بعد دعوات مقاطعة عدد منها بسبب دعمها إسرائيل.. لماذا تحول الشركات متعددة الجنسيات أرباحها خارج مصر؟
نظم العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عدد من الحملات لـ مقاطعة بعض الشركات العالمية والشركات متعددة الجنسيات والتي لها مقار داخل مصر، بينما أظهرت دعمها الواضح لإسرائيل في حربها ضد أهالي قطاع غزة المدنيين والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين معظمهم أطفال خلال القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وتدمير بنيته التحتية خاصة القصف الإسرائيلي للمستشفيات.
ويوجد في مصر عدد من الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات، التي أعلنت بعض فروعها وكذلك الشركة الأم لدعمها لإسرائيل التي تقود حربا ضد غزة حاليا وحتى كتابة هذه السطور.
ووفق التقرير المعنون بـ فوق الدولة.. الشركات متعددة الجنسيات في مصر الصادر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن إطار الاستثمار الحالي في مصر يستمر في محاباة مصالح الشركات متعددة الجنسيات على حساب مصالح الشعب؛ حيث سمحت مصر عمليا لجذب الاستثمار الأجنبي بأن يصبح غاية في حد ذاته بدلا من كونه هدفا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وأضاف التقرير الذي حصل القاهرة 24 على نسخة منه، أن نظام الاستثمار في مصر لا يفرض قيودا قانونيا على المستثمر فيما يخص تحويل أرباح شركته خارج مصر ولا يشترط قيام المستثمر بإعادة استثمار جانب من أرباحه في مصر. وبمعنى آخر يسمح للمستثمرين الأجانب بتحويل جميع أرباحهم المتحصلة في مصر إلى خارج مصر وهي الأرباح التي سبق إعفائها من الضرائب.
ويوضح التقرير أنه علاوة على ذلك لا توفر القوانين الحالية أي امتيازات خاصة للمستثمرين الذين يستثمرون في قطاعات معينة، ويعني ذلك في جوهره أنه يوجد تفرقة بين من يستثمر في نشاط ذي طبيعة إنتاجية مثل الصناعة ومن يستثمر في نشاط ذي طبيعة فردية يهدف إلى مراكمة الثروة مثل الخدمات المالية، حيث ينال كلا المستثمرين نفس المعاملة الضريبية على سبيل المثال.
وبحسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2017، والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مصر فى 2016 بنسبة 17.1%، لتسجل 8.1 مليار دولار مقابل 6.92 مليار دولار فى 2015، وتمثل 13.6% من إجمالي الاستثمارات الوافدة إلى إفريقيا فى 2016، رغم تراجع الاستثمارات الموجهة إلى إفريقيا خلال 2016 بمعدل 3.5%، عن عام 2015 البالغة 57.4 مليار دولار.
14 شركة متعددة الجنسيات في مصر
وأوضح التقرير، أنه وصل عدد هذا النوع من الشركات فى مصر حتى 2017، إلى 14 شركة متعددة الجنسيات، متقدمة على البرازيل التي لديها 12 شركة، و6 شركات باليابان وخمس أخرى فى كولومبيا بالإضافة إلى 27 شركة بدولة قطر و50 أخرى بالإمارات العربية المتحدة، وتستحوذ الصين وحدها على عدد 257 شركة.
والشركات متعددة الجنسيات المملوكة للدول وفقًا للتقرير هي كيانات اقتصادية منفصلة، تؤسس من قبل الحكومات، للدخول فى أنشطة تجارية تشمل عمليات الاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI، عن طريق امتلاك شركات تابعة بالخارج، أو الشراكات التعاقدية غير حصص الملكية non-equity mode، وبشرط أن تمتلك الحكومة الحصة الذهبية بها والتي لا تقل عن 10% من رأسمال الشركة.
حصة عادلة من الضرائب
وفي 2 يوليو 2021، أشار الدكتور محمد معيط وزير المالية إلى اتفاق تاريخي توصلت له 130 دولة منها مصر يتعلق بمجال الضرائب الدولية حول كيفية توزيع الضرائب المتعلقة بالشركات متعددة الجنسيات، وبصفة خاصة الشركات العاملة في مجال الاقتصاد الرقمي عبر المنصات الرقمية دون وجود كيان قانوني لها في كثير من الأسواق العاملة بها.
