الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وائل الدحدوح: الاحتلال لم ينكر استهداف ابني حمزة.. وعودتي تحرجه وتضعه في قفص الاتهام| حوار

وائل الدحدوح
تقارير وتحقيقات
وائل الدحدوح
الخميس 11/يناير/2024 - 03:55 م

ساعات طوال من التردد قبل أن أطلب منه السماح لي بطرح بعض الأسئلة فالمصاب جلل ولا تقدر على حمله إلا الجبال الراسيات، أو إيمان صادق وقر في قلب رجل كـ وائل الدحدوح؛ لكن أبو الشهداء فاجأني برده على العزاء والمواساة وأبكاني بصوته الذي جاء بقوة وصبر لا يلين؛ وزادني خجلا من نفسي وأن أحاور رجلا بأمة تلقى الصدمات والابتلاءات ومازال يقف بشموخ وإباء في وجه محتل غاشم يحاول إسكات الكلمة لكن هيهات.

وائل الدحدوح وابنه حمزة 

وائل الدحدوح؛ مراسل قناة الجزيرة ومدير مكتبها في قطاع غزة بفلسطين المحتلة، يفتح قلبه لي ثانية وهذه المرة عقِب استشهاد نجله حمزة وائل الدحدوح؛ لكني وجدته صابرا نعم الصحفي الذي يحمل أمانة الكلمة ويحمل في تلك المضغة إيمانا بقضاء الله وصبرا وحكمة وحنانا وألما مختلطا بكثير من مشاعر الأبوة ومن قبلها الإنسانية.. وكيف لا وهو الإنسان وائل الدحدوح.

وائل الدحدوح وأولاده بجنازة حمزة 

تصريحات وائل الدحدوح 

حدثنا وائل الدحدوح؛ عبر القاهرة 24؛ عن نجله الشهيد حمزة الدحدوح، مؤكدا أن الاحتلال استهدفه وزملاءه بطائرة مسيرة بطريقة مباشرة ومتعمدة خاصة وأنه لم ينكر ذلك على لسان مسؤوليه محاولا تبريره بأشياء أخرى، فيما يصف نجله بالشهامة والكرم وتحمل المسؤولية في غيابه وهو روح الروح كما يقول، وتحليه بالصبر لاستشهاد ابنه قذفه الله في قلبه لرضاه وتسليمه بقضائه، وأن الاحتلال يحاول كسر رمزيته قبل شطبه واستهدافه؛ ويطمئنا على إصابته التي تحتاج تدخلا جراحيا يتطلب السفر لكنه يؤجله لحين انتهاء العدوان؛ وختاما يغلق الباب بأنه لن يستسلم أو ينكسر أو يترك تلك المهنة الإنسانية والأخلاقية، فإلى نص الحوار..

ما ملابسات ما حدث من استهداف الشهيد حمزة وائل الدحدوح.. وأين كان؟ 

حمزة الدحدوح؛ ابني يعمل صحفيا بمكتب قناة الجزيرة، وذهب لتغطية أحد المنازل التي تعرضت للقصف في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، وفي حال عودته رفقة السائق والمصور مصطفى سريا، تم استهدافهم بشكل مباشر من قبل الطائرات المسيرة الإسرائيلية، بصاروخ تسبب في احتراق السيارة وتفحمها واستشهادهم.

كيف تلقيتم خبر استشهاد ابنكم حمزة الدحدوح.. وما هو أول شيء جال في صدرك؟ 

جآني اتصال من صديق يطلب مني الذهاب على وجه السرعة إلى المستشفى لإصابة حمزة؛ حينها فقط وقع في نفسي حاجة؛ وأدركت أنه أمرا صعبا؛ وتحركت من خان يونس لرفح وفي مستشفى أبو يوسف النجار، وعلى ثلاجة الشهداء وجدت ولدي يرقد وحينها أدركت أنه ذهب إلى غير رجعة والباقي شاهدتموه على الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وائل الدحدوح يقبل يد ابنه حمزة في مشرحة المستشفى

الاحتلال يراقب سماء غزة ليل نهار من خلال طائراته.. هل تتفق معي أن استهداف حمزة كان متعمدا؟ 

هو استهداف متعمد بلا أدنى شك ويندرج تحت استهداف الصحفيين؛ خاصة وأن الطائرات بدون طيار مزودة بكاميرات عالية الدقة وبجودة كبيرة تمكنها من مراقبة الهدف بدقة متناهية، ولا يتم استهداف الشخص أو المجموعة دون أن تكون راقبته لمدة طويلة بجانب السيطرة الكبيرة عليها، ناهيك عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم ينكر هذا الاستهداف ولم يفيد بأنه وقع بالخطأ، بينما حاول تبرير ذلك بأشياء أخرى.

حدثنا عن حمزة.. عن صفاته أحلامه وكم كان عمره

حمزة ابني البكري وله مكانة خاصة جدا في قلبي ولا يمكن الحديث عنها أو وصفها؛ وكان طموح ولديه حلم لتحقيق ذاته في الحياة، وامتاز بالشهامة والكرم وطيبة القلب، وبجانب هذا اتصف بتحمل المسؤولية تجاه أشقائه ووالدته رحمهم الله، خاصة في ظل غيابي المتكرر والطويل بحكم عملي، وحاليا تبقى شيء من الاسرة وذهب البيت وهو أمر صعب جدا.

