40 مليون جنيه ضائعة والمالية تتبرأ.. أزمة فساد جديدة تهز وزارة الزراعة | تحقيق
بين "فلوسكم عند المالية.. لأ عند وزارة الزراعة"، اشتكى باحثو مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والواقع في المطرية بمحافظة القاهرة، من أزمة الحصول على حقوقهم المالية والتي بلغت أكثر من 40 مليون جنيه ما بين تعديل مرتباتهم وصرف المتجمد، رغم الأحكام القضائية الباتة الواجبة النفاذ الحاصلين عليها وكذلك تحقيقات النيابة الإدارية ومذكرة التصرف الصادرة لهم بوجوب صرف تلك المستحقات.
طالب الباحثون بتوفير بعض متطلبات البحث العلمي في المركز حتى أجهزة الحاسوب والمعدات وغيرها من الإمكانيات اللازمة لإجراء البحوث والدراسات، لكن دون استجابة من المسئولين ليضطر الباحث في نهاية المطاف لشرائها والإنفاق عليها من ماله الخاص.
مكاتبنا جبناها من فلوسنا.. أين تصرف 120 مليون جنيه ميزانية المركز؟
حتى مكاتبنا جبناها من فلوسنا.. أين تصرف ميزانية المركز التي تبلغ 120 مليون جنيه سنويا؟، وأين مستحقاتنا المالية التي تتعلق برواتبنا الشهرية.. هكذا بدأ باحثو المركز حديثهم لـ القاهرة 24، حيث أن أكثر من 700 باحث في مركز بحوث الصحراء رفعوا قضايا على المركز بسبب ثبات المرتبات منذ سنوات، وعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية وفقًا لمستندات حصل القاهرة 24 على نسخة منها.
وأوضح عدد من الباحثين لـ القاهرة 24، أنه كان من المفترض أن تكون الزيادات السنوية للباحثين والعلاوات تضاف لرواتبهم كنسب مئوية من أساسي المرتب، ولكن صدر قانون في شهر يوليو 2017 يفيد بأن الزيادات على رواتبهم تكون فئات مقطوعة فأصبح الباحثين لهم 3 علاوات لم تضاف للراتب ولم يعدل راتبهم أيضًا كما أن للباحثين حقوق متجمدة من عام 2015.
تعنت من قبل إدارة المركز السابقة لمنح الباحثين مستحقاتهم المالية
وأكدوا أن حقوقهم المتجمدة تقدر بـ أكثر من 40 مليون جنيه بمعدل 8.6 مليون جنيه في العام الواحد، حيث أن لهم أموال منذ 5 سنوات لم تصرف حتى هذه اللحظة رغم أنه صدر بها أحكام قضائية لصالحهم واجبة النفاذ تفيد بصرف المبلغ لمستحقات الباحثين.
وتابع الباحثون: طلبنا من جهة الإدارة بمركز بحوث الصحراء مستحقاتنا المالية ولكنهم رفضوا فاضطر الباحثين إلى رفع قضية في مجلس الدولة وبالفعل صدر حكم للباحثين بتعديل المرتبات وصرف المتجمد، ولكن المركز صرف لـ 500 باحث فقط تنفيذ منقوص وعدلت لهم رواتب 2015 فقط وصرفت لهم متجمدات 2015 و2016 أما الـ 200 باحث الآخرون لم يتم تنفيذ الحكم الصادر لصالحهم.
وأكد الباحثون أنه بعد تعنت الإدارة ورئيس مركز بحوث الصحراء السابق لجأوا إلى النيابة الإدارية والتي بدورها حققت وأصدرت مذكرة تصرف، وأدانت رئيس مركز بحوث الصحراء السابق وأحالته إلى وزير الزراعة لإعمال شئونه، ولم يتغير الوضع ولم يصرف الباحثون مستحقاتهم حتى الآن، ولم يتم التحقيق حتى مع رئيس مركز بحوث الصحراء السابق فيما نسب إليه في هذه القضية، ولكن تم تعيينه مستشارا لوزير الزراعة لمشروعات التنمية بسيناء.
استصلاح الأراضي والتعامل مع التصحر.. لماذا بحوث الصحراء مهم؟
وأكد الباحثون، أن مركز بحوث الصحراء درس خلال الـ3 سنوات الماضية، ما يزيد على 3 ملايين فدان كان آخرها مشروع الدلتا الجديدة، الذي قدم فيه المركز جميع الأبحاث الخاصة للدولة، حيث أن هناك خطة عمل واضحة تُعرض على الجهات العليا كل 3 سنوات؛ بشأن التعامل مع التصحر وملوحة التربة والفقر المائي، فلدينا 11 محطة بحثية تحاكي كل نظم الري، وهي نموذج للأهالي في كل أنحاء الجمهورية حيث تعمل على توفير كل نقطة مياه من خلال اتباع نظم الري الحديثة.
