السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ما الفرق بين البقشيش والرشوة؟.. الافتاء توضح

الفرق بين البقشيش
دين وفتوى
الفرق بين البقشيش والرشوة
الخميس 24/أغسطس/2023 - 10:28 ص

أجابت دار الإفتاء على سؤال ورد لها عبر موقعها الرسمي نصه: يقوم بعض الناس بإعطاء بعض العمال مالًا لتقديمه له خدمة جيدة، أو لعلمه بفقره وحاجته؛ خاصة أنه قد انتشر خلال الآونة الأخير ظاهرة العمل بدون أجر من صاحب العمل وإنما يكون العمل في مقابل البقشيش. وقد يدفعه الإنسان ليدفع تهمة البخل عن نفسه. فهل هناك فارق في الحكم الشرعي بين البقشيش والرشوة؟

 

الفرق بين البقشيش والرشوة

وقالت دار الإفتاء في فتوى سابقة: الرشوة لغةً تطلق على ما يعطيه الشخص لحاكم وغيره ليتحصل على مراده. "المصباح المنير" للفيومي (مادة: ر ش و).

وأضافت، وأما معناها في الاصطلاح فلا يبعد عن معناها في اللغة؛ فقيل: [هي ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل]. "التعريفات" للجرجاني (111، ط. دار الكتب العلمية)، متابعة: وقيل: [هي ما يبذل للغير لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنَ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ]. "مغني المحتاج" (6/ 288. دار الكتب العلمية)، وأما كلمة البقشيش فليست بعربية؛ لكون مادتها لا تعرف في لغة العرب، قال العلامة اللغوي أبو بكر بن دريد في "جمهرة اللغة" (1/ 344، مادة: (ب ش ق)، دار العلم للملايين): [البقش وَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب الصَّحِيح] اهـ.

وتابعت، وأما معنى البقشيش في العرف: فهو مقابل للهبة والعطية؛ لكونه يدفع بلا عوض؛ قال العلامة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (5/ 231، ط. المكتبة العلمية): [الهِبَة: العَطِيَّة الخاليَة عن الأعْوَاضِ والأغْراض]. اهـ.

وأردفت، وقال الإمام النووي في "المنهاج" (3/ 558- 559، ط. دار الكتب العلمية -مع شرحه: "مغني المحتاج"-): [التَّمْلِيكُ بِلا عِوَضٍ هِبَةٌ] اهـ.

واستكملت، هذا من حيث المعنى، أما من حيث الحكم: فالرشوة حرامٌ بلا خلاف، وهي من الكبائر. وقد وردت الأدلة متضافرة على ذلك؛ منها: قول الله تعالى في معرض ذمه لبعض أهل الكتاب: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42] قال الحسن وسعيد بن جبير: "هو الرشوة".

وقال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]، ووجه الدلالة في الآية ظاهر؛ حيث نهى عن هذا الفعل، ووصفه بأنه باطل وإثم.

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ" أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ووجه الدلالة منه: اللعن الواقع فيه على فاعل ذلك، واللعن على فعل من علامات كبائر الذنوب.

وأردفت، وأما ما يسميه الناس بالبقشيش: فالأصل فيه أنه يُعطى على سبيل الهبة، وعن طيب خاطر، فيشمل الهدية -وهي التي يراد بها إكرام المهدى لا غير- والصدقة -وهي التي يراد بها وجه الله تعالى-، فهي مشروعة على هذا الوجه. "تحقيق القضية بين الرشوة والهدية" للنابلسي (ص: 138، رسالة ماجستير بجامعة الملك عبد العزيز).

وأضافت، والأدلة على مشروعية العطية والهبة قد لخصها العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 558، ط. دار الكتب العلمية) بقوله: [وَالأَصْلُ فِيهَا -أي: الهبة- قَبْلَ الإِجْمَاعِ: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [البقرة: 117]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ﴾ [النساء: 86]؛ قِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهَا الْهِبَةُ، وَأَخْبَارٌ؛ كَخَبَرِ "الصَّحِيحَيْنِ": «لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ»؛ أَي: ظِلْفَهَا، وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْهِبَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وَالْهِبَةُ: بِرٌّ، وَلأَنَّهَا سَبَبُ التَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ؛ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادُوْا تَحَابُّوا»، وَقَبِلَ صلى الله عليه وآله وسلم هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ الْكَافِرِ وَتَسَرَّى مِنْ جُمْلَتِهَا بِمَارِيَّةَ الْقِبْطِيَّةِ وَأَوْلَدَهَا، وَقَبِلَ هَدِيَّةَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ، وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَهَادَاهُ أَيْضًا] اهـ.

وأختتمت، والفرق بين الرشوة والبقشيش يظهر من الموضوع والغاية، وقد تكلم العلماء على هذا عند كلامهم على الفرق بين الرشوة والهدية، فما يُدفع إلى الحكام ونحوهم للحكم للراشي غير جائز، أما العطية والإكرامية ونحوها مما يعطى للعمال الفقراء والمساكين فهو على أصله أنه مستحب، والأمور بمقاصدها، ولذا كانت النية دليل تفريق بين الأمرين المشتبهين في الصورة والهيئة مع اختلافهما في الحكم أو الغاية؛ يقول الإمام ابن قدامة في "المغني" (6/ 41، ط. مكتبة القاهرة): [النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَقَالَ فِي اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ»] اهـ.

تابع مواقعنا