه والارتقاء بروحه، والمريد بدوره عليه أن يُظهر الطاعة الكاملة للشيخ باعتباره القناة التي توصله إلى الفهم الروحي العميق.
ومن هنا بدأت تظهر بعض المشاكل في بعض الأحيان حيث تحولت العلاقة بين الشيخ والمريد إلى نوع من "الاستغلال" الروحي، حيث أصبح بعض المريدين ينظرون إلى الشيخ وكأنه يمتلك قدرات خارقة أو قوى غيبية.
القصص والأساطير التي بدأت تتراكم حول المشايخ دفعت البعض إلى الاعتقاد بأنهم قادرون على إجراء "كرامات" مثل المشي على الماء أو الطيران.
الخزعبلات: الحقيقة أم الوهم؟
مع انتشار القصص عن الكرامات والمعجزات التي يُقال إن بعض المشايخ قادرون على فعلها، ظهرت أصوات تنتقد هذه الظواهر وتعتبرها خرافات، يرى بعض النقاد أن هذه القصص ما هي إلا مبالغات تهدف إلى زيادة سلطة الشيوخ على مريديهم.
ومن كرامات بعض أقطابهم بيقدرو"يعملوا معجزات" زي المشي على الماء الطيران، وحتى قراءة الأفكار!
ووصل الأمر إلى تنازع بعض مشايخ الطرق إلى النزاع علي الأحقية بمشيخة الطريقة، من صاحب الكرامات للسيطرة علي المريدين.
بينما يعتقد أتباع الصوفية أن "الكرامات" هي نتيجة للصفاء الروحي الذي يصل إليه الشيخ بعد سنوات من الزهد والتأمل.
وفي النهاية الصوفية بدأت كحركة للبحث عن العمق الروحي والاقتراب من الله، لكن مع الوقت اختلطت بالعادات والتقاليد والطقوس التي جعلتها تبدو للبعض، وكأنها مجموعة من الخزعبلات والعادات والطقوس المنافية تماما للدين والعبادات
فطرق الوصول إلى الله واضحة، والقرب من الله لا يحتاج إلي وساطة أو وصاية، وإن كان المبرر هو الصحبة الصالحة فلا بد أن تكون مقترنة بعلم يحميها من استغلال الميول الدينية من اتباع الهوى.
ولتضع نصب عينيك قوله تعالي "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا".