أمريكا تقود مشروعا جديدا لربط الشرق الأوسط بالسكك الحديدية.. هل يشعل المنافسة مع مبادرة الحزام والطريق الصينية؟
سعت الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق؛ التي أطلقها الرئيس شي جين بينج، وموّلت مشروعات بنية تحتية بقيمة مئات المليارات من الدولارات في الأسواق الناشئة، كما عزّزت الصين علاقاتها مع دول الشرق الأوسط؛ ما ساعد على تحقيق انفراجة بين السعودية وإيران في وقت سابق من هذا العام.
صراع حول النفوذ والهيمنة بمنطقة الشرق الأوسط
الصراع بين الدولتين الكبريين حول السيطرة على المشروعات الكبرى بمنطقة الشرق الأوسط لا ينتهي؛ فأمريكا أعلنت اليوم خلال قمة العشرين دعمها لمشروع ضخم تقوده السعودية، وهو عبارة عن ممر اقتصادي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهو ما اعتبره الرئيس الأمريكي أنه "سيغيّر قواعد اللعبة".
ووقعت حكومتا السعودية والولايات المتحدة اليوم مذكرة تفاهم؛ لوضع بروتوكول يسهم في تأسيس ممرات خضراء عابرة للقارات، ويهدف المشروع إلى تعزيز أمن الطاقة وجهود تطوير الطاقة النظيفة، وتيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وتعزيز التبادل التجاري، وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.
ومؤخرا وقّع المغرب والصين اتفاقية تهدف إلى زيادة التعاون بين البلدين بشكل كبير، في إطار مبادرة الحزام والطريق المشتركة في بكين.
وبموجب الاتفاقية، ستشجع حكومة الصين الشركات الصينية الكبرى على الاستثمار في المغرب في مختلف القطاعات، بما في ذلك صناعة السيارات والطيران والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية وغيرها.
وأصبح المغرب في عام 2017 أول بلد مغاربي ينضم إلى المبادرة، وتتضمن الاتفاقية إقامة مشاريع واسعة النطاق في مجالات التكنولوجيا، والتجارة، والزراعة.
مبادرة الحزام والطريق
وأطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، وهي مشروع بنية تحتية ضخم يهدف إلى توسيع روابطها التجارية من خلال بناء الموانئ والسكك الحديدية والمطارات والمجمعات الصناعية، وتوسيع نطاق نفوذها السياسي في العالم.
وقال الرئيس شي جينبينج في قمة عُقدت في العاصمة بكين وقتئذ حضرها العشرات من رؤساء الدول، إن التجارة هي المحرك الأهم للتنمية الاقتصادية.
وأضاف: في سعينا لتنفيذ مشروع الحزام والطريق، لن تطأ أقدامنا السبيل القديم، سبيل الصراعات بين الأعداء، بل سنخلق نموذجا جديدا للتعاون والمنافع المشتركة وقال: علينا أن نبني هيكلا مفتوحا للتعاون، وأن نساند وننمي اقتصادا عالميا مفتوحا.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز الأواصر التجارية بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، والقارات الأبعد.
ويشمل الاستثمار الصيني الذي يهدف إلى تمتين علاقات البلاد مع شركائها التجاريين 9 مليارات دولار على شكل معونات للدول النامية والمؤسسات الدولية التي تشكل جزءًا من مشروع الحزام والطريق.
وحاول الرئيس شي في كلمة ألقاها وقتها أمام المشاركين في القمة، طمأنة الغرب بأن المشروع - الذي يلقب بطريق الحرير الجديد - ليس مجرد وسيلة لتعزيز نفوذ الصين على المسرح الدولي، مشددًا على أنه قد آن الأوان للعالم ليشجع التنمية الحرة وبناء أنظمة تتبع قوانين تجارة واستثمار نزيهة وعقلانية وشفافة.
ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، تعد الصين أيضا أكبر مستثمر أجنبي في المنطقة؛ حيث تبني بنية تحتية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.
المشروع الأمريكي في مواجهة المشروع الصيني.. من يربح؟
أمريكا في ذات الوقت ترى في المشروع الذي تؤيده أنه مشروع -وذلك حسب الرئيس الأمريكي جو بايدن- "سيغيّر قواعد اللعبة" ويشكل خطوة هائلة إلى الأمام، بحسب كلمة له في قمة مجموعة العشرين اليوم.
وأضاف: سنستثمر مع شركائنا في خط السكك الحديدية الجديد الذي يبدأ من أنجولا ثم الكونغو وصولا إلى زامبيا والمحيط الهندي، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيؤدي إلى خلق فرص عمل، وازدهار التجارة، وتقوية سلاسل الإمداد والاتصال والتواصل بيننا، وهو ما سيجعل الأمن الغذائي في وضع أفضل.
وحضّ الرئيس الأمريكي على ما سمّاه انتهاز الفرصة، والتعظيم من استثماراتنا الجماعية؛ لنجد شركاء جددًا، ونفتح المجال أمام رؤوس الأموال الجديدة.
معركة تكسير العظام
الأمر إذن وفق كثير من الخبراء أصبح صراعا بين قطبين كبيرين من أقطاب العالم الاقتصادية حول مشروعات الشرق الأوسط؛ وهما أمريكا والصين، فأي المشروعات سيُكتب له النجاح؟.
ببساطة، يرى الخبراء أيضا أنه منذ وصول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، والحديث عن الصين يتردد في كثير من التصريحات، وهو ما يمثّل استمرارا لسياسة الإدارة السابقة التي فتحت جبهة صريحة للحرب الاقتصادية مع بكين، فيما اعتبره البعض معركة تكسير عظام بين القوتين الأكبر في العالم، وفي ظل تلك المنافسة الشديدة تضغط كل قوة لفرض نفوذها على جبهات عديدة؛ لتحصيل أكبر قدر من النقاط، ويتجلى ذلك في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.