وأضاف الباحثون أن مركز بحوث الصحراء في مصر يعد أول مركز في الشرق الأوسط، وتم اختياره من أفضل المراكز البحثية وفقا لتصنيف سيماجو الإسباني (SCIMGO) للمراكز والمعاهد والهيئات البحثية لشمال إفريقيا والشرق الأوسط والذي يعمل على تصنيف 391 مركزًا بحثيًّا تمثل 22 دولة في المنطقة، وفقًا لثلاثة أبعاد رئيسية وهي: البحث، والابتكار، والتأثير المجتمعي.
القانون يمنعنا من العمل بوظيفة أخرى.. كيف سنصرف على عائلاتنا؟
وأكد الباحثون أنهم يتفاوضون حاليًا مع إدارة مركز بحوث الصحراء الحالية، ووضعوا مهلة حتى شهر مايو المقبل لتنفيذ الأحكام القضائية ورد مستحقات الباحثين وتعديل مرتباتهم بشكل ودي، قبل أن يلجأ الباحثون مرة أخرى للقضاء ورفع جنحة مباشرة على رئيس الجهة الحالي بالامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، والتي يعاقب عليها القانون بالحبس والعزل.
وأوضحوا أن مركز بحوث الصحراء صرح عملاق وهو أحد أزرع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة؛ لأن 96% من مساحة مصر صحراء وهو المنوط باستصلاحها وتعميرها وهذا المركز يعد قاطرة التنمية الزراعية في مصر يتكون من 4 شعب بحثية (مصادر المياه والأراضي الصحراوية – شعبة البيئة النباتية – شعبة الإنتاج الحيواني – شعبة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية) و17 محطة بحثية في شتى ربوع مصر والباحثين العاملين بالمركز من أعضاء الهيئة البحثية خاضعين لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، والذي يمنع عضو هيئة التدريس (البحوث) من العمل بوظيفة أخرى لما لهذه الوظيفة من قدسية خاصة، وبالتالي لا يملك إلا راتبه الشهري.
وأوضح الباحثون أن ما يحدث حاليًا يهدد مستقبل البحث العلمي في مصر، فإذا اضطر الباحث للإنفاق من ماله الخاص على جميع أبحاثه فكيف سيعيش هو وأسرته؟، وإلى متى سيستمر هذا الوضع.
الميزانية لا تسمح بصرف أموال الباحثين
من جهته تواصل القاهرة 24، مع إدارة مركز بحوث الصحراء للرد على تلك المزاعم وتوضيح الأمر، ولكن إدارة المركز رفضت التعليق سواء بنفي كلام الباحثين أو إثباته.
ميزانية المركز لا تكفي لصرف مستحقات الباحثين.. هكذا علل مركز بحوث الصحراء سبب عدم صرف مستحقات الباحثين، خلال تحقيقات النيابة الإدارية، وفقًا لمستندات حصل عليها القاهرة 24، وقالت هلالية عبد الرحمن سليمان الإسرج مدير الميزانية سابقا بمركز بحوث الصحراء، إن إدارة الميزانية سواء كان أحكام كادر عام أو كادر خاص هي المنوط بها التنفيذ وبالفعل صدرت أحكام قضائية للباحثين لفض المنازعات في 2019 تقتضي بأحقية الباحثين بالمركز بإعادة حساب جميع البدلات المقررة سنويا بعد إضافة علاوات على أساسي المرتب اعتبارا من 2015/7/1 حتى 2017/5/14.
وأوضحت هلالية عبد الرحمن سليمان الإسرج مدير الميزانية سابقا بمركز بحوث الصحراء، أنه تم صرف متجمد عام 2015 بناء على تعزيز ورد من وزارة المالية بمبلغ 7 ملايين و236 ألف جنيه وتم صرفهم بالفعل، وفي عام 2016 تم صرف متجمد 2016 من متبقي الميزانية وفي 2019 تم مخاطبة وزارة المالية مرارا وتكرارا من أجل التعزيز المالي لاستكمال تنفيذ هذه الأحكام ولكنها وصت آنذاك، بخصم على الموارد الذاتية بمركز بحوث الصحراء علما بأنه تم إخطارهم بعدم وجود مبالغ بالموارد الذاتية تكفي لتنفيذ هذه الأحكام ولا يمكن تعديل أساسي المرتب لعدم وجود ما يكفي بالميزانية لصرف الرواتب وفقا للتعديل الجديد.
