اقتلها داخلك تكن رجلا
لعل هذا العنوان فيه بعض الغموض، وربما يتساءل القارئ للوهلة الأولى من المقصود وعن أي شيء يتحدث الكاتب.
حديثي هنا لكل شاب يهوى فتاة ويتمناها زوجة له أو يرتبط بها عاطفيا أو حتى بشكل رسمي، ثم تتغير مشاعرها تجاهه فترفض الزواج منه وتقرر إبعاده عن حياتها.
سمعنا في الفترة الأخيرة عن أكثر من جريمة قتل لفتيات على يد شباب بدافع الرغبة في زواجهن ورفضهن لهذا الأمر أو هكذا يقال، وكان الحادث الأشهر من هذا النوع هو مقتل الطالبة نيرة أشرف ذبحا على يد زميلها الشاب محمد عادل أمام بوابة جامعة المنصورة.
وقتها قامت الدنيا ولم تقعد وأصيب المجتمع بصدمة كبيرة كونها كانت جريمة بشعة في وضح النهار وسط الشارع أمام الناس، وقد أثار هذا الحادث جدلا كبيرا بسبب ظروفه وملابساته، لدرجة أن القاتل وجد تعاطفا لدى كثيرين، لدرجة أن هناك من تبرع بالملايين لدفع أتعاب المحامي الراحل فريد الديب حتى يتقدم بطلب نقض الحكم بإعدام عادل وفي النهاية تم إعدامه، وقد رحب الذين ظنوا أن الموضوع فقط هو إعدام القاتل بخبر تنفيذ الحكم فيه.
أنا من الذين قالوا وقتها بأن الأمر ليس مجرد جريمة عادية يعاقب فاعلها وانتهى، ولكنه يحتاج إلى بحث ودراسة لو أردنا تفادي حدوث مثل تلك الوقائع.
وذلك بكل أسف لم يحدث، وتكررت المأساة أكثر من مرة.
حتى الأربعاء الماضي فوجئنا أن القتل الذي بدأ أمام الجامعة انتقل إلى داخلها، حيث مقتل موظفة تعمل بكلية الآثار جامعة القاهرة تبلغ من العمر 28 عاما، بيد زميلها وأيضا الدافع هو نفسه الذي نتحدث فيه.. رغبة في الزواج قوبلت بالرفض ثم تطورت الأحداث وهذه المرة وفر الجاني على القضاء معاناة مقاضاته وأنهى حياته بنفس سلاح الجريمة حيث أطلق النار على نفسه في أحد الأكمنة بمحافظة الإسكندرية عندما وجد أنه سيتم القبض عليه.
والسؤال هنا لكل شاب يظن أن عدم زواجه من فتاة معينة يعد نهاية العالم.
من قال لك أن ارتباطك بها سوف يمنحك السعادة لهذا الحد وكيف تضمن ذلك خاصة أنها لم تبادلك نفس المشاعر؟
وأيضا هل الحمقى الذين يقدمون على قتل فتيات بزعم الحب حققوا شيئا مفيدا بذلك أم أنهم يدمرون أنفسهم وربما أسرهم أيضا لأنهم يجلبون لهم العار والخزي.
وهنا أيضا لابد أن أتوجه لكل فتاة يمكن أن تتعرض لموقف كهذا بنصيحة.
الجريمة بالطبع لا يمكن تبريرها، ولكن قد يؤدي البحث في دوافعها إلى الحد منها وعدم تكرارها.
وسوف أقولها بكل صراحة.. لا يمكن أن يقتنع عاقل أن شاب يمكن أن ينهي حياة فتاة فقط لأنها لا تريد الرواج منه بهذا الشكل، وإنما ربما حدثت أمور أخرى أوصلت الأمور إلى طريق اللاعودة ومنها بلا شك أن الرفض حدث بشكل مهين للكرامة فحول الحب إلى كراهية، وانتقلت الرغبة من الزواج إلى الانتقام، ولذلك نصيحتي للفتيات أن يتحلين بالحكمة في التصرف بالأمر، ولكل فتاة أو سيدة ممارسة حقها في اختيار الشريك لكن دون خداع أو المساس بمشاعر الآخر وإهانته.
للأسف حالة النفخ السائدة للمرأة خلال السنوات الماضية واللعب في عقلها بشعارات خداعة وضعتها في مواجهة الرجل بشكل مباشر، ومن نتائجها ذلك الصراع الذي تحول إلى دموي مخيف، وربما تكون تلك بداية لمرحلة أكثر تعقيدا إن لم يتم تدارك الأمور وضبطها من كل الجوانب.
وبالعودة إلى الشاب الذي قد يتحجج بموضوع الكرامة إزاء ارتكاب جريمة قتل لفتاة أو سيدة، ورغم ما ذكرته.. أقول له لو أن كرامتك بالفعل موجودة لحفظتها بعدم ملاحقة من يرفضك، ولتعلم أن ما تعيشه هو مجرد وهم وضعف، ولبس حبا أبدا، وإذا كنت رجلا حقيقيا فاقتلها بداخلك بدلا من إزهاق روحها هكذا بمنتهى الجبن والوضاعة.