الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قراءة ثقافية في ملك الخنازير.. صهيونية وديانة إبراهيمية.. فما علاقتهما بالأدب؟!

السبت 19/أغسطس/2023 - 04:24 م

طُرح خلال شهر يونيو رواية تحمل اسم صادم، عنوانها: "ملك الخنازير"، تعمدتُ وقتها قراءة تعليقات المنشور، وفي حقيقة الأمر جذب العنوان كثيرًا من القراء، بل إن دار المصري وقتها أصرت على إخفاء اسم الكاتب، أظن لإيمانها أن العمل ورسالته أقوى بكثير من التصريح عن أي معلومة سوى العنوان، أيضًا هي في الأصل عملية تشويقية، بعدها بمدة قصيرة صدر الغلاف حاملًأ صورة لسيدة ثلاثينية تدعى "بيتي تراشر"، هي الشخصية المحورية، بعدها بأيام جاء اسم الكاتب: "عمر عويس" يعلو اسم الرواية التي تحمل مجموعة مكثفة من الرسائل الرمزية التي لا يمكننا أن نجعلها تمر مرور الكرام. يدل هذا على مهارة القلم الذي كتب هذا التناغم الثري داخل عالمه الإبداعي.

قررت شراء الرواية قبل عيد الأضحى، عندما جذبني النص الدعائي المعروض على صفحة الدار؛ لتكون رحلتي لحقبة الأربعينيات أيام عيديَ المحفوف بالسعادة وسط دفء العائلة "كانت تردد: بداخلي جمال وقبح، لا يحب أي منهما الآخر.. الجيرة لم تشفع للتآلف بينهما، وعظامي ينخر سوس الفصام فيه.. بداخلي قبح مذهل وجمال بغيض، بنى المارة أسوارا بينهما.. فكيف أدري، أي الجارين سيموت حاميه؟ عندما ترى بيتي من الخارج من الممكن أن تصفها بأنها معقدة، متناقضة، ذكية للغاية، جميلة بشكل مختلف، شقية، لكن من المستحيل أن تصفها بأنها متدينة.. ربما كانت تلك غايتها من البداية، ليس التدين بالتأكيد، لكنه البحث عن المستحيل. كانت مصابة بالهستيريا، هؤلاء الذين يبحثون عن كل ما هو مبالغ فيه لتحقيقه ثم التفاخر به. ولكونها تربت على يد أم تكثر من الحديث عن الدين والفلسفة دون تحقيق أهداف ملموسة، فهمت طبيعة مرضها جيدًا". لم يكن النص مجرد خطابًا عاديًا، لكنه يحمل العديد من الرمزيات، ما استفزني أكثر بعض القراءات التي أُخذت في عين الاعتبار على أنها مقال محكم! بالأخص أنها رمت العديد من الرموز والمعاني، فالعمل عبارة عن راسل ورسالة ومرسل إليه، فما جعلني أخفف من وطأة الغضب الداخلي الذي شعرت به أنني اعتبرته مجرد رأي! أيضًا لم تكن شرارة الاستنكار من اللاشيء، بل لأنني لاحظتُ أمرًا شديد الغرابة، أن أي رأي لا يتعمق داخل أغوار النص، ولا يفك شفراته يطلق بعض القراء عليه رؤية نقدية، رغم أن العملية النقدية تحمل رسالة واضحة؛ حيث إنها تفتح آفاقًا جديدة، وزوايا مرسومة لخطوط ثقافية تتشابك تاريخيًا واجتماعيًا؛ لتعطي الرؤى الجديدة المغايرة للنص، وتضيف معلومات غزيرة لم يكن يعلمها القارئ، وتشعل زر التنوير والتأييد على أن ما بين يد القارئ عملًا يستحق القراءة والاستمتاع به والاستفادة منه على كافة المستويات التي تحمل قراءة ثقافية للنص.

أفكار وشخصيات بين الحقيقة والخيال:

لا شك أن أي يعمل إبداعي يحمل في طياته مجموعة من الأفكار التي من المؤكد أنها لابد أن تتسرب في لغة الحوار أو في عناصر تكوين الشخصية، لكن المغاير أن الكاتب أخذ من الواقع شخصية وبث فيها من رحيق رؤيته الفنية خيالًا، هنا استرجعتُ ما قرأته في كتاب نقدي يتناول أهداف وغرض القراءة الثقافية التي تحمل رسالة سامية هذا عندما عرض لأهم كتابين من كتب الأدب العربي "كليلة ودمنة" و"ألف ليلة وليلة"، وكيف كان يتعامل النقاد في تصنيفهم وتحليلهم للعملين، فقد وصفوا الأول بالنص الذي يخاطب طبقة المثقفين؛ حيث يحمل معاني رمزية ثمينة، أمّا الثاني أنه أدب يخاطب جمهور العوام، يعني أقل مرتبة من مراتب الثقافة، وهذه النظرة في حقيقة الأمر تعد رؤية مجحفة لا تقرأ، ولا تتذوق، بل نظرة مؤسساتية تتعايش مع العمل على أنه خالٍ من أي تطوير، ولا تلاحظ جماليات الرموز، ودون الغوص في كلامٍ نظريًا، عندما قرأت "ملك الخنازير" استوقفتني بعض الشخصيات، ومدى براعة الكاتب في رسم خطها الدرامي في بناء السرد، وإحكام تطورها عبر كل فصل من فصول الرواية.

أكتب هذه المقالة محاولة بكل جهدي عدم حرق أي حدث من أحداثها؛ حتى لا أضيع جهد أضناه التعب لمدة سنوات طويلة؛ لأن إخراج نص بهذه البراعة أمر ليس بهينٍ. أقصد شخصية "بيتي تراشر" المرأة التي هربت من تحكمات أمها التي تتشدق دومًا بآراء فلسفية بحتة ربما تؤمن بها، وربما تبحث فيها عن شهوة ماتت داخلها، أمّا عن "بيتي" رفضت أن تكون صورة من أمها، بل رغبت في أن تكون إله نفسها والعالم معًا، مرة أحب شخصيتها حد الوقوع في غرامها، وتارة أبغضها! كأن الروائي يختبر داخل القارئ مقاييس الخير والشر! فإذا أحببتها –أقصد "بيتي تراشر"- سيكون على سبيل التعاطف كونها تعرضت للتحرش الجنسي على يد والدها، هذا الأمر الذي جعلها ترتقي بجسدها عن الجنس رافضة تلبية رغباته واحتياجاته، فقد أصبحت هي قوة نفسها العظمى التي تتحكم فيما يسمى بكيان "بيتي تراشر"، ولم يكن لها حلم سوى البحث عن قيمة لها، ربما لم تتعلم شيئًا سوىفلسفة "نيتشه" عن قيمة الإنسان رغم أنها فلسفة تشبخ العمارة التي هدمت على رأسه. لذا، تساءل الدكتور: "فؤاد زكريا" في كتابه عن مجموعة من الأمور الوجودية التي طرحها نيتشه: "فمن أين أتت القيم إذن؟ إن خالق القيم هو الإنسان. وليس لها خارج الفاعلية الإنسانية أي كيان واقعي؛ فالإنسان هو الذي أضفى على الكون كل ما فيه من معنى، ويظن مع ذلك أنه قد «اهتدى» إلى ذلك المعنى فحسب: "الحق أن الناس قد أَعطوا أنفسهم كل خيرهم وشرهم. والحقُّ أنهم لم يتلقوه، ولم يجدوه، ولم يهبط إليهم من السماء، ولو أدرك الإنسان عن وعي أنه هو خالق هذا البناء الشامخ من القيم، لعمل على تحقيق هذه الغايات التي يريدها لنفسه تحقيقًا واقعيًّا، ولازدادت ثقته بنفسه، وبقدرته المبدعة … ولكنه في واقع الأمر ينكر ذلك، ويوهم نفسه أنه قد «وجد» هذه القيم فحسب، وأنها هناك، مفروضة على الأشياء بالرغم عنه. فإذا ما أحس بأنها في وجودها مستقلة عنه، فلن يحاول أن يغير منها شيئًا، بل سيبقيها على حالها، وسيقبل الأمور على ما هي عليه...".

نفس الأسئلة التي طرحتها دماغ نيتشه، كانت النبتة التي ترعرعت داخل "بيتي تراشر"، التي حاولت أن تسخر كل من حولها ليخدموا فكرة أكبر لديها هي "الكيان"، دائما هذا اللفظ يحمل وراءه الكثير من الغموض والخوف معا كلمًا جاء صوت "بيتي" في حوار شعرت بهذه المشاعر؛ لأنها تبدو لك الخير رغم أن الشر مدفونًا في أعماقها. ظهرت هذا الأفكار عندما قررت السفر إلى مصر؛ لتكون الأرض التي عليها يُقام الكيان التي باتت تحلم به. الغريب في الأمر، أن الشخصية تتشابه مع شخصية جاء إلى مصر لسيدة تدعى "يليان تراشر" مبشرة مسيحية لقبت بـ "أم الفقراء"، أسست ملجأ للأيتام في مصر واستقرت في أسيوط، قصة الملجأ لا أعرف مدى صحتها، لكن يقال أنه كان هناك امرأة عجوز ماتت ابنتها وتركت لها حفيدتها الطفلة التيحرمت من رؤية أمها، لم تتحمل الجدة تربية الحفيدة، فقررت إلقاءها في النيل، سمعت "ليليان" القصة وقررت تبني الطفلة الرضيعة، ومن بعدها تأسست فكرة الأيتام ورعايتهم، حتى إن خلال بحثي عن الشخصية من فرط إعجابي بها داخل الرواية، أطلعت على بعض مقتطافت عن حب تلك المرأة لمصر "سارت الباخرة تعبر المحيطات.. حتى وصلت إلى أرض النيل الخالدة، بلاد الفراعنة الأمجاد. وعند وصولي توجهت إلى أسيوط؛ حيث وصلت إلى هناك في 26 أكتوبر 1910م، وقصدت جمعية "القس برلسفورد"، ولم يمض وقت طويل حتى شعرت بالحنين إلى وطني وأسرتي، ولكن سرعان ما تبدلت مشاعري، فإنني اليوم أفضل البقاء في مصر، وبعد ثلاثة شهور من وصولي، طلب مني أن أزور أرملة فقيرة تشرف على الموت، وذهبت لأجدها طريحة الفراش وهي تحتضر في غرفة مظلمة، لا يشاركها فيها سوى طفلتها التي لم تبلغ من العمر سوى شهور قليلة، وهي تتجرع اللبن من إناء من الصفيح متسخ، وقد أنتن اللبن واخضر لونه، والطفلة لا تزال تحاول أن تشرب منه، وما برحت الأم أن لفظت أنفاسها الأخيرة، وسلمت الطفلة إليَّ، فحملتها إلى البيت.. إن جسم الطفلة بدا كما لو تستحم منذ ولادتها، وبدت كما لو كانت ملابسها قد حيكت عليها.. لا يمكنكم أن تتخيلوا الروائح الكريهة التي انبعثت من تلك المخلوقة المسكينة، وعلت صيحات الطفلة وزادت؛ مما أقلق راحة المرسلات ليلا.. فما كان مني إلا أن استأجرت منزلا بجنيهين ونصف شهريا، واشتريت بالقليل الباقي من النقود بعض الأثاث".

الغريب في الأمر كيف استطاع "عمر عويس" تسخير الفكرة التي يكمن داخلها الخير ليحولها لفكرة شريرة تحمل العديد من التساؤلات التي تضمر العديد من الحقائق التي نعايشها الآن، لكن براعة الكتاب جعلتني أقف كثيرًا أمام حرفية الوصف والتوظيف داخل العمل. استطاعت "بيتي" أن تحرك الشخوص في فلك عالمها، مثل: "عزيزة السمان" المسيحية التي فقدت ابنتها وزوجها في غارة الحرب، تشبه من الواقع قصة افتتاح ملجأ "ليليان تراشر" وأم الطفلة الرضيعة التي ماتت، كل مافي الأمر أن "عويس" بدل الواقع إلى خيال؛ لينشر الأفكار التي يريد أن يناقشها لكن داخل عالمه الخاص. 

الدين الجديد: سمٌ مدسوسٌ في العسل:

تدور كل الشخصيات حول فلك الشخصية المحورية "بيتي" لتحقق حلمها في بناء كيان اسمه "تراشر"، ربما يحمل خيرها أو شرها، وذلك من خلال منظورها لرؤية الخير والشر، لكن في النهاية قد نجحت الشخصية في فتح عوالم جديدة للقارئ من خلال نص "عويس" الذي غاص داخل تلك الحقبة الزمنية، تأتي هنا شخصية "عزيزة السمان" المرأة المسيحية التي أحبت "عياد الخضر" الذي يظهر للناس أنه مسيحي رغم أنه يهودي، هنا الرسالة داخل العمل أكبر من مجرد شخصية رسمت على الورق لتخرج لنا فكرة "كيان" لدى كل إنسان يرغب في فكرة الخلود، لذلك سميت الفصول بأسماء رمزية، مثل: "طاووس ونعام"، "ثمرة الرب"، "اشتراكية الجنس"، "معضلة القنفد"، نعود مرة أخرى لعلاقة "عزيزة" و"عياد" وعلاقاتهماالتي نجم عنها ابن غير شرعي زرعة شيطانية تربت على يد "بيتي تراشر" بعدما أمتص رحيق أنوثتها "وباء الكوليرا". "عزيزة" التي قتلت نفسها بشعور الذنب أول مرة؛ لقتلها جماعة السبتيين الذين كانوا ينشرون عقيدتهم –لكن- ما فكرة هذه العقيدة؟  طائفة تنبذها كافة الطوائف المسيحية بسبب عقيدتهم الأقرب لليهودية، كان أقباط مصر في ذلك الوقت يحذرون من معتقداتها ويصفونها بالبدع، هذا الأمر الذي جعل "عزيزة" تضع السم للشياطين كما أطلقت عليهم فهم يستحقون الموت؛ لأنهم يدعون "هراطقة اليهود"، لكن لماذا؟! لأن يوم السبت كان ظلًا للأحد، وذبائح العهد القديم كانت ظلًا لذبيحة السيد المسيح على الصليب ذلك بالطبع في العقيدة المسيحية، لقد كتب معلم المسيحية "بولس" رسالة كاملة إلى العبرانيين (اليهود المتنصرين)، ليوضح لهم أن مجد المسيحية أكبر كثيرًا من المجد اليهودي، سواء من جهة: الذبيحة أو الهيكل أو العهد أو الكهنوت، لأن السبتيين يعتقدون أن السيد المسيح يشبه الإنسان في كل شيء حتى في الخطية الجدية، وفي إمكانية الخطأ والخطيئة، هكذا نسفوا عقيدة الفداء نهائيًا، الأمر الذي يهدد كل من يعتقد في هذه الهرطقة بالهلاك الأبدي. تُعدّ تلك الدائرة الأولى التي برزت فكرتها من خلال تشابك الأحداث التى تطورت بسرعة شديدة وفي ترابط محكم في كل فصل من فصول الرواية.

الديانة الإبراهيمية:

