الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بين إهمال وإعمال العقل

الأربعاء 20/سبتمبر/2023 - 12:47 م

ذكرت سابقا في مقالي الذي جاء عنوانه: «عندما يصبح الفقر فكرا»، أن الفقير الحقيقي هو الذي يكون هواه تابعا لهواه، فيسمح لنفسه أن يفنيها في أسافل الأمور، حينها لن يستطع أن يغير حياته ويتخلص من هذا الفقر إلا إذا استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية، فقديما قالوا: حياة المرء هي ما تصوغها أفكاره.

عندما يكون الإنسان حريصًا جدًا على صحته الجسدية ويتجنب تناول الأطعمة الضارة، يبدو أنه يفهم أهمية العناية بجسمه. لكن، ماذا عن رعاية عقله وصحته النفسية؟ لماذا يميل إلى وضع أفكار مسمومة في مركز تفكيره، أفكار قد تتسبب في تآكل حياته وتؤثر سلبًا على صحته العقلية والجسدية؟ لماذا نقوم بإطعام عقولنا الجائعة من سلة المهملات؟ لماذا نسمح لأفكار سلبية وتشاؤمية بالاستيلاء على ذهننا حتى نعيش في دوامة من الحزن واليأس؟

قد يكون لدينا العديد من الأعذار لتبرير تلك الأفكار السلبية. قد نقول إنها مجرد أفكار عابرة أو أنها نتيجة للضغوط اليومية التي نواجهها. ومع ذلك، فإننا ننسى أن تلك الأفكار تتراكم مع مرور الوقت وتؤثر تدريجيًا على حياتنا بطرق لا يمكن تصورها.

تخيل لو كنت تتناول وجبة يومية أدت إلى تدهور صحتك الجسدية، هل ستستمر في تناولها؟ بالطبع لا، لأنك تعلم تمامًا أنها ستؤذيك وتسبب لك أذىً بالغًا. ولكن عندما يتعلق الأمر بأفكارنا، فإننا نقبل على تناول السم الذي يتسبب في تآكلنا الداخلي ويؤدي إلى انهيارنا النفسي.

إنه أمر محزن حقًا أن نشهد هذا الإهمال الذي يُدخِل الأفكار السامة والضائعة إلى عقولنا. فعندما نقوم بتناول طعامٍ غير صحي، فإننا نشعر بالندم لاحقًا على تلك القرارات السيئة. ولكن، ماذا عن تلك الأفكار التي تدخل عقولنا وتؤثر على حياتنا بطرق تفوق تأثير الطعام السيء؟ هل نشعر بندمٍ مماثل على تلك الأفكار التي تجعلنا نشعر بالاكتئاب، والقلق، وعدم الثقة بأنفسنا؟
لماذا نضيع أنفسنا بهذه الطريقة؟ لماذا نتحمل الألم والمعاناة الناجمة عن هذه الأفكار السامة؟ لماذا لا نكون حذرين ونعتني بعقولنا بنفس القدر الذي نعتني به بأجسادنا؟
قد يكون الجواب في عدم الوعي الكافي بقوة الأفكار وتأثيرها العميق على حياتنا. قد نظن أنها مجرد أفكار عابرة، لكن الحقيقة أنها تشكل دورا رئيسا في كيفية تفكيرنا وتصرفنا.

لذلك، علينا أن نواجه أنفسنا ونتوقف عن إطعام عقولنا من سلة المهملات السلبية. يجب أن نكون حذرين ونحاول التفكير بشكل إيجابي وتغذية عقولنا بالأفكار البناءة والملهمة. يجب أن نتذكر أننا نستحق السعادة والراحة النفسية، وأنه من حقنا تحقيق أحلامنا والازدهار في حياتنا.
لنتذكر أننا أقوياء وقادرون على التغيير، وأن القوة الحقيقية تكمن في قدرتنا على التحكم في أفكارنا وتوجيهها نحو الإيجابية.
فالحياة قصيرة وقد لا نحصل على فرصة ثانية. لذا دعنا نأخذ الحياة بكل جوانبها ونسعى للتغذية العقلية الصحية.

تابع مواقعنا