غفرانك ربنا

(کل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) 
- هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كما يقول علماء المنطق يمثل (قاعدة كلية موجبة)، أي تشمل كل من ينطبق عليه الوصف، وهو ( البنوة لآدم) أبى البشر، فتثبت الخطأ على كل إنسان، إلا من عصمهم الله تعالى وحصنهم با صطفائه لهم، وهم أنبياء الله ورسله الكرام، وعلى رأسهر سیدهم وخاتمهم، سید نا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند ما تقول عن سيدنا محمد: إنه خاتم الأنبياء، فمعنى ذلك أن العصمة من الخطايا انتهت بموت رسول الله. والذنوب والخطايا من لوازم بشريتنا التي لا بد أن نقر بها والتي لا يخلو منها أحد، لذلك علينا أن نبادر بالاستغفار والتوبة
إلى الله - عز وجل -.

ولذلك كان أنبياء الله ورسله الكرام المعصومون من الخطايا والذنوب يكثرون من الاستغفار، وعلى رأسهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن يتصفح القرءان يعلم ذلك:
1- فها هو سيدنا آدم، وأمنا حواء، لما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها وعلما ما أخطآ فيه قالا: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) الأعراف / 23.

2- وخليل الرحمن ( إبراهيم) عليه السلام  يدعو ربه قائلًا: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) إبراهيم / 41.
3- ويقول سيدنا موسى الكريم عليه السلام، بعد أن قتل الرجل من قوم فرعون فقال مقرا بذنبه وطالبا الغفران من ربه: (قال ب إنى ظلمت نفسی فاغفر لى  فغفرله إنه هو الغفور الرحيم) القصص / 16.
4- ويدعو سیدنا (نوح ) ربه قائلًا: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات )  نوح / 28 ولما سأل الله أن يعفو عن ابنه فنهاه الله عن ذلك قال نوح (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) هود/47.
5 - وسيدنا داود، يقول عنه ربه: ( وظن داود انما فتناه فاستغفر ربه  وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) ص / 24، 25.
6 - وسيدنا سلیمان يدعو ربه قائلا: (رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) ص / 35.
وغير ذلك الكثير من المواضع القرءانية في قصص الأنبياء كان طلب المغفرة والأمر بالاستغفار من لوازم دعوة الأنبياء جميعا عليهم السلام.
- ولم يكن سيد الأنبياء والرسل بدعا من إخوانه من الرسل في هذا الأمر، بل كان يكثر من الاستغفار، رغم أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - إن صح أن له ذنوبا - فيقول متحدثا عن نفسه: (والله إني لأستغفر الله، وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين سرة)، وفى رواية: (مائة مرة)، وهذا ما أخبر به الصحابة عنه، ولا حظوة عليه، حيث يقول سیدنا " عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما-: (إن كنا لنعد لرسول الله في المجلس الواحد مائة مرة" رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الرحيم)، أقول: (وإذا كان هذا حال سيد الخلق وحبيب الحق، المعصوم بعصمة الله سبحانه وتعالى فماذا يكون حالنا نحن، وقد غرقنا في بحار المعاصي والذنوب؟ كيف يكون حالنا وقد زين لنا الشيطان وسولت لنا أنفسنا أعمالنا ؟ اللهم إنا نسألك الستر والعافية في الدين والدنيا والآخرة. 
- جاء في موسوعة الدروس الأخلاقية، كلام قيم للإمام (ابن القيم) - رحمه الله – يتكلم فيه عن حقيقة الاستغفار ومعناه، فيقول إن معناه:  طلب المغفرة من الله - عز وجل، وليس معناه - كما يظن بعض الناس_ هو "الستر، فإن الله يستر على من يغفر له، ومن لا يغفر له" - ومن المواطن التي يستحب الإكثار من الاستغفار فيها:
1- عند النوم: فقد أرشدنا رسولنا الكريم وعلمنا ان نقول عند النوم:( باسمك الللهم وضعت جنبي،  وبك أربعه،  إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها بحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).
 2- عند الفراغ من الوضوء: فقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن ندعو الله قائلين ( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك).
3 - وبعد الصلاة: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أستغفر الله) ثلاثا. 
4 - عند ركوب الدابة، ويقاس عليها الأن وسائل المواصلات الحديثة. 
5- عند النوازل وهي المصائب العامة أو الخاصة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يركب الدابة: (سبحانك إني ظلمتنفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
6 - عند الميت أثناء خروج روحه، لأن الملائكة تؤمن على ما يدعونه الحاضرون. 
8 - عند الدفن ليثبت الله الميت عند. سؤال الملكين وهذه الأحوال نكثر فيها من الاستغفار اقتداء بسيد لمستغفرين سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
(اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أستغفرك وأتوب إليك، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.