من الصداقة للخلاف.. كيف زعزعت حرب غزة علاقة ود استمرت 40 عاما بين بايدن ونتنياهو؟
نقلت شبكة إن بي سي الأمريكية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي أعرب فيها عن شعوره بالاحباط، علي خلفية فشله في إقناع دولة الإحتلال الإسرائيلي بتغيير تكتيكاتها العسكرية في الحرب على غزة.
وأضاف بايدن أن التعامل مع نتنياهو بات مستحيلًا كما وصفه بالعائق الرئيسي أمام محاولات إقناع تل أبيب بوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن نتنياهو ينوي من ذلك كله أن يظل في الحكم، مضيفًا أن نتنياهو يمنحه الجحيم، وبات من المستحيل التعامل معه.
وفي تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، نشرت فيه تاريخ العلاقة القوية التي جمعت جو بايدن وبنيامين نتنياهو، نرصدها في التقرير التالي.
حسب الصحيفة، بدأت الصداقة قبل 4 عقود من الآن، عندما التقي الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ الأيام الأولى التي كان فيها بايدن عضوًا بمجلس الشيوخ الأمريكي، بينما كان نتنياهو مسؤولا في السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
نتنياهو سفير إسرائيل في واشنطن
عمل نتنياهو سفيرا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة وأصبح رئيسا للوزراء في عام 1996، وشغل هذا المنصب بشكل متقطع منذ ذلك الحين، ولم تكن العلاقات مع الولايات المتحدة تسير بشكل مستقر دائمًا.
تاريخ العلاقات بين نتنياهو ورؤساء الولايات المتحدة الأمريكية
كانت علاقات نتنياهو بالرؤساء السابقين لبايدن، ليست على ما يرام، في أول لقاء له مع بيل كلينتون عام 1996، وأثناء حديثهما انفجر كلينتون غاضبا من حديث نتنياهو، ودب الخلاف بينهما منذ ذلك الحين.
كما اندلعت التوترات الأمريكية الإسرائيلية، خلال رئاسة أوباما عندما كان بايدن نائبا للرئيس، ووصف تقرير صدر عام 2014 في مجلة أتلانتيك العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بأنها على حافة أزمة شاملة لكن بايدن خرج مؤكدًا أنه ونتنياهو ما زالا صديقين مضيفًا: "لقد كان صديقًا لأكثر من 30 عامًا".
وكانت نقطة البداية في خلاف نتنياهو مع إدارة أوباما، عندما قوض رئيس الوزراء الإسرائيلي من حجم الإدارة، في اجتماع مشترك للكونجرس في الكابيتول، حيث أدان الاتفاق النووي الذي كانت تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بشأن إيران، ومن ذلك الحين لم تتعافي العلاقات مع أوباما قط.
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في عهد بايدن
عندما اندلعت أحداث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، لم يتوان بايدن في إعلان دعمه الكامل لإسرائيل حيث قالها صراحة إنه صهيوني، واتجه في زيارة إلي تل أبيب للقاء نتنياهو وحكومة الحرب.
خلال تلك الزيارة طالب بايدن، نتنياهو بضبط النفس، وأعلنت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي استجابت لما طرحه بايدن، واتخذت خطوات لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، علي حد زعمهم.
لكن الأيام أثبتت عكس ذلك، فشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا هوجاء علي قطاع غزة المحاصر، ليتجاوز عدد الشهداء 28 ألف شخص، وفقًا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية، في حين رفض نتنياهو كل مساعي الصلح والهدنة من أجل وقف إطلاق النار، وكذلك إقامة دولة فلسطينية.
وهنا اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحرب والداعمة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الولايات المتحدة وقاطع المتظاهرون خطابات بايدن ووصفوه بأنه "جو الإبادة الجماعية"، فيما أصبح ذلك بمثابة كارثة تلوح في الأفق في وقت يستعد فيه الرئيس الأمريكي لخوض الانتخابات الرئاسية.
من جانبه، قال بريت بروين، مدير المشاركة العالمية السابق في البيت الأبيض: "لقد بذل بايدن قصارى جهده من أجل صديقه نتنياهو، لكن هذه الجهود والتي كان من المفترض أن تشتمل علي الحفاظ على السلام وتجنب الحرب ضد المدنيين، بينما فشل الرئيس الأمريكي في تحقيق ذلك، فوضعته تلك التوترات في مأزق لا يمكن الدفاع عنه.
وأضاف بروين، أن ما يفعله نتنياهو الآن، سيجعل بايدن وإدارته يدفعون الثمن باهظا، حيث أنه لم يتخذ موقفًا جادا تجاه نتنياهو لإجباره علي تغيير سياسته المتبعة في حرب غزة.
وأكد بروين، علي أن العلاقة بين بايدن ونتنياهو أصبحت على وشك الانهيار، وبالنسبة للرئيس الأمريكي فهو لم يواجه الآن المسؤولين المناهضين لإجراءات الإدارة تجاه إسرائيل، بل وكذلك المدنيين الذين ينتقدون إعادة انتخابه للفترة الرئاسية القادمة.
وقال لاري هاس، وهو زميل بارز في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية: "ليس هناك شك في أن المسائل السياسية تؤثر على بايدن، وحقيقة أن هذه التقارير قد صدرت، عندما أعلن بايدن أن نتنياهو أصبح عائقا أمام محاولاته لوقف الحرب، مضيفًا أن بايدن وإدارته يحاولون السير على خط رفيع بين دعم إسرائيل والاستجابة لشكاوى المجتمع العربي والديمقراطيين التقدميين.
محاولات بايدن في سبيل امتصاص غضب المواطنين والتقدميين
ولفتت الصحيفة إلى أن من ضمن محاولات بايدن امتصاص الغضب، كان القرار الذي يستهدف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية الذين يشنون أعمال عنف بحق الفلسطينيين، كما أنتقد بشكل واضح في الأسبوع الماضي، الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة ووصفه بأنه أمر مبالغ فيه.
لم يكتف بايدن بهذه التصريحات والقرارات لحفظ ماء وجهه، حيث أعلن أنه يسعي لوقف إطلاق النار في غزة بشكل دائم، لمساعدة المدنيين الفلسطينيين والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، رغم أن كل هذه التصريحات لم تأت بالنتيجة التي طالب بها التقدميون وهي وقف إطلاق النار.
بايدن يحذر من عملية عسكرية في رفح
وفي وقت سابق أيضًا، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن لنتنياهو في مكالمة هاتفية مدتها 45 دقيقة، إنه لا ينبغي لإسرائيل المضي قدما في عملية عسكرية في مدينة رفح الحدودية ذات الكثافة السكانية العالية دون خطة محكمة لحماية المدنيين.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في حال تجاهل نتنياهو مطالب بايدن مرة أخرى ومضى قدما تجاه مخطط الهجوم علي رفح، فقد يتخذ بايدن قرار إبطاء أو تقييد مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، أو تغيير المسار في الأمم المتحدة من خلال موافقة أمريكا على قرار وقف إطلاق النار أو المطالبة بقوة بإقامة دولة فلسطينية.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة تعتقد أن مفتاح وقف التصعيد في غزة هو التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، وهو الأمر الذي يتطلب موافقة نتنياهو، وطالما لم يتم الاتفاق بين إسرائيل وحماس، يمكنك تعليق لافتة مكتوب عليها "مغلق لهذا الموسم" كناية عن تعثر أي مفاوضات أو قرارات دون تحقيق الاتفاق بين الطرفين الأساسيين.