بيحرقوا نفسهم بالنار.. تحقيق يكشف تفشي ظاهرة الانتحار بين النساء في العراق بسبب العنف الأسري
سلطت صحيفة التلجراف البريطانية، الضوء على واحدة من الكوارث التي يشهدها المجتمع العراقي، وهي تزايد حالات الانتحار بين النساء في منطقة السليمانية التي يحكمها الأكراد، فيما أكد خبراء أن هذا الاتجاه المرعب يحركه الشعور بالعجز والعنف المنزلي في مجتمع يهيمن على الذكور.
وفي آخر حالات الانتحار كانت سروة جمعة كريم، 30 عامًا وهي أم لطفلين، والتي أصيبت بحروق بلغت نسبتها 53%، بعدما اشعلت النيران في جسدها، فيما أصبحت مثل هذه الحالات مألوفة للغاية للعاملين في المستشفى الذي طالما استقبل مثل هذه الحوادث.
ويعتقد معظم الناشطين في مجال حقوق المرأة الكردية أن التضحية بالنفس والانتحار في هذه المناطق هما نوع من الاحتجاج ضد المجتمع الذي يهيمن عليه الذكور والتمييز والقيود التي يفرضها الأب والإخوة وأسرة الزوج، حسبما ورد في تقرير صدر عام 2018.
وفي سياق متصل، قالت رئيسة التمريض بمستشفى السليمانية شمال العراق، نيجار مارف: في كثير من الأحيان تأتي النساء بهذه الطريقة، مع حروق من الرأس إلى أخمص القدمين، وقصاصات من ملابسهن ملتصقة بأجسادهن، فيما يقول ذويهم أن الإصابة كانت أثناء طهي الطعام.
تزايد حالات الانتحار بين النساء في العراق
وأكدت صحيفة التلجراف البريطانية، حسب التقرير الذي أجرته داخل مستشفيات العراق، تستقبل المستشفيات 3 حالات نساء مصابات بحروق مروعة بشكل يومي، ومعظمهن فقدن حياتهن خلال ساعات.
وأشارت تقارير إلي أن حوادث الانتحار عن طريق سكب البنزين وإشعال النيران في الجسد، أودت بحياة أكثر من 11 ألف امرأة منذ حصول إقليم كردستان على الحكم الذاتي في عام 1991، على الرغم من ندرة البيانات الموثوقة لأن العديد من الضحايا لم يصلوا إلى المستشفى مطلقًا.
وأكدت الصحيفة البريطانية، أن الأزمة تتفاقم بشكل خاص في محافظة السليمانية التي تمتلك وحدة الحروق المتخصصة الوحيدة من نوعها في عموم العراق، مشيرة إلي أنه في كثير من الحالات، تكون هؤلاء النساء ضحية عنف أسري في مجتمع محافظ يظل فيه العنف المنزلي مخفيًا خلف الأبواب المغلقة.
الزواج المبكر والعنف الأسري في العراق
ووفقًا لتحقيق الصحيفة البريطانية، يقع معظم النساء في العراق ضحية الزواج المبكر، حيث يتم حرمانهن من التعليم، وبحسب تقارير الأمم المتحدة، تواجه النساء في العراق مستويات متصاعدة من العنف الأسري، مع زيادة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة 125% إلى أكثر من 22 ألف حالة بين عامي 2020 و2021.
وفي دراسة نشرتها المجلة الدولية للطب النفسي عام 2012، قالت أن أكثر من 54 امرأة شملهن الاستطلاع أثناء تلقيهن العلاج في السليمانية، إن المشاكل العائلية والزوجية حفزتهن على اتخاذ هذا الإجراء.
كما تظهر بيانات مستشفى السليمانية أن ما يقرب من ثلث النساء البالغ عددهن 4935 امرأة اللاتي أدخلن المستشفى مصابات بحروق جديدة منذ عام 2007، توفين متأثرين بجراحهن، وتتراوح أعمار غالبيتهم، بين 15 و45 عاما.
وعلى النقيض من ذلك، فإن 10% فقط من الرجال الذين تم جلبهم إلى الوحدة الصحية في السليمانية أصيبوا بحروق شديدة بما يكفي لتكون قاتلة، وهو ما يتماشى أكثر مع الإحصائيات في أوروبا، كما لم يكن هناك سوى شهر واحد لم يتم فيه تسجيل أي حالات تضحية بالنفس خلال آخر 17 عامًا والتي تتوفر عنها بيانات، أثناء إغلاق فيروس كورونا.