السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

تأملات في أولمبياد باريس 3

الثلاثاء 20/أغسطس/2024 - 11:09 م

تحدثت فيما سبق عن معوقات الإنجاز الرياضي في مصر باستعراض المحفزات الأساسية له عالميًا بداية من التراكم البشري مرورًا بالتخطيط الاستراتيجي حتى الدعم المادي، حيث تعرضت لوضع هذه الركائز في مصر وكذا مدى فاعليتها في تطور المنظومة وتأهيلها للمنافسة العالمية.

وبجانب هذه الركائز الأساسية وما تحويه من خطط وتدريب وأنظمة تحديد مواهب وتطويرها وإداريات سليمة وآليات للانتشار والتشجيع، لا بد أن يسبقها أسس النزاهة واستبعاد المعوقات البديهية، وعلى رأسها الوساطة والفساد وعدم الأهلية لتولي مناصب ومواقع اتخاذ قرار فيها.

وبلا شك فهذا الأمر لا يتأتى بين عشية وضحاها، بل يتطلب تراكم وبناء مستمر ومحافظة على هذه الأسس والمعايير، بجانب تشجع المجتمع والأسر حتى تصل إلى حالة التنافسية ودعمها لرياضات معينة.

وفي حالتنا، هناك فرائض غائبة تماما عن المنظومة تجعلها تقبع في مستوى منخفض، اللهم إلا بعض الألعاب وغالبًا ما يكون ذلك إما نتاج المجهود الفردي أو اهتمام بعض الطبقات والمحيط الأسري أو قصة نجاح في لعبة أو اتحاد بعينه.

ويتحدث نديم ناصيف وميشيل راسبود في كتابهما "نجاح الدول في الرياضة: استكشاف العوامل التي تؤدي إلى النجاح" عن ضرورة سعي المنظمات الرياضية المختلفة في النظام الرياضي الوطني لزيادة عدد الرياضيين الذين يتعين عليهم اختيار أكثرهم موهبة ووضعهم في أفضل بيئة لتحقيق النجاح.

ووفق الكتاب، فتبدأ العملية بتنظيم مسابقات شعبية وشبابية، حيث أن هذه الاستراتيجيات لا تكون ناجحة إلا إذا كان هناك خبراء يمتلكون المهارات اللازمة لتأطير الأنشطة المختلفة المطلوبة.

ولذلك يجب على هذه المنظمات أن تعمل بشكل أساسي على تطوير كتلة من الرياضيين، حيث يتعين عليهم اختيار الأكثر موهبة منهم ثم إحاطتهم بأفضل الظروف لتحقيق النجاح.

وفي حالة عدم تطوير الكتلة الحرجة لإفراز عدد وفير من اللاعبين في كل مجال نصطدم بالواقع الخاص بالتأهل للأولمبياد.. بالضبط كما تسألنا في الحلقة السابقة عن مدى كفالة التأهل على تحقيق النجاح في الأولمبياد.

فالتأهل عن طريق منافسات قارية في حالة مصر يكفل تأهل الأفضل بالمقارنة وليس الأفضل في المطلق، ورغم امتلاك مصر لميزة تنافسية قارية شبه مطلقة في العديد من الرياضات، إلا أنها تصطدم بمستوى عالمي أبرع بكثير من المستوى القاري، ومن ذلك رياضات مثل الرماية والچودو والسباحة والجمباز الإيقاعي، حيث يتأهل فيها أبطال بأداء قاري متميز فلا يكفل ذلك تحقيق نجاح أولمبي.

ولذلك يأتي التأهيل في درجة أهم من التأهل، عن طريق التأكد من قدرة اللاعب على المنافسة في المحفل الدولي وليس مجرد التمثيل المشرف، خاصة وأن بعض الرياضات مثل رفع الأثقال يكون الأمر شبه محسوم قبل المشاركة فتكون أرقام الرباعين معروفة واحتمالية ترتيبهم النهائي في المنافسة الأولمبية شبه محسوم ولا يتبقى غير روح الفرد القتالية ذاتها التي ربما تصنع بعض الفارق في الأداء.

وفي هذا الصدد يقول جياكومو سبارتاكو بيرتوليتي مؤسس الاتحاد الدولي للجوجيتسو في حديث مع المحرر الرياضي عمرو حسين، أن الأمر أيضا يختلف بين الرياضات الفردية والرياضات الجماعية، حيث أن الفردية وبالذات القتالية يجب أن يغلب عليها رغبة الفرد ذاته في النجاح وليس فقط الدافع القومي والوطني.

يقول بيرتوليتي نصا: إن لم تتملك الفرد الرغبة الشخصية في التميز والشهرة وتحقيق الذات فليس من الممكن التعويل على النزعة الوطنية فقط.

ختاما وحرصًا على التعلم من التجارب السابقة والبناء نحو القادم، فهناك عدد من الدروس المستفادة من التجربة لا بد من الاعتبار إليها في الخطة الاستراتيجية المفترضة.

أولها بالطبع أهمية التراكم والإرث الثقافي، وعدم الاعتماد على التمويل الحكومي فقط خاصة مع وجود بدائل، خاصة وأنه تمويل الحكومة يفرض تحقيق مردود فعلي وليس التمثيل المشرف.

أضف إلى ذلك ضرورة إدارة المنظومة بشكل احترافي، ويتطلب ذلك التخلص من شبكة المصالح الضارة والتي تهيمن على عديد من الاتحادات وتعكف على تقزيم المنظومة لأغراض انتخابية وفي بعض الأحيان للأسف مادية، ويجب أن يضمن في المقام الأول توسيع دائرة الاختيار وخلق منظومة تدريبية على مستوى متقدم ودعم وتبني المواهب، والتركيز على البطولات العالمية كمعيار للتنافسية دون الاكتفاء بالتأهل القاري، فأن تشارك بعدد محدود وتحقق ميداليات محدودة أفضل بالطبع من المشاركة بعدد كبير وتحقيق نتائج محدودة.

فقد مضت أولمبياد باريس ولا بد من الاستعداد لما هو قادم خاصة وأن هناك أداء إيجابيا وما ظهر من بشائر نجاح لرياضات مثل الشيش والخماسي وهو ما يؤكد وجود عائد حال البناء على ما تم.

تابع مواقعنا