الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الإخلاص

الأحد 10/مارس/2024 - 02:08 م

سر عزيز لا يصل إليه ولا يحققه إلا من اختاره الله واصطفاه، يهبه الله لمن يحب من عباده، وعليه مدار القبول، لا يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا يعجب به صاحبه فيبطله، والعمل بغير إخلاص لا قيمة له ولا وزن، وما صاحبه إلا كمسافر ملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه، وقد قال بعض العلماء الغارفين من شاهد فى إخلاصه الإخلاص، فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص، وهذا سر عظيم فأنتبه، فربما أجهد الأنسان نفسه فى الطاعة من صلاة، وصيام، وصدقة، وحج، وعمرة، وقراءة للقرآن وغير ذلك، ثم تكون المحصلة في النهاية التي يرجى فيها الأجر والثواب، ويخشى فيها العقاب أن يقال له:- هي عليك رد، لأنك ما أردت بها وجه الله، وما تلقاها الله بالقبول، لأنك ما أخلصت فيها النية لله – عز وجل، وإنما كان قلبك معلقا بغيره، وفي  يوم القيامة يوم الجزاء ينادي ليأخذ كل عامل ثواب عمله وأجره ممن عمل لأجله فاللهم ارزقنا الإخلاص وامنحنا القبول، وجنبنا الرياء.

-ومعلوم أن الجن والأنس هما الصنفان المكافآت  لذلك فهما المحاسبان على اعمالهما من خير أو شر،  وقد أرسل اليهما رسول الله – صلى الله – عليه وسلم – فمنهم المؤمن، ومنهم الكافر، ومنهم من ينعم فى الجنة، وكافرهم يعذب فى النار، وقد قرأ النبي – صلى الله عليه وسلم – القرءان على الجن واستمعوا له، وآمن بعضهم بدعوته، بل أنذروا قومهم، وأمروهم بإجابة دعوة رسول الله، وذكر القرءان ذلك فى سورة الأحقاف وفى سورة الجن.

-ولكل صنف من “ الجن والأنس “ عبادات كلف بها من الله بطريقة مخصوصة، قياما بواجب العبودية ولوازمها، قال تعالى (”وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” الذاريات /56   وأساس  العبادة، ومعيار القبول أو الرد فيها هو الإخلاص وجودا وعدما، يقول الله عز وجل –  وما أمروا ألا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء"، الزمر /2
-وها هو سيدنا رسول الله – صلى الله – عليه وسلم – يبين لنا أهمية إخلاص النية فى العبادة على اختلاف أنواعها، فيقول فى الحديث الصحيح الذى يرويه سيدنا عمر بن الخطاب " رضى الله عنه -: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله،فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه، وهذا الحديث  متفق  عليه٠
 


اتفق العلماء على جلالته، وقالوا عنه  إنه يمثل ثلث شرع الإسلام وأحكامه، ولعظيم قدره أفتتح به كثير من العلماء مصنفاتهم، وعلى رأسهم شيخ المحدثين وإمامهم محمد بن إسماعيل البخاري – رحمه الله فقد افتتح به كتابه " الجامع الصحيح  الذى هو أصح كتب الحديث، وجعله مقام الخطبة للكتاب، وكأنه يعلن بذلك أن عمله الذي قام به بجمع واختيار أصح ما ورد من الحديث عن رسول الله – صلى الله – عليه وسلم، لن يلقى القبول ويحوز الاجر الإ إذا صدقت وصلحت النية، وأخلص القلب لله تعالى  إشارة منه – أي من البخاري – إلى أن كل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لا ثمرة له  فى الدنيا ولا في الآخرة. 

-ولأن إخلاص النية محله القلب، فهو سر بين العبد وربه، به يحاسب ويجازى على الخير والشر، فلا يطلع عليه أحد غيره، ولهذا كان القلب – وهو محل الإخلاص  محل نظر الله – عز وجل، وعن ذلك يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم رواه مسلم.


معنى الإخلاص، من المعاني التي ذكرها العلماء للإخلاص ما قاله العز بن عبد السلام  رحمه الله – الإخلاص أن يعمل المكلف الطاعة  خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيما من الناس ولا توقيرا، ولا جلب نفع ديني ولا دفع ضرر دنيوي.

ويقول سهل بن عبد الله التستري “الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة”.
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين مبينا حقيقة الإخلاص ومعناه:
أعلم أن كل شيء يشوبه غيره، فإذا صفا من شوبه وخلص عنه سمى خالصا.

وعلى طريق تحقيق الإخلاص، نحتاج إلى تدبر قول الحق – سبحانه – الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، أي  أخلصه وأصوبه، قيل يا أبا على ما أخلصه وأصوبه؟.

قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا  كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل،، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.

والله عز وجل أغنى الأغنياء عن الشرك، لا يحب أن يقصد بالعمل غيره، فعلى العبد أن يهتم بقلبه وتربيته بالتوبة، والإنابة الى الله تعالى – ويطهره من كل ما يكرهه الله، فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيء، وهذا ما كان عليه سلفنا الصالح،كانوا يعاملون الله وحده، ولا يشغلهم أن يطلع الخلق على شيء من أعمالهم والإخلاص لله من أعظم ثمرات توحيد الله – عز وجل، وحسن التوجه إليه، فاللهم إنا نسألك أن تجعل عملنا كله لوجهك خالصا، ولا تجعل لاحد غيرك فيه شيئا ربنا تقبل منا إنك انت السميع العليم، وتب علينا إنك انت التواب الرحيم.

تابع مواقعنا