جوزيب بوريل نائب رئيس المفوضية الأوروبية في حواره لـ القاهرة 24: وقف إطلاق النار في غزة ضرورة لتجنب المزيد من التصعيد بالمنطقة
في ضوء التطورات الأخيرة التي يشهدها الشرق الأوسط، كان للاتحاد الأوروبي، دور بارز في جهود التوصل إلى تهدئة للأوضاع في غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية ومساعدة المؤسسات الإغاثية في القيام بدورها.
وكان لـ جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، حضور بارز على الساحة الدولية، رافضًا الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
القاهرة 24، حاور جوزيب بوريل، بالتزامن مع زيارته إلى مصر، في انطلاقة جولته بمنطقة الشرق الأوسط، إذ من المقرر أن يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي لمناقشة المستجدات في المنطقة، وإلى نص الحوار..
** بداية تأتي زيارتك للشرق الأوسط قبل شهر واحد من الذكرى السنوية الأولى للحرب في غزة.. فكيف ترى دور الاتحاد الأوروبي للوصول إلى السلام في الشرق الأوسط؟ وما هي الخطوات التالية للاتحاد للتوصل للسلام؟
تتمثل الأولوية العاجلة للاتحاد الأوروبي في إنهاء معاناة الأبرياء، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، والسماح بإطلاق سراح جميع الرهائن، والسماح بتقديم المساعدة الإنسانية، وبشكل أعم، نزع فتيل التوترات الخطيرة في المنطقة.
ولا يشارك الاتحاد الأوروبي في المفاوضات المتعلقة بالرهائن ووقف إطلاق النار بشكل مباشر، ولكن يتم ذلك من خلال مشاركتنا المستمرة مع الأطراف المعنية؛ حيث نحاول تيسير إحراز التقدم، فلن يقف الاتحاد موقف المتفرج بينما تدمر الحرب إمكانية الحياة في غزة.
وبينما نسهم إسهامًا كبيرًا في الجهود الدولية للتخفيف من حدة الوضع الإنساني المروع في غزة -في ظروف خطيرة بشكل خاص للعاملين في المجال الإنساني- فإننا نراقب الوضع في الضفة الغربية عن كثب؛ حيث تشكل العمليات الإسرائيلية الأخيرة تهديدا بالتصعيد من شأنه أن يضر بأي آفاق للسلام.
وقد كان دور الاتحاد الأوروبي، حتى قبل 7 أكتوبر وما أعقبها، ساعيًا لإبقاء حل الدولتين على جدول الأعمال الدولي، وفعلنا ذلك مع شركائنا العرب، الذين أطلقنا معهم جهود يوم السلام في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023، قبل بضعة أسابيع فقط من الهجوم الإرهابي، وواصل الاتحاد الأوروبي، الدعوة، جنبا إلى جنب مع شركائه العرب والأوروبيين، إلى إحياء عملية السلام، وهو أيضا السبب وراء زيارتي لمصر.
والشر الذي يعاني منه المواطنون الفلسطينيون والإسرائيليون هو انعدام السلام، ولهذا السبب يقع على عاتق الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بأسره، مسؤولية مضاعفة الجهود السياسية.
**برأيك، ما هي أهم المناطق/ الجبهات التي تتطلب دعم الاتحاد الأوروبي للوصول إلى السلام في المنطقة؟ وهل يفكر الاتحاد في فتح آفاق جديدة للدعم والتعاون في المنطقة جرّاء التصعيد الحالي؟
نخطط لدبلوماسية مكثفة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونحن مستعدون لإعادة نشر بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح بمجرد أن تتوفر الظروف، إذ يدعم الاتحاد الأوروبي حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تقوم بها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع اليونيسيف والأونروا، كما يفي الاتحاد الأوروبي بالتزامه بتقديم حزمة مساعدات طارئة للسلطة الفلسطينية.
ونستعد لليوم التالي للحرب، وأولويتنا هي اتخاذ خطوات ملموسة نحو حل الدولتين الذي يمثل البديل الوحيد المستدام والقابل للتطبيق إزاء دورة العنف المستمرة والأكثر تدميرا.
وفي هذا الشأن، ينظم الاتحاد الأوروبي مع شركائه العرب اجتماعا على المستوى الوزاري حول الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر الجاري، ويهدف هذا الاجتماع إلى إطلاق عملية مع جميع الشركاء الذين يرغبون في العمل عمليًا لمعالجة الأوضاع الملحة في غزة، فضلا عن العمل على الجهود الرامية لتنفيذ حل الدولتين.
**هناك تهديدات إسرائيلية بأن تشمل هذه الحرب الضفة الغربية ودولا في المنطقة.. ما هي جهود الاتحاد لاحتواء هذه التهديدات؟
إن إبرام اتفاق وقف إطلاق النار والرهائن في أسرع وقت ممكن يعتبر ضرورة لتجنب المزيد من التصعيد في المنطقة، ولا تزال التوترات مرتفعة للغاية، بعد بؤر التوتر في فترة الصيف، وقد دفع العنف المتصاعد عبر الخط الأزرق، الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، للقيام بجهود دبلوماسية مكثفة للضغط على كل من الجهات الفاعلة الإسرائيلية واللبنانية للتحلي بضبط النفس، ولا يزال الاتحاد يراقب الوضع عن كثب.
