الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قضية أمن قومي

الخميس 15/أغسطس/2024 - 02:08 م

قصة حقيقية أبطالها يعيشون في إحدى المناطق الشعبية، وحكايتهم تتكرر في مئات البيوت المصرية، ولكن أغلبهم يخفون الأمر خوفًا من الفضيحة وألسنة الناس، والنتيجة كارثة مستقبلية بكل المقاييس.

فوجئ الأب باختفاء مبالغ مالية من دولابه على فترات، وبالتتابع اختفت أيضا مبالغ من درج محل تجارته التي يديرها بمساعدة نجليه، ثم اشتكت له زوجته من اختفاء بعض مصوغاتها، كان الرجل يشعر أن اللص من داخل المنزل ولكنه لا يريد أن يصدق.

تابع عن كثب تصرفات نجليه الشابين اللذين كبرا في أحضانه وأنفق عليهما من حلال ماله وبدأ يعد لتزويجهما فاشترى شقة للأكبر وشطبها سوبر لوكس، كان يشعر أن نجليه ليسا في حالتيهما الطبيعية ولكنه لم يتوقع أن ينزلقا إلى هذا العالم المدمر. 

وفي يوم استوقفه أحد جيرانه وطلب منه أن يراقب نجليه ويعتني بهما ولا يعطيهما مصروفًا كبيرًا، وشعر الأب أن جاره يخفي عنه شيئا ما، وألح عليه أن يخبره بما يعلم، وسقط كلام الجار على الأب المسكين كالصاعقة، نجلاه أدمنا المخدرات على يد أصدقاء السوء. 

أسرع الأب المكلوم إلى منزله باحثا عن نجليه فأخبرته زوجته أن الأكبر يتابع الصنايعية الذين يتولون تشطيب شقته، وهرول الأب باحثًا عن نجله وكانت المفاجأة الثانية فور دخوله الشقة، لم يجد الأب الخلاطات والشبابيك الألوميتال وأدوات الكهرباء وكأن لصًا سرق محتوياتها.

واجه الأب ابنه بما علم فانهار واعترف أنه وشقيقه أدمنا عدة أنواع من المخدرات منها الآيس والبرشام والباودر، وأنهما وراء سرقة النقود والمصوغات من المنزل والمحل لشراء الكيف، تمالك الأب نفسه ليواجه المصيبة وقرر أن يعالجهما من الإدمان وأنفق كل ما يملك على المصحات الخاصة ولكن دون جدوى. 

لجأ إلى المستشفيات ومراكز علاج الإدمان الحكومية فطلبوا منه أن يتوقف المدمنان عن التعاطي لمدة شهر ثم يحضرهما، حاول الأب جاهدًا إنقاذ نجليه، كبلهما بالجنازير وحبسهما حتى أصابهما الإعياء وعندما فك وثاقهما أسرعا إلى الشارع وعادا لشراء الكيف، فلا تعب ولا مجهود في البحث عنه حيث ينتشر تجار المخدرات في شوارع منطقتهما الشعبية، وما زال الأب يعاني بعد أن نال الإدمان من نجليه. 

القضية الخطيرة تعتبر قضية أمن قومي، فهي تخص الشباب أمل مصر ومستقبلها، واستهدافهم هو استهداف لمصر، فدعونا نوجّه الأزمة ولا ندفن رؤوسنا في  الرمال، المخدرات انتشرت بصورة مفزعة في كل مكان حتى أنها وصلت الأرياف، ورغم جهود رجال الشرطة في ضبط العشرات من تجار المخدرات كل يوم إلا أن القضية خطيرة تحتاج إلى تعامل أمني مختلف، خاصة فيما يخص تجار التجزئة وكبار التجار والمرشدين والأمناء والأفراد الذين يتولون مراقبة المناطق المختلفة في كل قسم شرطة ولسنوات طويلة، وفي الوقت نفسه لا بد من تضافر كافة الجهود من الإعلام والمؤسسات الدينية ووزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي ومنظمات المجتمع المدني، لمواجهة هذه الظاهرة التي تدمر شبابنا.

القضية جد خطيرة، والمجتمع المصري يتعرض للانهيار وعلينا أن نتعامل معها باعتبارها مؤامرة على مصر، فالمدمن قد يفعل أي شيء مقابل ثمن الكيف، قد يسرق ويقتل ويخون وطنه، والضغوط الاقتصادية قد تدفع الشباب للانحراف للحصول على المال، وما أسهل الإتجار بالمخدرات في ظل هذه الظروف، اللهم قد بلغت فاشهد، اللهم احفظ مصر من كل سوء.

تابع مواقعنا