الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الأندلس تاريخ فيه عبرة

الجمعة 16/فبراير/2024 - 04:33 م

عن بلاد الأندلس التي تسمى أسبانيا الآن أتحدث، والتي ظلت تحت حكم المسلمين لأكثر من ستة قرون، ويقال في إحدى الروايات ثمانية، ولكنها سقطت شر سقوط بعد كل هذه السنوات، وتم تحويل المساجد فيها إلى كنائس وأقيمت محاكم التفتيش عقب اجتياح الجيوش الأوروبية لها، وتم التنكيل بالمسلمين ومحو ذكرهم من تلك البلاد نهائيا، وكأنهم لم يحكموها ويقيمون بها حضارة عظيمة يوما ولعل العمارة الإسلامية الباقية هناك حتى الآن خير دليل، حتى أن شوارع الأندلس أثناء حكم العرب عرفت ما يسمى بالرصيف الآن وتمت إنارتها قبل شوارع باريس. 

وما كان ذلك من فراغ وإنما لفساد الحكام العرب والمسلمين هناك، وانشغالهم بالدنيا التي فتحت عليهم نظرا لخيرات بلاد الأندلس آن ذاك، وأيضا لكثرة الصراعات بينهم مما أضعف شوكتهم وجعلهم هينين في نظر أعدائهم.

والأهم أن فساد الرعية وبعدهم عن الدين وانغماسهم فى الشهوات وحب الدنيا كان من أول أسباب الضعف والهوان. 
وهنا قصة تظهر جانبا من هذا الأمر، وسواء كانت حدثت بالفعل أو هي رواية رمزية إلا أنها مفيدة وتقترب من الواقع الذي قرأناه عن تاريخ الأندلس. 
 

تقول تلك القصة إن الأعداء كانوا في حالة تربص دائم وينتظرون لحظة الانقضاض على العرب والمسلمين ليخرجوهم من الأندلس، ويقضون على حكمهم لها، وعلى مدار مئات السنين طالما لحقت بهم الهزائم، ولم يستطيعوا ذلك، فكانوا يرسلون الجواسيس بشكل دائم لمعرفة أحوال المسلمين هناك.. وذات يوم كان أحد الجواسيس يسير في الطريق فوجد طفلا يبكي، فسأله عن سبب بكائه فقال الطفل كنت أحمل حجرا فرميت به حمامتين فلم أصب إلا واحدة، وكنت أتمنى إصابة الاثنتين معا بنفس الحجر. 

فسمع الجاسوس ذلك الحديث ثم نقله إلى من أرسلوه وحينها قالوا لا يمكننا غزو هؤلاء القوم، فهكذا حال أطفالهم فكيف بشيوخهم.. ومرت سنوات وسنوات وأرسلوا جاسوسا آخر، وإذ به يتجول في أحد الشوارع وجد شيخا كبيرا يبكي بشدة، ويكسو وجهه الحزن، فقال له ذلك الجاسوس لماذا تبكي أيها الشيخ؟ 

فقال له كبرت في السن ولم تعد أصابعي تقوى على العزف ويدي مرتعشة، وكنت فى السابق من أمهر العازفين..  فهرول الجاسوس إلى الأعداء ليخبرهم بما سمع، ففرحوا فرحا شديدا لما سمعوه، وقالوا الآن حان وقت غزوهم واستئصال شأفتهم، طالما هكذا حال شيوخهم، وأن الدنيا تمكنت منهم بهذا الشكل حتى أصبح اللهو هو أكثر ما يشغلهم، وهو ما تم بالفعل على أرض الواقع حيث هجمت الجيوش فاقتلعت العرب والمسلمين كأن ريحا عاتية هبت على هشيم لا قيمة له. 

وعندما نربط هذه القصة بحاضرنا نجدها لا تختلف كثيرا عنه بكل أسف، ولكن الفرق أن أعداءنا لا يحتاجون لإرسال جواسيس الآن، فواقعنا لا يخفى على أحد، ويكفيهم متابعة إعلامنا وأغلب ما يقدمه، أو فقط الإطلاع على حسابات التواصل الاجتماعي التى يمتلكها العرب والمسلمين ويتابعون ما ينشر عليها من أفكار توضح اهتمام الأغلبية وما آلت اليه الأمور. 

حتى حال دولنا وما بينها من صراعات خفية وعدم الإجماع على كلمة سواء لا يخفى على أحد، بل وصل الأمر إلى الاستعانة بأعداء الأمة على بعضهم البعض من الباطن، وأيضا لم يعودوا بحاجه لغزونا عسكريا فذلك أصبح عالي التكلفة، ولكن يكفى أنهم يقومون باستهدافنا فكريا لنتحول إلى عملاء نقوم بخدمتهم وتنفيذ كل مخططاتهم ضدنا بدقة وأكثر مما يتوقعون دون أن ندري.

أستطيع أن أقول إننا نبهر أعداءنا بقدرتنا الفائقة على تدمير أنفسنا بأنفسنا.. فهل نفيق قريبا؟

تابع مواقعنا