مركز البحوث يتهم وزارة المالية بعرقلة حصول الباحثين على حقوقهم
وأكدت أن المتسبب في عدم تنفيذ هذه الأحكام بشكل صحيح، هي وزارة المالية الممثلة في رئيس الإدارة المركزية لموازنة الجهاز الإداري للدولة، المنوط بها الموافقة على تنفيذ هذه الأحكام من تنفيذ وتعديل الأحكام فهم المسئولين على الموافقة والتعزيز والتعديل، وأنه تم إخطارهم منذ بداية الأمر حتى 2023/3/7 ولكنهم ما زالوا عند رأيهم بالصرف من الموارد الذاتية رغم عدم وجود ما يكفي بالمركز لاستكمال تنفيذ هذه الأحكام أو تعديل المرتب الأساسي لهم، علما بأن مستحقات المذكورين وصلت تقريبا إلى 40 مليون جنيه.
المالية ترد: جامعة الأزهر والبحوث الزراعية طبقا القانون.. وبحوث الصحراء تجاهل
من جهتها ردت رحاب إبراهيم أحمد المفتش المالي بوزارة المالية، على حديث مركز بحوث الصحراء، خلال تحقيقات النيابة الإدارية، وفقًا لمستندات حصل عليها القاهرة 24، قائلة: بالفحص والانتقال إلى مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة وطبقا للمستندات التي تمت موافاتنا بها، تبين أن هناك مكاتبات متبادلة بين وزارة المالية وبخاصة قطاع الموازنة العامة للدولة، والإدارة المركزية لموازنة الجهاز الإداري للدولة ومركز بحوث الصحراء بشأن طلب المركز تعزيز البنود التي تسمح بتنفيذ هذه الأحكام القضائية بحق الباحثين.
وعقبت على ما ورد بالشكوى أن زملاء الشاكين بجامعة الأزهر ومركز البحوث الزراعية، صرفوا كامل مستحقاتهم وفقا للمرفق الأول بالشكوى الخاص بكتاب رئيس الإدارة المركزية لموازنة الهيئات الخدمية المؤرخ في 2022/10 والموجه إلى رئيس جمعية أعضاء هيئة بحوث مركز البحوث الزراعية، تأكيدًا لما انتهيت إليه بالفحص، حيث أوضح أن يكون حد التنفيذ عن الفترة السابقة للعمل بحكم المادة الخامسة من القانون رقم 16 لسنه 2017 هو قانون ربط الموازنة وأنه اعتبارًا من تاريخ العمل بحكمها يقتضي الأمر وقف تنفيذ تلك الأحكام إلتزاما بما استحدثه المشرع من حكم في هذا المقام وأن 2016/6/30 هو نهاية المدى التنفيذي لها.
وتابعت، أن ذلك يؤكد أن رد وزارة المالية على مركز البحوث الزراعية وكذا جامعة الأزهر تنفيذ ما ورد بقانون رقم 16 لسنه 2017 وكذا الكتاب الدوري رقم 149 لسنة 2020، وكذلك ورد بالمرفق الثالث بكتاب رئيس الإدارة المركزية بالتشريع المالي الموجه إلى المراقب المالي بالأزهر الشريف المتضمن ذات الرد أي أن الجميع سواسية ممن صدر لهم أحكام مماثلة في هذا الشأن في جامعة الأزهر ومركز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء، وذلك من واقع المستندات المقدمة من الشاكين ذاتهم، وبناء على ما تقدم لا توجد مخالفة أو مسئولية بمركز بحوث الصحراء فتم التنفيذ موافق للقانون والمواد التي أوضحتها تفصيلا وجميع الجهات نفذت قانون ربط الموازنة، ولا توجد أي مخالفات في التنفيذ.
تخصيص مليار جنيه لمركز البحوث الزراعية و120 مليون جنيه لبحوث الصحراء
تبلغ موازنة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي للعام المالي 2023/2024، نحو 4.081 مليار جنيه، وتم تخصيص مبلغ لمركز البحوث الزراعية بلغ نحو 1.491 مليار جنيه، ونحو 200 مليون لهيئة الخدمات البيطرية، و889 مليون جنيه لديوان عام الوزارة، و668 مليون جنيه لجهاز تحسين الأراضي، وفقًا لتوصيات لجنة الزراعة بمجلس النواب.
ووفقًا للباحثين في مركز بحوث الصحراء، فإن الميزانية المخصصة للمركز، تبلغ 120 مليون جنيه.
يتبع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مركزي أبحاث هما مركز البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء.