السبت 30 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قصة قصيرة عارية

الثلاثاء 20/فبراير/2024 - 12:58 ص

حرارة الجو لم تشفع لها في أن تخفف ملابسها، اعتادت أن تراكم الثياب فوق بعضها البعض، تختار القطعة الأخيرة سوداء معتمة، منذ أخذتها والدتها لحلاق القرية كي يقوم بختانها، كانت تقريبا في التاسعة من عمرها، كانت فتاة يتيمة تعيش في آخر العالم، داخل كهف مظلم لا تدخله الشمس. 

اعتادت أن تسمع آيات الذكر من ميكرفون يأتي من مكان بعيد وعلى إثره كانت والدتها تستيقظ لتبدأ الأعمال الرتيبة القاسية. غبار يحيط بمداخل النور، حرارة شديدة، لم تنسَ أبدا ذلك اليوم التي تم سحبها كخروف صغير ليتم نحرها بسكين بارد، انكسرت على حوافه الحادة كرامتها وامتلأ وجهها الصغير باحمرار الألم، ولم تكن الدماء تعني لها شيئا قدر ملابسها الملقاة إلى جوارها في تلك الليلة التي زفت فيها إلى رجل يكبرها بعشرين عاما ربما. 

صار كل لقاء هو تكرار لانكسارات متتالية داخل ذات الكهف المظلم الذي جلست فيه فتاة صغيرة لم يتعدّ عمرها تسع سنوات. ترى من بعيد أشعة الشمس المحملة بالأتربة ولكنها لا تصل أبدا إلى ذلك الكهف في هذه القرية التي توجد عند نهاية العالم. 

في جسدها موضع يحترق يخشى أن تقترب منها الأضواء. مزيد من الثياب وجسد صار متهدلا وأطفال صغار ولقاء يتجدد ليالي طوالا، ووجه يزداد شحوبا وملابس سوداء. 

قطرات العرق تتزاحم فوق جبين السيدة العجوز التي اعتادت ربط شعرها الأبيض أو ما تبقى منه بمنديل قاس وفوقه طرحه سوداء وتضع فوق جلباب البيت جلباب أسود، وكررت على مسامع ابنتها التى تخطت الأربعين نفس السؤال قبل أن تذهب لزيارة مقابر الراحلين: "انظرى جيدا هل يظهر من جسدي أي شيء؟". 

لقد عقدت النية اليوم أن تسأل أمها التي ترقد بين الأموات منذ أكثر من خمسين عام: "لماذا ذبحتِني بسكين باردة هناك؟". الغريب أنها على فراش الموت عندما سألت عن وصيتها قالت: "غطوني جيدا، لا أريد أن يظهر منى أي جزء، وحياتك يا بنتي غطيني كويس".

تابع مواقعنا