يهودية مؤيدة للفلسطينيين.. من هي كلوديا شينباوم أول رئيسة في تاريخ المكسيك؟
نجحت كلوديا شينباوم، الفيزيائية الحاصلة على درجة الدكتوراه في هندسة الطاقة، والتي يطلق عليها لقب الدكتورة نظرا لمؤهلاتها الأكاديمية اللامعة، في أن تكون أول رئيسة في تاريخ المكسيك، بعد فوزها على منافستها اليمينية زوتشيتل جالفيز، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد أمس.
وبخلاف أنها أول امرأة تتولى رئاسة المكسيك، يطفو شيء آخر على السطح بالنظر إلى الأوضاع الملتهبة في منطقتنا، فهي أول يهودية أيضا تتولى الرئاسة، وفي بلد وعد رئيسه المنتهية ولايته بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، كما انضمت إلى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل والتي تتهمها بالإبادة الجماعية في غزة.
كلوديا شينباوم، تبلغ من العمر 61 عامًا وهي يسارية تنتمي للحزب الحاكم، والعمدة السابق للعاصمة المكسيكية، وكانت جزءا من لجنة الأمم المتحدة لعلماء المناخ التي حصلت على جائزة جائزة نوبل للسلام.
وستحل شينباوم محل الرئيس المنتهية ولايته أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، حليفها القديم، الذي انتشلت برامجه للرعاية الاجتماعية العديد من المكسيكيين من الفقر، ما جعل الحزب هو المفضل لدى المكسيكيين، وحصلت الرئيسة الجديدة على نحو 60% من أصوات الناخبين، بحسب شبكة سي إن إن الأمريكية.
هروب أجداد كلوديا شينباوم من أوروبا
بعد أن هاجر أجدادها من أوروبا هربًا من ملاحقة اليهود هناك، وُلدت شينباوم في مكسيكو سيتي عام 1962، وهي المدينة التي استمرت في العمل فيها في أدوار مختلفة على مدار عقود.
في أثناء دراستها للحصول على شهادتها الجامعية في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM)، انغمست شينباوم، في السياسة الطلابية، واحتجت على خصخصة التعليم العام، وبعد التخرج درست هندسة الطاقة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وأصبحت تتقن اللغة الإنجليزية وحصلت على درجة الماجستير، قبل أن تعود إلى UNAM لدراسة الدكتوراه
جائزة نوبل
دخلت شينباوم السياسة في عام 2000، عندما تم تعيينها وزيرة للبيئة في مكسيكو سيتي من قبل أوبرادور، الذي كان آنذاك رئيس حكومة المدينة.
بعد ترك منصبها في عام 2006، التزمت شينباوم بدراسة الطاقة، وانضمت إلى اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) وأصبحت جزءًا من الفريق الذي حصل على جائزة نوبل للسلام في عام 2007.
وفي عام 2018 تم انتخابها رئيسة لحكومة مكسيكو سيتي، (عاصمة المكسيك)، وكانت أول امرأة تتولى هذا المنصب، وتنحت في يونيو 2023 للشروع في ترشحها لرئاسة البلاد.
خلفية يهودية ودعم للفلسطينيين
وبحسب مواقع يهودية، بالكاد ظهرت الخلفية اليهودية لشينباوم خلال الحملة الانتخابية، لكنها كانت دائمًا منفتحة بشأن قصة عائلتها، فقد هاجر أجدادها من ليتوانيا في عشرينيات القرن الماضي، وأجداد آخرين هاجروا من بلغاريا، في الأربعينيات هربًا من المحرقة، وقالت إنها احتفلت بالإجازات في منازل أجدادها، ولكن حياتها العائلية علمانية، مع والديها.
وأشار تقرير لمنصة فورورد اليهودية إلى أن المكسيك تشتهر بوجود مجتمعات يهودية متعددة متماسكة، والعديد منها لا يختلط كثيرًا، لكن شينباوم ليست جزءًا من أي منها.
وقال دانييل فاينشتاين، عميد الدراسات اليهودية في جامعة هيبرايكا في مكسيكو سيتي، لوكالة التليجراف اليهودية العام الماضي: دعونا نقول، لا يُنظر إليها على أنها واحدة منا، أعتقد أنه يُنظر إليها على أنها من أصول يهودية تعمل على تطوير عملها كأكاديمية ومن ثم كسياسية.
كلوديا شينباوم والقضية الفلسطينية
من بين التحديات الأكثر إلحاحا التي تواجه الرئيس المكسيكي القادم، الجريمة وسياسة الطاقة وإدارة حدودها الشمالية مع الولايات المتحدة، ستتاح للرئيسة الجديدة، أيضًا فرصة لتقرر ما إذا كانت ستتابع وعد لوبيز أوبرادور السابق بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.
ولم تعلق شينباوم علنا على هذه القضية، ورغم تزايد المشاعر المؤيدة للفلسطينيين في المكسيك، خلال الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على البلاد، والمكسيك يقطنها عدد من الفلسطينيين يماثل عدد اليهود تقريبا.
لكن سبق لـ شينباوم أن أعلنت موقفا رسميا بشأن العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، وذلك في رسالة وجهتها إلى رئيس تحرير صحيفة لا جورنادا، إحدى الصحف الكبرى في مكسيكو سيتي، في يناير عام 2009، عندما كانت أستاذة جامعية وكانت إسرائيل تشن عدوانا على غزة في ذلك الوقت، استمر ثلاثة أسابيع، وعنونت رسالتها بـ "أنقذوا العالم الذي يسمى اليوم غزة".
وقالت شينباوم في رسالتها: بسبب أصولي اليهودية، وبسبب حبي للمكسيك، ولأنني أشعر بأنني مواطن في العالم، فإنني أشارك الملايين الرغبة في العدالة والمساواة والأخوة والسلام، وبالتالي، لا أستطيع إلا أن أرى الصور برعب.
وتابعت: لا يوجد سبب يبرر قتل المدنيين الفلسطينيين، لا شيء يمكن أن يبرر قتل طفل.
المكسيك وتناقض بشأن قضية فلسطين
الرئيس المنتهية ولايته والذي ينتمي لنفس الحزب اليساري الذي تنتمي له كلوديا شينباوم، وعد من قبل بالاعتراف بالقضية الفلسطينية، كما طلبت بلاده من محكمة العدل الدولية، بالانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا التي تتهم فيها الحكومة الإسرائيلية بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
لكن في اليوم التالي، رفض الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، تعريف تصرفات إسرائيل بأنها إبادة جماعية، وقال في مؤتمر صحفي: لا نريد أن نضع أنفسنا في تعريف من هذا النوع الذي يؤدي إلى تفاقم النزاع بدلا من حله.
وكان ذلك أحدث دليل على موقف لوبيز أوبرادور الغامض والمتناقض إلى حد ما تجاه إسرائيل وحربها في غزة، والتي تقترب من شهرها الثامن.