والوضع في الضفة الغربية المحتلة متأجج أيضا، جراء العمليات الإسرائيلية واسعة النطاق التي تمت مؤخرًا، حيث أنها تزيد من سوء الوضع المتوتر بالفعل، فأي تصعيد هو كارثة في طور التكوين، ولا يمكن لشواغل إسرائيل الأمنية المشروعة أن تبرر عدد الضحايا المدنيين الذي نشهده، ولا التدمير الشديد للبنى التحتية المدنية، مثل: الطرق، وشبكات الكهرباء، وشبكات المياه والصرف الصحي، وسنواصل حث السلطات الإسرائيلية على ضبط النفس.
وبالنسبة للمستوطنات الإسرائيلية، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي وتقوض بشدة إمكانية الحل القائم على وجود دولتين، فإنني أعتزم طرح الموضوع لإجراء مزيد من المناقشات بين الوزراء في مجلس الشؤون الخارجية المقبل، أما فيما يتعلق بمسألة عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم تحديدًا، اعتمدنا بالفعل مجموعة أولية من العقوبات.
**هل لا يزال الاتحاد الأوروبي يخطط لفرض عقوبات على رئيس الوزراء الإسرائيلي وغيره من الوزراء في انتهاك لحقوق الإنسان؟
خلال الصيف، اقترحت فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين في ضوء تحريضهما على ارتكاب جرائم حرب، وناقشنا المسألة مبدئيا بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع غير رسمي لمجلس وزراء الخارجية يوم 29 أغسطس، وفي الواقع، لم نتمكن من اتخاذ قرار لأنه كان اجتماعا غير رسمي، لكن الحوار كان مثمرًا، ويرى العديد من الزملاء -بعيدًا عن الانقسام المعتاد- مزايا لاتخاذ هذه الخطوة.
وتجري حاليًا مناقشة الاقتراح رسميا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو قرار يتعين أن تتم الموافقة عليه بالإجماع.
**الوضع الإنساني في غزة كارثي، خاصة مع عدم وجود مناطق آمنة للمدنيين وانتشار الأمراض.. ما الذي يمكن أن يمنع إسرائيل من مواصلة هذه الإبادة الجماعية؟
كما قلت سابقًا، إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن من شأنه أن يوقف القتال ويسهم في وقف الكارثة الإنسانية المستمرة وعكس مسارها، وبطبيعة الحال، من أجل تحقيق تحسن طويل الأجل، نرى أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للمضي قدما.
**في ضوء التحول التاريخي للعلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال الفترة الأخيرة، كيف سيكون مستقبل التعاون الثنائي مع مصر خلال الفترة المقبلة؟
مصر شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في كثير من النواحي، ولدينا مصلحة مشتركة في مواصلة استكشاف سبل تفعيل الإمكانات الكاملة لهذه الشراكة لصالح الشعوب في مصر وأوروبا بل والمنطقة أيضا، حيث تلعب مصر دورا محوريا.
وما يقدمه الاتحاد الأوروبي من حيث الاستثمار والموارد المالية الأخرى جنبا إلى جنب مع موقع مصر الاستراتيجي وسوقها الديناميكي من شأنه أن يمهد الطريق لنمو اقتصادي قوي وتحقيق التنمية في كلتا المنطقتين.
ومن الناحية السياسية، ستؤدي الشراكة المعززة إلى حوار واسع النطاق حول القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز المزيد من الاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط وخارجها، كما أن الأمن يعد مجال آخر بالغ الأهمية ويتوقع أن يشهد مزيدًا من تعزيز العلاقات، إذ يمكننا العمل سويًا في مجال مكافحة الإرهاب والتدريب على إنفاذ القانون.
وتم بالفعل اتخاذ بعض الإجراءات في يونيو الماضي، عندما تم توقيع مذكرة تفاهم لصرف ما يصل إلى 1 مليار يورو من المساعدات المالية الكلية لمصر في مؤتمر الاستثمار، ومن المتوقع أن تؤدي الاستثمارات الأوروبية في مجال الطاقة، التي تشمل الهيدروجين المتجدد، إلى زيادة الاستثمار الأجنبي الأوروبي المباشر في مصر، وهذا ليس سوى جزء صغير من مجموعة كبيرة من التدابير الأكبر التي ستغطي مجموعة واسعة من مجالات التعاون.
وأكدنا عزمنا على تعزيز علاقاتنا في مجلس شراكتنا في بروكسل في وقت سابق من هذا العام، ويلتزم الاتحاد الأوروبي بتعميق هذه الشراكة على أساس القيم والمصالح المشتركة التي تشمل حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية، والأمن، والاستقرار.
**أصبح محور فيلادلفيا نقطة خلاف بين إسرائيل ومصر.. كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى هذه القضية؟ وهل تتوقع أن يؤدي هذا الخلاف إلى أزمة أخرى في المنطقة؟
المفاوضات معقدة للغاية ونحن نتفهم الأسباب التي تجعل قضية ممر فيلادلفيا حساسة للغاية بالنسبة لمصر وكذلك بالنسبة للفلسطينيين من أجل المدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين في المقام الأول، ويحدونا أمل صادق بأن تسمح الجهود الأمريكية والقطرية والمصرية -التي ندعمها- بالتوصل إلى اتفاق قريب.