وقال الوزير، إن هذه الدول اتفقت أيضا على وضع قواعد ضريبية جديدة تَحول دون تجنب الشركات متعددة الجنسيات دفع حصتها العادلة من الضرائب في مختلف دول العالم التي تعمل بها من خلال تطبيق حد أدنى لسعر الضريبة لا يقل عن 15%.
الشركات الرقمية
وأضاف وزير المالية، أن هذا الاتفاق تم التوصل له خلال أعمال المؤتمر الثاني عشر لأعضاء الإطار الشامل لبرنامج مكافحة تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح وهم 139 دولة على مستوى العالم بما فيها الدول الصناعية السبع الكبرى ونظمته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وشارك في أعماله أكثر من 650 ممثلا عن الحكومات والمنظمات الدولية.
وأكد وزير المالية، أن هذا الاتفاق التاريخي يحافظ على حقوق مصر من حصيلة الضرائب على نشاط الشركات متعددة الجنسيات في مصر؛ حيث إنه يكلل جهود وزارة المالية في مكافحة عمليات نقل الأرباح والتآكل الضريبي، متوقعا أن يسهم هذا الاتفاق الدولي في تعزيز الإيرادات الضريبية لمصر من نشاط شركات العالمية العاملة بالاقتصاد الرقمي.
شركات الاقتصاد الرقمي تتهرب من دفع الضرائب
ويقول الدكتور خالد الشافعي مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث العلمية، إن مصر عانت لسنوات من أزمة عدم قدرتها على تحصيل ضرائب على نشاط بعض الشركات متعددة الجنسيات العاملة في السوق، وكان هناك صراع كبير قبل أكثر من عامين على ضرائب فيسبوك وتويتر وجوجل وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات، ولا أحد كان يعرف آليات معينة لتحصيل ضرائب على أنشطتهم في السوق المصرية.
وأضاف الشافعي، أن الاتفاق الذي توصلت إليه 130 دولة سيكون وسيلة للحفاظ على حقوق مصر الضريبية من الشركات متعددة الجنسيات العاملة في السوق، لذلك ننتظر آليات تطبيق هذا الاتفاق، خاصة أن شركات الاقتصاد الرقمي تتهرب من دفع الضرائب، كما أنه لا وجود لها فى السوق من حيث مقر أو إدارة يمكن التواصل معها، لذلك دائما ما تعاني وزارة المالية ومصلحة الضرائب عند تحصيل هذه الضرائب؛ لأن الشركات متعددة الجنسيات لها وسائل للتهرب من دفع الضرائب، وهذا ليس بغريب وليس في مصر فقط، لكن دول كبيرة عانت لسنوات لدرجة أنها لجأت إلى رفع قضايا ضد هذه الكيانات والشركات الضخمة التي تتهرب من مسئوليتها، وكانت الشركات تلجأ إلى الدول ذات الملاذات الضريبية الآمنة، التي لا تفرض ضرائب عليها لذلك، فإن هذا الاتفاق مجرد بداية لحصار نشاط الشركات العالمية العاملة في مصر دون دفع ضرائب.
ودعت بعض الحملات لمقاطعة بعض منتجات الشركات التي تدعم إسرائيل خاصة الشركة الأم الدولية، حيث تشن حاليا إسرائيل حربا ضد قطاع غزة وتقصف البنية التحتية بها من مستشفيات ومرافق كهرباء ومياه ومنازل مأهولة بالمدنيين.
وبدأت شركات مصرية بالفعل، استغلال حملة المقاطعة الشعبية للمنتجات الغربية وخاصة الأمريكية، التي اتسع نطاقها وانتقلت من منصات التواصل الاجتماعي إلى أكبر المحال والسلاسل التجارية ووصلت إلى محال البقالة الصغيرة.
تراجع مبيعات الشركات الأمريكية
وبسبب تراجع المبيعات الخاصة بمنتجات الشركات الأجنبية وابتعاد شريحة كبيرة من المصريين عن الماركات التي تحمل أسماء شركات أجنبية، يواصل الوكلاء تقديم عروض وخصومات ضخمة وصلت في بعض المنتجات إلى أكثر من 50%.
وبخلاف ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الخصومات الضخمة التي أعلنها ستاربكس، فقد أعلنت مصانع إريال وبرسيل وباقي المنتجات المتخصصة في مجالات متعددة عن تخفيضات كبيرة.