نعلم أن حمزة الدحدوح متزوج ورأينا عرسه بمقاطع فيديو منتشرة.. هل لديه أطفال؟

ابني حمزة الدحدوح؛ يبلغ من العمر 27 عاما، وتزوج منذ عام وشهرين ولم ينجب رغم شوقه للإنجاب وأن تكون له ذرية؛ لكن الله قدًّر غير ذلك والحمد لله على قضائه وقدره.

حمزة الدحدوح يقبل رأس والده وائل الدحدوح بعقد قرانه

وائل الدحدوح.. فقدتم الزوجة وولديك حمزة ومحمود وابنتكم وحفيدكم وصديق عمرك سامر أبودقة وعدد من أقاربك.. كيف جئتم بهذا الصبر وتلك الحكمة؟ 

هذه القوة وهذا الصبر وتلك القدرة على المواصلة مصدرها الأساسي هو صاحب القوة؛ الله عز وجل بلا شك؛ ولولا أن منّ الله علينا بهذا لم يكن في مقدرونا تحمله نحن أو غيرنا.

والله أفرغ علينا هذا الصبر وكلمة السر في ذلك الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره؛ وهو ما يجعل أي إنسان يتحمل إن راضي فله الرضا وإن سخط فله السخط وأمر الله نافذ لا محالة.

وأسرتي ضحت كثيرا بأوقاتهم وأعصابهم وسنوات طويلة من أعمارهم، افتقدونني في اللحظات التي يجب أن أتواجد فيها حتى أتمكن في القيام بواجبي وهم يعلمون أنني أحب عملي وأعطيه معظم الوقت وهذا الأمر يجعلني أكون وفيا بالحد الأدنى تجاههم وتجاه دمائهم كما كانوا أوفياء معي في الحياة، أفلا أكون وفيا لدمائهم عندما سفحت بسببي وبسبب عملي الإنساني والمهني.

بعض الأصوات تقول لماذا لا يخرج وائل الدحدوح مع أسرته ويترك غزة وينجو بنفسه ومن تبقى من أهله.. ما هو ردك على تلك الدعوات؟ 

ردي وما هو الخيار الآخر المطروح أيكون الاستكانة والاستسلام والانكسار، كما أنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة وكان لزاما عليّ أن أقبل هذا التحدي الذي يريد الاحتلال فرضه علينا، ويكون الرد الأبلغ والأكثر تأثيرا عودتي إلى رأس عملي ومن أمام الكاميرا وكأن شيئا لم يكن؛ وبنفس النبرة والمهنية والموضوعية والتوازن والتركيز، وبالطبع هو أمر يزعج الاحتلال ويحرجه ويضعه في قفص الاتهام، كما أننا نقوم بعملنا وبرسالتنا الإنسانية وواجبنا المهني الذي كفلته كل المواثيق والقوانين الدولية؛ لكن مع الأسف الاحتلال الإسرائيلي لا يريد ذلك.

وائل الدحدوح يعود لعمله بعد استشهاد نجله حمزة 

لماذا يريد المحتل كسر شوكة الصحفي وائل الدحدوح خاصة وأنه استهدف بعد يوم واحد من استشهاد حمزة اثنين من أبناء عمومته؟

من الواضح للعيان أن الاحتلال الإسرائيلي؛ يحاول كسر الرمز واستهدافه رمزية وائل الدحدوح؛ ويريد شطبه ومعاقبة هذا النموذج المخلص لعمله، كما أنه لا يريد لهذا النموذج أن يعمم أو ينتشر، وأرى أن الاحتلال لا يريد أساسا من الصحفيين أن يقوموا بواجبهم بإخلاص وتفانٍ وفي المقابل يريدهم أن يكون موظفين فقط وهو أمر لا يروق لنا.

وهذا الطريق اخترناه لأنها مهنة إنسانية نبيلة وأعطيناها من عرقنا وجهدنا ومن قوت أولادنا؛ وحاليا سقيناها بالدماء وهو أمر غير سهلا ولا يمكن التعامل معه ولا يمكن التراجع عن هذا الدور.

هل من الممكن أن تجبرك إصابتك على السفر خاصة وأنها تتطلب تدخلا جراحيا دقيقا وسريعا لا يتوفر في غزة؟

نحن اختارنا أن نكون في على هذه الأرض ونكون في مسقط رأسنا رغم هذه التكاليف، وإصابتي تحتاج لعلاج في خارج قطاع غزة، ورأيت تأجيل هذا الأمر والسفر للعلاج إلى أبعد حد ممكن، وفي المقابل نستمر في القيام بواجبنا وحمل هموم وقضايا الناس؛ خاصة وأنها أصبحت قضية شخصية وكل انسان يقدم الجهد الذي يقدر عليه ويتخذ القرارات المناسبة، وبالمناسبة لو خرجنا للعلاج لن يكون نهاية الطريق وسنستمر على العطاء ما دمنا قادرين وعلى قيد الحياة.

هل يفكر وائل الدحدوح في اعتزال العمل الصحفي بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي.. أو إذا جاز التعبير ما الذي يبعدك عن رسالتك ومهنتك؟

أنا لا أفكر أبدا في الاعتزال قبل أو خلال أو بعد هذه الحرب وبعد تلك المصائب والأوجاع، وإذا كنت لم أفكر فيه قبل هذا الثمن الذي دفعته فمن باب أولى أنني لن أفكر في ذلك أبدا على الرغم من فداحة الثمن، بل إن هذا الثمن حافز إضافي على واصلة الطريق.

وائل الدحدوح - أرشيفية
تابع مواقعنا