الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

استعجلت الرحيل

الجمعة 19/يوليو/2024 - 03:22 م

من القصص الإنسانية المُلهمة واللي تستحق التدقيق في كل تفاصيلها هي القصة اللي تم ذكرها في موقع القاهرة 24 بقلم الصحفية "نوران البرنس" عن السيدة المصرية الأصيلة "شيماء".

الموضوع بدأ بمجموعة من الصور انتشرت على السوشيال ميديا لسيدة مصرية في أوائل الثلاثينات من عمرها وهي شايلة على كتفها طوب وحجارة وأسمنت وبتطلع بيهم كذا دور لفوق وهي حافية في أحد مواقع البناء الجديدة!.

غرابة الصور وسر انتشارها إن شغلانة المعمار صعبة على رجالة بشنبات خصوصًا في الحر ده، فما بالك لما تكون سيدة وبتشتغلها بمنتهى القوة والصبر!.. طبعًا كان لازم المشهد يلفت النظر ويخطف القلب.. من هنا لقطت الصحفية "نوران" طرف الخيط وعرفت قصة السيدة "شيماء" بالتفصيل.

"شيماء" من منيا القمح محافظة الشرقية وعندها حاليًا 33 سنة.. لما كان عندها 15 سنة قرر والدها يجوزها لابن خالتها، لكن بعد فترة قصيرة طلقها لإن الحمل بتاعها كان بيفشل أكتر من مرة والراجل زيه زي كتير للأسف بيربطوا استمرارهم بالجوازة الفلانية بالخلفة عمومًا، وتحديدًا بخلفة الولاد.. الزوج طلقها وسابها!.. بعدها بشوية اتجوزت واحد تاني من أهل القرية وربنا كرمهم وخلفوا 3 أطفال على مدار 10 سنين.. تقدر تفهم بسهولة في الجوازة التانية ومع طول مدتها ووجود الأطفال إن العلاقة كانت بين "شيماء" وبين جوزها جيدة إلى حد بعيد.

جوزها كان بيقلب عيشه من هنا ومن هنا وكان محتاج فلوس تساعده في إنه يعمل باب رزق يكسب منه أكل عيشه هو وأسرته بالحلال.. استلف عشان يبدأ وللأسف كل المشاريع اللي كان بيسعى فيها فشلت ومافضلش غير الديون وبس.. "أنا عايز أسافر بره مصر".. قال الزوج الجملة اللي فاتت لـ مراته "شيماء" اللي استقبلت كلامه باستغراب وسألته: "طب أنا والولاد؟!".. الراجل ماكنش مهتم بالإجابة لإنه مش شايف قدامه غير السفر وبس.. ولإن "شيماء" ست أصيلة وبنت ناس، ولإن هو خيبة وشخص اعتمادي قررت تحقق لجوزها حلمه وتخلّيه يسافر.. طب والفلوس؟.. راحت استلفت وأخدت قروض من البنك وصلت لـ 60 ألف جنيه.. يا ستي طب إنتي مالك ما تخليه هو يخوض التجربة من أولها لآخرها لوحده وبطوله!، مش هو راجل!.. تقول لك لأ ما هو جوزي برضه ولازم أقف جنبه.. طب والنتيجة؟.. صحيت فجأة من النوم لقت جوزها أخد الفلوس واختفى.. اختفى اختفى بالمعنى الحرفي للكلمة.. لا هي عارفة هو نفذ حلمه وسافر ولا هرب ولا راح فين.. كل ما له علاقة بالراجل انتهى من حياة الست "شيماء" وأولادها وبقوا فجأة بدون راجل!

هنا راحت السكرة وجت الفكرة.. طب أنا هعمل إيه في الديون اللي عليا، وفي مصاريف العيال؟.. لازم أشتغل.. ونزلت تشتغل فعلًا.. ماخلتش شغلانة مادقتش على بابها.. اشتغلت في البيوت، وفي مصانع طوب، وعاملة نظافة، وفي مستشفيات، وغيره وغيره.. بتحط القرش على القرش عشان تسد الديون وفي نفس الوقت تصرف على بيتها اللي بقت فيه الأب والأم سوا.. كل ليلة كان فيه سؤال بينهش في راسها بدون إجابة.. "ليه؟".. ليه يقرر الزوج إنه يختفي بدون مقدمات.. هل هي لا تستحق تسمع تفسير؟.. هل الـ 10 سنين دول كانوا هوا للدرجة دي؟.. الكارثة إن موضوع الاختفاء ده ماكنش لشهر ولا اتنين ولا حتى سنة!.. لأ.. 4 سنين كاملين الزوج كإنه فص ملح وداب.

ومع استمرار السؤال بدون إجابة كان لازم "شيماء" تستمر في الشغل والسعي بكل طاقتها.. هنا ظهر في القصة كالعادة البعبع اللي بيخوف معظم البشر وهو "كلام الناس"!.. بدأ الناس يتكلموا عن الست اللي عايشة لوحدها بدون راجل وبتشتغل وبتربي عيالها.. مينفعش تقعد من غير جواز.. فظهر والدها في الصورة تاني وجوزها لشخص عنده 60 سنة بدون إرادتها!.

عاشت معاه مرغمة وكان بيبهدلها بسبب أولادها وبيعاملهم وحش وكان بيضربهم لدرجة إنه حاول يغرق واحدة من بنات "شيماء" في مرة بس ربنا ستر.. الأمور اتعقدت بينها وبينه ووصلنا في مرحلة من المراحل إنه خيرها بينه وبينهم فاختارت أولادها فطلقها.. استقرت "شيماء" في القاهرة هي وأولادها ورجعت تاني للشارع ولشغل الشارع اللي مايعرفش غير الشقى والتعب، بس ولإن ربك كريم وعادل ودايمًا عوضه خير وعظيم اتعرفت على "محمد".. راجل محترم خريج كلية خدمة اجتماعية وبيعول إخواته وبيصرف عليهم من خلال الدروس الخصوصية اللي بيديها ومن خلال شغله في نفس المجال بتاع "شيماء" عشان يقدر يكفي مصاريف أسرته ولما شافها وعرف قصتها شاف معدنها الأصيل وهي شافت فيه المثل ورقت القلوب لبعضها واتجوزوا.

بيقول "محمد" في حوار مع الصحفية "نوران البرنس": معجبنيش حالها وقولتلها الشغل صعب عليكي وأنتي ست فحبيت إنها متكملش لوحدها، لأن الست دي أنا مشوفتش أجدع منها وهي أول بختي، وكمان عشان بناتها يبقى عندهم ولي أمر.

السيدة "شيماء" خلال عملها

•محدش فينا حياته خالية من مواقف أو ناس شكلّوا في فترة من الفترات جزء من هزيمة نفسية زعزعت استقرارنا، وكسرت جوانا شيء.. الأديب "باولو كويلو" قال: عندما يرحل أحدهم فذلك لأن أحدًا آخر على وشك الوصول.. مهما فاجئك غيابهم اللي بدون أسباب، وبدون تقصير منك.. مهما اختيارك خاب، أو خان، أو خذل.. خليك مستوعب إن اختيار ربنا دايمًا بيصلح، وبيداوي.. ولإن ربك عادل فدايمًا اللي بيمشي بييجي بداله عوض بينسّي أي سخافه عدت عليك مهما كانت مدتها أو حجمها.

تابع مواقعنا