الإنسان عدو نفسه
إن الإنسان رغم قدرته العقلية الفريدة وإمكاناته الهائلة، يظل عدوًا لنفسه في كثير من الأحيان، فالمشكلة الجوهرية التي نواجهها في عصرنا الحالي هي تصرُّفاتنا الضارة والمدمرة التي تؤثر على صحتنا وسعادتنا الشخصية، وتؤثر أيضًا على العالم من حولنا.
في العصر الحديث، يواجه الإنسان العديد من التحديات والضغوطات التي تؤثر على حياته اليومية، ومع ذلك، يمكن أن نرى أن المشكلة الحقيقية تكمن في داخلنا، فنحن نلقي باللوم على الظروف الخارجية والعوامل الخارجية، في حين أن أكبر تحدٍ يكمن في التعامل مع أنفسنا.
قد يكون الإنسان عدوًا لنفسه عندما يسمح للخوف والشك والتردد بالسيطرة على حياته عندما يتراجع عن تحقيق أحلامه واستثمار إمكاناته الحقيقية بسبب الخوف من الفشل أو الرفض.
عندما يقوم بتدمير علاقاته القيمة بسبب الغيرة أو الطمع أو الأنانية، عندما يتنازل عن قيمه الأخلاقية بسبب الرغبة في المكاسب الشخصية.
إن المشكلة الجوهرية ليست في تسلط الأعداء علينا، ولكن في ضعف دفاعاتنا، وضعف التزامنا وقيامنا بأوامر الله تعالى، المشكلة في ضعف همتنا وانخفاض إنتاجيتنا وسيطرة الكثير من العوائق الذهنية علينا.
في عصرنا الحالي، يعاني الكثير من الأعباء النفسية والضغوط اليومية التي تؤثر على حياتهم وإنتاجيتهم، فقد نلقي باللوم على الظروف الخارجية والعوامل التي تؤثر على حياتنا، مثل الظروف الاقتصادية الصعبة أو الضغوط في مكان العمل أو التحديات الاجتماعية.
عندما نقول إن المشكلة الجوهرية ليست في تسلط الأعداء علينا، نعني أن القدرة الحقيقية للفرد تكمن في قدرته على التصدي للتحديات والصعاب بغض النظر عن الأعداء الذين بالخارج.
إن القوة والتحصين الحقيقي يأتي من الداخل، من قوة الإرادة والتزامنا بأمر الله تعالى، فإذا كنا نقوم بواجباتنا الدينية بصورة صحيحة ونسعى للتقرب من الله والعمل على تحسين أنفسنا، فإننا سنكون قادرين على التغلب على أي تحدٍّ يواجهنا.
إن تحقيق الهدف وتحقيق النجاح يتطلبان العزيمة والتفاني والمثابرة، فإذا كنا نتراجع عن الالتزام بأهدافنا ونستسلم للكسل والتراخي، فإننا سنجد أنفسنا عالقين في حلقة من الفشل والإحباط.
في النهاية يذكرنا قول الله تعالى في قرآنه بأننا كبشر نستطيع أن نسيء إلى أنفسنا أكثر من أي شخص آخر، فحين هُزم المسلمون في غزوة أحد، قال بعضهم: كيف نُهْزم ونحن جند الله وفينا رسوله؟
فنزل قوله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير}. (آل عمران)
فحين خالف المسلمون أوامر الله ورسوله واتبعوا أنفسهم هُزموا في أحد.
أخيرا.. لا يجب أن نلوم الآخرين أو الظروف الخارجية فقط عندما نواجه الصعاب، بل يجب أن ننظر إلى داخل أنفسنا ونعترف بأن عبورنا لتلك الصعاب قد يتطلب منا أن نعمل على أنفسنا أولًا.
لذا، دعونا نكون على ثقة بأننا قادرون على التغلب على العقبات والصعاب التي تواجهنا.
لنتعلم من أخطائنا ونعترف بأن المسؤولية تقع على عاتقنا لتحقيق السلام في العالم ولأجل عمارة الأرض.
ولنتذكر دومًا أن الله معنا ويمنحنا القوة والقدرة للتغلب على تحدياتنا الداخلية وأنفسنا، إذا سعينا للتقرب منه والاعتماد عليه في كل أمر.
عملًا بقوله سبحانه: "وهو معكم أين ما كنتم" (سورة الحديد).