الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

تميم البرغوثي.. لقد ارتكبت خطيئة

الإثنين 04/ديسمبر/2023 - 01:16 ص

رغم أنني بشكل عام ضد فكرة المحاسبة واللوم وقت الأزمات، وأفضل دائما تجاوزها أولا، بدلا من الانشغال عنها بنزاعات جانبية لن تقدم شيئا، بل حتما تؤخر، ولكني الآن أمام أمر مختلف لا يمكن الصمت أمامه طالما أنه يخص الوطن وسلامه. 

ما زلنا نعيش حالة غاية في الكآبة والألم لما يحدث في كل فلسطين عامة، وغزة بشكل خاص، وتلك قضية لا يمكن أن يزايد فيها أحد على مصر شعبا وحكومة، وتقريبا لم يحدث أبدا بل دائما نسمع الأشقاء سواء في الضفة أو غزة يشيدون بالموقف المصري على طول الخط ويتفهمونه جيدا. 

لكن قبل أيام وبطريق الصدفة شاهدت مقطعا مصورا للشاعر الفلسطيني المولود بالقاهرة لأم مصرية هي الروائية رضوى عاشور "تميم البرغوثي" صاحب الجماهيرية الواسعة كونه قدم نفسه كشاعر للقضية على غرار الراحل "محمود درويش" ولكن حقا يبدو أن البون شاسع ويظل دائما الأصل غير الصورة مهما تزينت. 

تحدث البرغوثي عن غزة وحصارها، وفوجئت أنه يوجه الاتهام بشكل مباشر لمصر متمثلة في حكومتها، وقد حمل كلامه الكثير من المغالطات التاريخية والسياسية أيضا، رغم أنه كما قرأت حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وقام بتدرسها قبل أن يعرفه العرب كشاعر بعد مشاركته بقصيدة عن القدس في مسابقة أمير الشعراء الإماراتية، وبما أن الإنترنت بابا سريعا للشهرة الآن فقد استخدمه بشكل جيد. 

لقد بدأ كلامه بنداء للشعب المصري قائلا يا أهل مصر، ولا أدري بأي صفة وحق يخاطب شعب مصر، ويملي عليهم أفكاره التحريضية بهذه الجرأة.. فقد تناول في أول حديثه بند اتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" مع إسرائيل بعد انتصار أكتوبر المجيد، وقد وصفها البرغوثي بأنها غير شرعية لأن من وقعوا عليها ليسوا منتخبين كرئيس وبرلمان، وكأنه كان يعيش تلك الفترة وشهد ظروفها وانتخابات برلمانها رغم أنه مواليد عام 1977، ذلك فضلا عن أن هذا ليس من حقه، ثم قال أن الاتفاقية تناقض الدستور كونها تمنع الجيش المصري من الانتشار على الحدود في شرق سيناء، وأن ذلك يجعل الجيش يتخلى عن مهمته الدستورية في حماية البلاد.. وذلك بالطبع عبارة عن خزعبلات في خيال الشاعر، لأن جيش مصر يبسط سيطرته على كل شبر من حدود مصر، وعندما أراد دخول سيناء أثناء الحرب على الإرهاب بكامل السلاح والعتاد حدث وبلا تردد أو اكتراث لأحد ولم يحدث أن حدث تهديدا واحدا لحدودنا لأن الجميع يعي أن جيش مصر جاهز لتأديب من يفكر فقط في ذلك وبمنتهى القوة، بل على إثر تلك المعاهدة خرج العدو من الأراضي المصرية التي كانت محتلة قبل عام 1973.. وحتى إن كانت هناك انتقادات لها فذلك شأن مصري داخلي خالص ليس لأحد التدخل فيه أو استغلاله، خاصة إذا كان محرضا يحمل حديثه الحقد في طياته بينما يظهر الود الزائف.

ثم يواصل البرغوثي حديثه المحرض للمصرين ضد حكومتهم بالقول بأن مصر تفرط في سيادتها على حدودها لأنها تدخل المساعدات إلى غزة بالشروط الإسرائيلية، وأن المعبر من الجهتين عربي، ورغم أنه خلال حديثه أقر بأن غزة أرض محتلة من إسرائيل التي تعتبر بموجب احتلالها الطرف الآخر لمعبر رفح، لأن له جهة مصرية وأخرى فلسطينية، ومن الجانب المصري لا أحد يستطيع فرض أي شروط، ولكن ما حاول الرجل تجاهله عمدا ليبث فكره الغريب في نفوس من يسمعوه، أن دخول المساعدات إن لم يكن إدخالها بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي فإنها معرضة للقصف الذي لا يترك شبرا آمنا في غزة.. فهل من العقل والمنطق إدخالها هكذا وتعريض حياة من يحملها للخطر فضلا عن عدم إيصالها من الأساس؟ 

ظل تميم البرغوثي يوجه حديثه للمصرين ويدعوهم للتمرد بشكل يشكك في نواياه، ويتهم الحكومة المصرية بأنها هي من تحاصر غزة منذ 17 عاما، وأنها سبب خلوها من أسلحة الدفاع الجوي التي كانت ستمكنها من التصدي لطائرات العدو، وذلك كله مغالطات هدفها زعزة الاستقرار في مصر واستغلال حالة التعاطف الشعبي الكبير مع غزة، والذي هو حقها علينا، وليس تفضلا منا بكل تأكيد ولن يتغير ذلك أبدا بالطبع، فهو من الثوابت المصرية.

ولكن السؤال هنا.. هل نسي البرغوثي أن هناك شاطئ  بطول حدود غزة يطل على البحر المتوسط، وليس لمصر أي علاقة به، فلماذا لا تدخل الأسلحة والبضائع وكل شيء منه؟
والرد بكل بساطة هو أن كل الحدود في غزة مراقبة من قبل الاحتلال بحرا وجوا وبرا.

أم أنه يريد أن تنخرط مصر في حرب شاملة مع إسرائيل تخوضها وحدها نيابة عن كل العالم العربي والإسلامي بينما الجميع ينشغل في مصالحه الخاصة، بل منهم من يساعد دولة الاحتلال في الخفاء، وإلا تكون شريكة في الحصار؟
وذلك يذكرني بمقولة أن هناك من يريد حربا مع إسرائيل حتى آخر جندي مصري بينما هم يكتفون بالمشاهدة.

و هنا أدعو الشاعر تميم البرغوثي لمشاهدة فيديو يتحدث فيه الشيخ الشهيد "أحمد ياسين" مؤسس حركة حماس بنفسه عن مصر ودورها المهم في الوقوف بجانب القضية الفلسطينية، وكيف أنه ناشد الدول العربية وخاصة الغنية منها بضرورة دعم مصر ماديا، وجعلها قوية دائما حتى تستطيع البقاء كحامية لأمتها، لأنه من الظلم أن تتحمل تلك الفاتورة الباهظة وحدها في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة ومع ذلك فإنها لم ولن تقصر بقدر المتاح والمستطاع.

أم أن البرغوثي سوف يتهم الشيخ ياسين بالتملق أيضا كما أشار خلال حديثه قائلا أن حماس والفصائل في غزة تثني على مصر ودورها مضطرين لأنهم فقط يريدون بعض المصالح منها وإن كانت قليلة.. وهنا يتهمهم بالرياء والجبن بشكل غير مباشر ليبرر حديثه المترهل.

و لماذا وجه البرغوثي كل انتقاده للحكومة المصرية دون غيرها من العرب والمسلمين.. أم أنه توهم من غرفته المظلمة التي يبث منها فيديوهاته أنه زعيم يناشد المصرين كي يتحركوا بشكل فيه خبث غريب يشكك في نواياه ودوافعه وبهذه المناسبة أود أن أسأله.

أين تعيش الآن، وماذا تفعل خارج غزة، ولماذا لا تذهب لتدافع عنها بما تستطيعه كمواطن فلسطيني بدلا من سلسلة فيديوهاتك الربحية عبر الإنترنت والتي لا أهمية لها من الأساس، فالجميع يشاهدون ما يحدث عبر الشاشات صوتا وصورة، وتكفي دقيقة واحدة يظهر فيها أبو عبيدة.

و أخيرا أقول له.. أيها الشاعر الشهير لقد ارتكبت خطيئة تستوجب الاعتذار في حق الشعب الذي ظللت تناديه وتحرضه على إثارة الشغب والقلاقل، واتهمته بأنه شريك في الدماء طوال حديثك، الذي ما هو إلا للشو الذي اعتدت عليه وفقط، ولحصد المزيد من المشاهدات، ولو أننا رأيناك تتحدث من داخل غزة لربما كنت مقنعا بعض الشيء بدلا من المتاجرة بقضية واسم تحمله يعود لعائلة شريفة مناضلة بينما أنت جالس في المنطقة الآمنة خارج فلسطين كلها.

تابع مواقعنا