الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

عن أحاديث انتهاء الأزمة

الأحد 10/مارس/2024 - 10:23 م

تابعت ردود الفعل التي لاحقت إعلان وكالة موديز (Moody's)، تغيير نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية وتؤكد تصنيف CAA1، إثر التدفقات التي حققها مشروع رأس الحكمة وحزمة الإصلاحات التي قررها البنك المركزي مؤخرا سواء برفع سعر الفائدة أو إتباع سعر صرف مرن.

وفي الحقيقة فإن قرارات المركزي الأخيرة لن تكون مؤثرة خاصة فيما يخص التضخم، دون تحرك واضح لتهدئة السيولة المرتفعة، وبالأخص تلك المسحوبة لدى الحكومة والتي تشكل وحدها 25٪ من المعروض النقدي، وهو ما يستدعي تنازل الحكومة عن الحصيلة الدولارية لتسوية هذه السيولة المرتفعة والمتسببة بشكل رئيسي في التضخم.

وتبدو أزمة التضخم جليا في معاودة مؤشره الارتفاع خلال شهر فبراير حيث بلغ 35.7٪؜  بعد 4 أشهر من التراجع مدفوعا بأسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بنسبة 50.9٪ على أساس سنوي، أما على أساس شهري، فزادت وتيرة التضخم إلى 11.4٪.

وبالنسبة لوضع سعر الصرف، فالأمر يحتاج وقتا لاستيضاح الموقف، ومتابعة التنفيذ الفعلي لقرارات المركزي أو الحكومة خاصة إنهاء المتأخرات في الموانئ، واسترجاع تداول النقد الأجنبي داخل البنوك تباعا، وإغلاق الرصيد المفتوح للمركزي لدى الحكومة باعتباره المتسبب الرئيس في أزمة السيولة.

الأهم من ذلك هو إنهاء حالة التوسع المالي الحالية، في ظل وقوفها بشكل أساسي خلف تسريع وصول الاقتصاد المصري إلى أزمته الطاحنة عن طريق الإنفاق التوسعي في مشروعات غير مدرة للعملة بشكل مكثف يفوق إمكانيات الدولة على الاستدامة في هذا الاتجاه، وللأسف لم يتضح ذلك حتى الآن.

فلم يعد معقولا أن تطال سياسات رفع الفائدة والتشديد النقدي الأسواق والصناعة والتجارة دون أن تكون الحكومة طرف واضح في المعادلة، فتصاب الأسواق بالركود التضخمي بينما تتمتع الحكومة بقدرة إنفاق لا متناهية، خاصة وأن هذا النهج القائم على تنفيذ التشديد النقدي على الجميع دون الحكومة ما هو محض تهريج دون تجاوز.

أعلم أن الظروف الاقتصادية قد تبدو وكأنها قد هدأت ولو بشكل مؤقت، لكن ذلك لا يعفي من التنبيه بأن استمرار إدارة الاقتصاد بنفس السلوكيات المتسببة في الأزمة سوف يجرنا مرة أخرى لنفس المشهد لا محالة خلال أشهر قصرت أو طالت، وهو ما يفرض تصحيح مسار فعلي على مستويّه المالي والنقدي بشكل حقيقي ملموس لا مجرد شعارات.

وفي هذا الشأن أثمن البيان الصادر عن حزب العدل بشأن تطورات الموقف الاقتصادي، والذي أشار إلى أن غياب التنسيق بين السياسة المالية والنقدية، ومشاهد تكرار الأخطاء التي شابت عملية الإصلاح الاقتصادي فى موجتها الأولى عام 2016م، مؤكدا أن ما تم لن يكفي دون تنفيذ حزمة إصلاحات محكمة، وأرى أنه الأكثر دقة على مستوى الحدث خاصة وأنه حمل روشتة واضحة لما يجب فعله.

وفي تقديري فإن الأولوية لا بد أن تُعطى لمواجهة التضخم كما جاء في بيان المركزي وكما أشار له مرار المصرفي الأبرز هشام عز العرب، في ظل أن التضخم كما ذكرنا آنفا قد وصل إلى معدلات قياسية تعتصر المواطن، ويتم ذلك من خلال تنسيق الجهود بين الحكومة ‏‎والبنك المركزي لمجابهة معدلاته المزايدة والعمل على إعادته إلى أرقامه الطبيعية، وهو ما سوف ينقل حالة الاستقرار التي يجري الحديث عنها بشكل فعلي للمواطن.

ويتفق ذلك ايضا مع ما طرحه الدكتور محمود محيي الدين، الاقتصادي الباز في تقرير عن الاقتصاد المصري، ورغم أن التقرير تم إعداده في 2003، إلا أنه مناسب تماما للمرحلة، حيث أشار إلى أنه في خضم تحديات زيادة الأسعار والفقر وضغوط متنوعة على الطبقة الوسطى، يكون استهداف التضخم  كأولوية وكإطار عام للسياسة النقدية من البديهيات.

لذلك فإن أي احتفاليات تشير إلى انتهاء الأزمة لا تعدو كونها مراهقة اقتصادية حيث أن الوضع ما زال شديد الدقة والتعقيد.. أي نعم نمتلك بعض الأدوات ولكن إجادة استخدامها من عدمه هو الفيصل حاليا، خاصة وأن التاريخ لن يسأم من إعادة اختراع نفسه.

تابع مواقعنا