غير مخلص وحرب تيجراي قضت على مزاعمه لتحقيق السلام.. تقرير يكشف تناقضات شخصية رئيس الوزراء الإثيوبي
نشرت مجلة فورين بوليسي، تقريرًا مطولا اليوم السبت، سلطت فيه الضوء على رحلة صعود رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى سدة الحكم، وملامح شخصيته التي تشكل السياسة في البلاد حاليًا، إلى جانب تصريحات سابقة كشفت الكثير عن شخصيات متناقضة بداخله.
واستندت المجلة في تقريرها إلى كتاب مشروع آبي: الله والسلطة والحرب في إثيوبيا الجديدة، والذي أظهر بحسب التقرير أن لآبي أحمد وجوه متعددة، إذ أنه رغم كونه مسيحي الديانة، وعلى الرغم من ذلك يعتمد النظرية الميكافيلية، والتي تقول بتوظيف المكر والخداع، في الكفاءة السياسية أو في السلوك العام، وهو ما يعبر عن مذهبٍ فكري سياسي أو فلسفي يمكن تلخيصه في عبارة الغاية تبرر الوسيلة.
وأضافت المجلة، أن حرب تيجراي الوحشية التي تشهدها البلاد، كانت سببًا كافيًا لتشويه سمعة آبي أحمد كصانع سلام، لكونه حائز على جائزة نوبل للسلام.
وأوضحت المجلة أن آبي أحمد يطبق تقنيات القرن الـ21 للدعاية عبر الإنترنت والتضليل، كما يحاول إحياء السياسة البلاطية لإثيوبيا الإمبراطورية، مشيرة إلى أنه يخطط دائمًا ليكون صديقا للجميع لكنه غير مخلص لأحد.
بداية العمل السياسي لرئيس الوزراء الاثيوبي
وذكر التقرير بدايات آبي أحمد في العمل السياسي، مشيرًا إلى أنه عندما كان ضابطا شابا من الأورومو، وهي أكبر مجموعة عرقية في البلاد، نجح من خلال إجادته للغة الإنجليزية في التقرب من أحد كبار القادة العسكريين آنذاك، وهو جنرال تكليبرهان وولديريغاي، الذي كان رئيس قسم المعلومات التكنولوجية في الاستخبارات العسكرية، والذي ينتمي لمجموعة التيجراي العرقية التي سيطرت لفترة طويلة على المراتب العليا في إثيوبيا.
ولفتت المجلة إلى أن آبي أحمد، أُرسل في وقت لاحق مع 5 آخرين لدراسة التشفير في جنوب إفريقيا لمدة 6 أشهر بين عامي 2002 و2003، ليترأس فيما بعد قسم ضمان أمن المعلومات في وكالة أمن شبكات المعلومات الاستخباراتية.
ووفقا للتقرير خلال السنوات الـ4 الأولى من عمله في المعهد الوطني للأمن الإلكتروني، كانت المهمة الأساسية لآبي أحمد هي المساعدة في حماية الحكومة والوكالات العسكرية من القرصنة الإلكترونية.
وأشار إلى أن آبي أحمد كان من بين مجموعة صغيرة من الأورومو في قيادة تشبه قيادة الجيش، وتهيمن عليها قبائل التيجراي وحزبهم، وهي جبهة تحرير شعب تيجراي، التي شكلت العنصر الأكثر نفوذًا في الجبهة الثورية للشعب الإثيوبي، حتي اختير فيما بعد قائدًا لها.
وبحسب المجلة، جعله هذا العمل على اتصال وثيق بالمسؤولين الأمريكيين، ما منحه فرصة في المشاركة في برامج التدريب الأمريكية وزراعة بعض الروابط الأجنبية القيمة في السنوات التي سبقت توليه منصب رئيس الوزراء.
تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الاثيوبي
وذكرت المجلة تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإثيوبي لمجلة نيويوركر قال فيها: كنت الشخص الذي يرسل معلومات استخباراتية من هذا السودان واليمن والصومال، إلى وكالة الأمن القومي، مضيفًا: وكالة الأمن القومي تعرفني، سأقاتل وأموت من أجل أمريكا، وبالفعل، وبعد خمسة عشر عامًا، أصبح آبي أحمد قائدًا للبلاد.
ونقلت المجلة عن بعض المقربين من آبي أحمد، قولهم إنه استخدم منصبه في الاستخبارات الوطنية لبناء قاعدة سياسية وتعزيز مصالحه الخاصة، رغم أنه اكتسب سمعة سيئة في التنصت على المكالمات الهاتفية الخاصة، وتذكر البعض أنه لكسب ولاء زملائه، كان معروفًا بتقديم وعود سخية، بما في ذلك، من بين أمور أخرى، الوظائف والامتيازات في المستقبل.
وأوضح أحد الأصدقاء المقربين له في معهد البحوث الوطنية الإثيوبية للمجلة: لقد أصبح مشهورًا للغاية وجعل طموحه إلى السلطة علنيًا للغاية، وفي تقليد الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، كان هذا من المحرمات، لكنه أخبر الجميع أنه سيكون رئيسًا للوزراء، وأن الرب أخبره بذلك.
وقالت المجلة أنه في عام 2022، شيد لنفسه قصرًا في التلال فوق العاصمة، بلغت تكلفته ما لا يقل عن 10 مليارات دولار ويغطي مساحة أكبر من وندسور والبيت الأبيض والكرملين الروسي.
حرب تيجراي
وفي 2019، وبعد عام من إبرامه اتفاق سلام تاريخي مع إريتريا، الجارة الصغرى لإثيوبيا، والتي انفصلت في عام 1993، حصل آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام، ولكن بحلول نوفمبر 2020، وبعد رحيله المهين عن الجيش الوطني الإثيوبي، وبسبب عجرفته وخطابه الشعبوي، دخل آبي أحمد وجبهة تحرير تيجراي في حرب دموية تستمر آثارها حتى الآن.
