كيف احتل اليهود فلسطين؟.. مكّنهم صلاح الدين ثم تخلصت منهم أوروبا |القصة كاملة

أعادت أحداث فلسطين حاليًا التساؤل حول كيف احتل اليهود فلسطين، ومن ساعدهم على التوغل فيها وكيف أقام اليهود أول مستوطنة على أراضي فلسطين، وما هي "أرض جلعاد" والكتاب الذي يتحججون به، وما دور بريطانيا في دعم اليهود، وكيف استطاع اليهود احتلال المسجد الأقصى ودخوله؟، هذه الأسئلة الهامة موضوع تقرير القاهرة 24 التالي لكشف حقائق تاريخية موثقة تكشف زيف اليهود.

كيف احتل اليهود فلسطين؟

تكشف الوثائق الفلسطينية، كيف احتل اليهود فلسطين، حيث ظهرت مع حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر في أوروبا، وروج لها أصحاب المذهب البروتستانتي المسيحي، باعتبارهم أن اليهود هم شعب الله المختار، ووطنهم القومي والمقدس هو فلسطين، وفي عام 1695 أعد تاجر دنماركي خطة لتوطين اليهود في فلسطين، وسلمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت.

ولم تلق الخطة اهتمامًا حتى عام 1799 م، حينما اقترح نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر وسوريا، إقامة دولة يهودية في فلسطين، وحث الإسرائيليين على اغتصاب الأرض بادعاء أنها أرضهم ويجب أن يستعيدوها، وقال في رسالته "من نابليون بونابرت إلى ورثة فلسطين الشرعيين، أيها الشعب الفريد، الذي لم تستطع قوى الفتح والطغيان أن تسلبه نسبه ووجوده القومي، وإن كانت قد سلبته أرض الأجداد فقط، انهضوا بقوة أيها المشردون في التيه، إن أمامكم حربًا مهولة يخوضها شعبكم، بعد أن اعتبر أعداؤه أن أرضه التي ورثها عن الأجداد غنيمة تقسم بينهم حسب أهوائهم".

إلا أن اليهود ظلوا مشرذمين في الدولة الغربية يقابلون الطرد والقتل، وصاروا ينزحون بالتدريج إلى فلسطين تحت رعاية الدولة العثمانية، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، قاد لورنس أوليفانت الحركة الصهيونية التي تسعى لترويج فكرة توطين اليهود في فلسطين لإنقاذ الدولة العثمانية من مشاكلها الاقتصادية، ونشر في عام 1880م كتاب بعنوان "أرض جلعاد"، والذي قام على أساس إنشاء مستوطنة يهودية شرقي الأردن تحت السيادة العثمانية بحماية بريطانية. 

وفي القرن 19 حاول زعماء يهود إقامة مشاريع لتوطين اليهود في فلسطين، وحاولوا استئجار 200 قرية لمدة 50 عاما في الخليل مقابل 20% من إنتاجها، وفشلوا في ذلك، إلا أنهم نجحوا في شراء أراضي قريبة من القدس ويافا بموافقة السلطان العثماني آنذاك، ولكن دون إقامة مشاريع رسمية للاستيطان.

وكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وهو ما ساعد اليهود على زيادة فرص نزوحهم إلى فلسطين وقد نصت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، على أن تكون حيفا وعكا تحت تصرف بريطانيا وأن تستمر المفاوضات مع العرب باسم الحكومتين الفرنسية والبريطانية لتعيين حدود الدولة أو حلف الدول العربية، وتم فرض رقابة على جلب السلاح إلى البلاد العربية.

تأسس بعد ذلك الاتحاد الإسرائيلي العالمي (الاليانس) عام 1860، واستأجر 2600 دونم فلسطينيًا لمدة 99 عامًا، وفى عام 1870، تأسست أول مستوطنة إسرائيلية زراعية يهودية في فلسطين أقام الاحتلال عليه مدرسة زراعية يهودية لتدريب اليهود، ثم تلا ذلك في عام 1878، شراء 3375 دونمًا من أراضي قرية ملبس.

ثم استمر التمهيد للتوطين بشراء الأراضي حتى عام 1881 والذي بدأ فيه التاريخ الرسمي للاستيطان اليهودي في فلسطين وبلغ عدد اليهود وقتها 3000 يهودي أقاموا مستوطناتهم حتى عام 1884، وظلت عمليات الاستيلاء مستمرة حتى أعلن اليهود كيانهم المحتل تحت اسم "مستوطنة تكفا" عام 1878، وتلا ذلك 3 مستوطنات أخرى عام 1882، وفي 1898 تم الإعلان عن 22 مستوطنة زراعية، تحت سيطرتها 418 ألف دونم.

ودخل مشروع الاحتلال الكامل لفلسطين أول حيز تنفيذي معلن له عام  1897 وذلك عبر امتلاك أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية تمهيدًا لإقامة دولة يهودية، وظلت المحاولات مستمرة حتى ستحن الفرصة.

وعد بلفور 

في عام 1917، وبمباركة بريطانية، صدر وعد بلفور الذي جاء بعد صراع عربي إسرائيلي طويل، والذي يعد كهدية لليهود وصافرة انطلاق للاحتلال بشكل معلن ومرسخ، إذ جاء نص الرسالة المرسلة من وزير خارجيّة المملكة المتحدة آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العُظمى وإيرلندا:

"عزيزي اللورد "روتشيلد".. يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته:

إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".

وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح… المخلص آرثر بلفور".

وفي عام 1948، احتلت إسرائيل فلسطين، وأصبح اليهود يشكلون غالبية السكان، ومنذ ذلك الحين، عاش اليهود والعرب في حالة من التوتر المستمر، مما أدى إلى العديد من الحروب والنزاعات.

كيف دخلوا اليهود إلى فلسطين؟

يسرد التاريخ الإسلامي كيف دخلوا اليهود إلى فلسطين، حيث بدأت محاولات اليهود لاحتلال فلسطين منذ حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بمحاولتهم دعم البيزنطيين لغزو فلسطين، والذين احتلوها وذبحوا 90 ألف مسيحي، واضطهدوا جميع من في المدينة، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتصار المسلمين في معركة اليرموك، وصل الفتح الإسلامي إلى فلسطين عام 638م، وتم إنذار أهل إيلياء "القدس" وقتها بدخول الإسلام ومع رفضهم وقبولهم شروط الصلح، كتب لهم عمر بن الخطاب لهم كتابًا أمنهم فيه على كنائسهم وممتلكاتهم، بشرط ألا يسكن أحد من اليهود معهم في المدينة، وهي ما عرفت باسم "العهدة العمرية" ومن وقتها حتى معركة حطين لم يدخلها يهودي.

إلا أن بعض المؤرخين يؤكدون أن أول من أدخل اليهود القدس ونقض العهدة العمرية هو صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من الصليبيين عام 1187م بأن سمح لهم بعد انتصاره، بأن يدخلوا القدس ويتعبدوا فيها ليظهر بصورة القائد المسلم المتسامح، وقد ورد في سجلات إحدى الوزارات الإسرائيلية أنه في عام 1190 "سمح صلاح الدين لليهود بالاستقرار ثانية في مدينة القدس بعد تحريرها من الصليبيين".

من الذي ساعد اليهود على احتلال فلسطين؟

وحول من الذي ساعد اليهود على احتلال فلسطين، شهد التاريخ على الكثير من الدول التي دعمت اليهود بعد أن مكنهم صلاح الدين الأيوبي من دخول القدس ومنها دول مستمر حتى الآن في دعمها لإسرائيل: 

• الدولة العثمانية: ساندت النزوح الأول لليهود إلى فلسطين والاعتماد عليهم في أمور حساسة تتعلق بالاقتصاد الخاص بالمناطق الخاضعة للحكم العثماني.
• المملكة المتحدة: وافقت المملكة المتحدة على قرار الأمم المتحدة رقم 181 في عام 1947، والذي نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية.
• الولايات المتحدة: قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار لإسرائيل في عام 1948، وهو ما ساعدها في هزيمة الجيوش العربية التي هاجمتها.
• الوكالة اليهودية: ساعدت الوكالة اليهودية في هجرة أكثر من مليون يهودي إلى فلسطين بين عامي 1948 و1950.
• الاتحاد السوفيتي: وافق الاتحاد السوفيتي على قرار الأمم المتحدة رقم 181، وصوت لصالحه في الجمعية العامة.

أين كان اليهود قبل احتلال فلسطين؟

ونتحدث الآن عن أين كان اليهود قبل احتلال فلسطين؟ فقد كان اليهود يتوزعون على إسبانيا وأوروبا وإنجلترا بشكل عشوائي، وواجهوا طردًا متعمدًا من المدن الأوروبية على مراحل تاريخية مختلفة، ويسرد التاريخ اليهودي أنه عام 1200 تدهورت مكانة اليهود في أوروبا وبدأت عمليات الطرد النهائي وقتها من كل دولة في أوروبا الوسطى والغربية منها فرنسا وإنجلترا وإسبانيا.

ثم انتقل اليهود إلى بولندا ليصبحوا أكبر جالية يهودية في العالم وقتها، ولكن مع انتشار الطاعون مات الكثير منهم، واتجه معظم اليهود للدول العربية منها الجزائر التي أقاموا فيها حارة يهودية كانت ملاذ اليهود الأول بعد بطش إسبانيا لهم، كذلك لجأوا إلى الدولة العثمانية بعد قيامها حتى أصبحت فلسطين جزء من الدولة العثمانية، وفي عام 1517 م أصبحت مدينة صفد المركز التجاري والثقافي لليهود.

وفي عام 1536 م بدأ بناء الجدار العازل حول القدس، ليفصل اليهود المنبوذين عن المسيحيين والمسلمين في القدس، كما انتقل اليهود المنبوذين حول العالم إلى بولندا في أمستردام ليتمركزوا فها وفي عام 1905 تعرض اليهود في روسيا لمذابح وصل عددها إلى 660 مذبحة على يد الروس، ففر الأحياء منهم إلى أوروبا وفلسطين، وفي عام 1920 منحت عصبة الأمم بريطانيا العظمى الانتداب على فلسطين لتسهيل إقامة وطن لهم في فلسطين، وعندما رفض العرب هذه المباركة البريطانية، بدأ الصراع العربي الإسرائيلي ومنعت بريطانيا اليهود من شراء أي أراضي في فلسطين تحت الانتداب.

وبدأ التاريخ الأكثر سوادًا على اليهود على يد هتلر رئيس الوزراء في ألمانيا، عام 1933، عندما بدأ سلسلة هجمات ضد اليهود وإحراق كتبهم وقتلهم بشكل جماعي، فبدأ الناجون منهم الهروب من ألمانيا إلى فلسطين ليبدأ تمركزهم عام 1940.