جاء في نص الرواية "لقد خلق الله الخير والشر، وهذا قبلناه كارهين، أما أن يزرعه داخل جنين، فهذا والله لا أفهمه، وأدعو الله ألا يكون إسرائيل من تلك الفئة قليلة الحظ في الآخرة". بعد وفاة "عزيزة السمان" وهروب "عياد الخضر" اليهودي، تبقى الطفل الرضيع "إسرائيل"، قررت "بيتي" أن يكون ابنًا لها عوضًا عن حرمان جسدها من ممارسة الجنس الذي كان من خلاله يمكنها الإنجاب؛ لتتبنى الطفل المشتت الذي لم تستطع أن تختار له ديانة محددة، فالأم مسيحية والأب يهودي!،لكن كيان "بيتي" كان الأكبر لها في الاختيار فقد حددت ما تريد "أما الدين فقد اختارت له "بيتي" الدين الإسلامي في الظاهر؛ كي لا يعاني من أي نبذ اجتماعي إن عاش ضمن الأقلية". أمام هذا الاقتباس سيأتي تحليلي وستنتهي المقالة، فعلى مدار فترة كتابة المقالة لم أحاول حرق أي حدث، لم أفكر في طرح العديد من القضايا السردية؛ لأن الرواية أكثر ما جذبني فيها الشخصيات وتمحور الأفكار حولها، ففي عالم الكتابة أصبح أصعب من الفكرة صناعة شخصية لها أيديولوجية وتاريخ على الورق، هذا ما نجح فيه "عويس"؛ لذلك لم أتناول أي عنصر من العناصر سوى الشخصية التي عليها يبنى السياق المنبثق منه تشابك العمل في إطاره المعرفي الثقافي. فهذه الزرعة الشيطانية التي نبتت من رحم "عزيزة" الخاطية التي اقترفت الخطيئة مع يهودي لتختار "بيتي" السبتية الإسلام، وما أكثر المسلمين في وقتنا الحالي الذين بلا إسلام، الذين يرفعون راية التطبيع، وما أكثر الأفكار المسمومة التي تضرب المعتقد في مقتل لنهوى جميعا نحو الهاوية بعدما نفقد هوايتنا وديننا، ظهور الشخصيات الثلاثة صنعت مثلث الأديان الثلاثة "اليهودية، المسيحية، الإسلام" وأفكار "الكيان" الكلمة التي لم ترد في الرواية واختصت بها شخصية "بيتي تراشر" التي تمثل الأفكار الصهوينية؛ كأن الرواية تقدم تاريخ التأسيس لفكرة الإيمان الواحد الذي يدعو إلى الديانة الإبراهيمية، الأمر المرفوض شكلا وموضوعا؛ لما فيه من إفقاد المرء أصله وعرقه وهوايته ومبادئه والأهم قضيته، فما يبدو لك خيرًا أصله شرٌ، فقد كثر الحديث خلال السنوات الأخيرة عمّا بات يعرف بـ"الديانة الإبراهيمية"، التي تدعو إلى صهر الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام، والمسيحية، واليهودية) في دين جديد واحد، لكن الجدل لم يتوقف حول هذا المخطط، ولن يبقى فينا بقايا ضمير؛ حيث أعلنت مؤسسات وشخصيات إسلامية رفضها القاطع له؛ لتداعياته الخطيرة على المعتقدات والثوابت الإسلامية بل ومعها المسيحية، إضافة إلى تداعياته على القضية الفلسطينية، فأرض الزيتون ليست مجرد ملف عربي بل هي قضية دينية في أساسها، وتمجيد لما تبقى لدينا من عروبة، التي باتت أن تنسى، أما عن شخصية "إسرائيل" التي مارست الشهوة والخطيئة مع الجسد الضعيف "سليم" الشاب الريفي المحبط الذي فعل الخطيئة مع الزرعة شيطانية المشتتة التي لا أصل لها، لم يرفض ولم يقبل شخصية سالبة وسلبية  "سليم" تمثل الصمت على كل شيء الذي يتبعه ندم في كل أمور الحياة، تجسد موقف الجميع لقبول أي فكرة وشيء في وقتنا الراهن، مثل: قبول المثلية التي تمرر عبر المنصات المختلفة، وتمثل المناقشات الطاحنة على شاشات التلفاز عن العقيدة ومناقشة الثوابت على أساس أنها شبهات وآراء فقهية يجب أن تُعدل على الرغم من أنه صلب الاعتقاد والإيمان، تمثلنا في مواقفنا التيتشبه زوجة نبي الله "لوط" عليه السلام.

في النهاية، لكل ناقد رؤيته حول العمل ورأيه الخاص تجاه ما يقرأ ولمن يقرأ... وفي رأيي عن "عمر عويس" قلم يستحق القراءة، يمرر أفكاره الفلسفية عبر الشخصيات، تتشابك عناصر السرد لديه في خط درامي واحد داخل عالمه الإبداعي؛ مما يدل على أننا أمام موهبة كبيرة وقلم قادرٌ على إمتاع القارئ الذي يريد أن يفكر، العمل يستحق القراءة أكثر من مره، ربما لدي مآخذ على الجرعة الفلسفة المكثفة التي أصابتني أحيانا بالخمول والملل عن استكمال الرواية، لكن ليس هناك أي عملٍ كاملٍ، لكن في رأيي نحن أمام عمل يضرب في الأعماق، ويعيد إعمال العقل الذي أصابه الصدأ؛ لقلة تفكيرنا واعتيادنا على تمرير ما هو معتاد عبر أدمغتنا. إن أهم من فكرة الرواية الرسالة الإنسانية التي تُقدمها للقارئ والمجتمع والعالم، التي أظن أنها أرقى الرسائل التي يقدمها الإبداع الأدبي.

تابع مواقعنا